ناصر بن محمد الزيدي:
عـنـدمـا تـتـألـم انسـانيـتـنـا لـهـذا الـظـلـم الـذي عــمـت بـلـواه، وأتى عـلى الأخضـر والـيابـس، نـتـألـم لأن الله عـز وجـل كـرم الإنـسـان، قال تعالى:(وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) (الإسـراء ـ 70).

ولـقــد رفـع الله سـبحانه وتعالى هـذا الإنـسان، وجـعـلـه خـلـيـفـة في الأرض، ألـيـق أن نـصـب جـام غـضـبـنـا عـلى كـرمـه الله وأحـلـه تـلك الـمـنـزلـة الـعـالـيـة الـرفـيـعـة، أن يـكـون لـقـمـة سـائغـة في أفـواه الـظـلـمـة والـطـغـاة أجـل، إنـنـا تـربـيـنـا في ظـلال قـولـه تعالى:(يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُونُواْ قَوَّٰمِينَ لِلَّهِ شُهَدَآءَ بِٱلْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَـَٔانُ قَوْمٍ عَلَىٰٓ أَلَّا تَعْدِلُواْ ۚٱعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌۢ بِمَا تَعْمَلُونَ) (الـمائـدة ـ 8)، وربـيـنـا عـلى هـذا في ظـلال قـول الله عـز وجـل:(مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا ..) (الـمـائـدة ـ 32).
إن ديـنـنـا الـحـنـيـف (الإسـلام) ربـانـا عـلى نـقـف عـنـد كلـمة نـفـس في قـولـه تعالى:(أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ) ولـم أجـد في كـتـاب الله تعالى، أعـم وأشـمـل مـن هـذه الـكلـمـة أي: كـلـمـة (نـفـس) تـتـمـتـع بحـيـاة كـسـائـر الـنـفـوس تقـتـل ظـلـمـًا وعـدوانًـا، وقـد شــدد الله في قـتـل الـنـفـس قال تعالى:(إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (الـمـائـدة ـ 33).

إن هـذه الـمشاعـر التي نـعــبر مـن خـلالـهـا عـن ألـمـنـا لـهـذا الـذي يـصاب به صـباح مساء إخـوة لـنـا، وجــيران لـنـا دون أي جـريـرة أو جـريـمة ارتـكـبـوهـا ودون أي مـوجـب، إن هـذه الـمشاعـر التي نعــبر عـنـهـا صـباح مسـاء ومـن مـن جـاءهـم هـذا الـظـلـم؟ مـن مـن يـدعي أنـه مسـلـم مـؤمـن، ويـقـوم بـتـلك الأعـمـال الـبـشـعـة باسـم الإسـلام والإسـلام بـراء، ولـفـائـدة مـن تـرتـكــب تـلـك الـجـرائـم؟، ألـيـس لـفـائـدة أعـداء الله ضـد عـبـاد الله.

أين الـذين يـدعـون ويـنـادون بحـقـوق الإنـسـان، وهـل مـا يـقـع في أرض الإسـلام والـمـسـلـمين، هـو مـن حـقـوق الإنـسان وطـبـقـا لـمـيـثـاق حـقـوق الإنـسان؟، إن الله مـا جـعـل أمـة محـمـد (صـلى الله عـلـيه وسـلـم) خـير أمـة أخـرجـت للـنـاس إلا وأوكـل لـهـا مـا يـتـماشى مـع كـرامـة الإنـسان، قال تعالى:(كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ..) (آل عـمـران ـ 110).

أين دعـاة الإيـمـان الـذين يـأمـرون بالـمـعـروف، ويـنهـون عـن الـمـنـكـر، أيـن هي جـذوة الإيـمـان في قـلـوبـهـم مـالي أراهـا خـبـت وخـمـدت، وأظـن أنـنـا إلى نـقـطـة هـي أضـعـف الإيـمـان لـم يـقـل الـرسـول الـكـريـم:(مـن رأى مـنـكـم مـنـكـرًا فـلـيـغــيره بـيـده، فـإن لـم يـسـتـطـع فـليـغـيره بـلـسـانـه، فـإن لـم يـسـتـطـع فـلـيـغـيره بـقـلـبـه وذلك أضـعـف الإيـمـان)، ألـيـس هـذا هـو الـواقـع الـذين يـعـيـشـه الـعـالـم الإسـلامي؟ أين العـالـم الإنساني، أمـا آن أن يـلـم شـعـثـه ويـقـف الـمـوقـف الـذي يجـعـلـه أسـرة واحـدة، يـتعـاون بـكل فـئاته وجـمـاعـاتـه عـلى رفـع هـذا الـظـلـم الـذي يحـيـق بـأولـئـك الـمسـتـضعـفـين، بـهـذه الـمشاعـر ذاتـهـا التي تعــبر عـن آلامـنـا مـن هـذا الـذي وقـع بالأمـس ويـقـع الـيـوم وكل يـوم، ولا يـزداد الأمـر إلا تأزمًـا، نـاء بـكـلـكـلـه وأردف أعـجـازًا.

إن الإنسانـية كل لا يـتـجـزأ، لاسـيـمـا عـنـدما تـربـت في ظـلال دين الإسـلام، دين الله سـبحانـه وتعالى الـحـق، مـا ذنـب أولـئـك الآلاف الـبرآء الـذين يـعـكـفـون عـلى شـؤونـهـم وأمـورهـم ووظـائـفـهـم؟ مـا ذنـب أولـئـك الـبرآء أن تـتـحـول أبـنـيـتـهـم الـعـامـرة التي يـتـقـلـبـون فـيهـا عـمـالًا أو مـوظـفـيـن أو سـكـانًـا في رحـابـهـا، خـلال دقـيـقـة واحـدة إلى قـبـور تـأويـهـم وهـم أحـيـاء؟، مـا الـذنـب الـذي ارتـكـبـه أولـئـك الـنـساء الـرضـع والـبهـائـم الـرتـع والـرجـال الـخـشع، مـا الـظـلـم الـذي ارتـكـبـوه حتى تسـلـط عـلـيهـم نـيران إخـوانـهـم الـذي يـدعـون الإيـمـان، وهـم يـعـمـلـون مـا يـرضي الـشـيـطـان، أبـهـذا أمـرنـا ديـنـنـا الـحـنـيـف؟ أم نـفـتري عـلى الله الـكـذب، أيـهـا الـنـاس اجـعـلـوا مـن أمـر الله وحـكـمـه مـيزانـًا لإنسـانــية الإنسـان، تسـامـوا بإنـسانـيـتـكـم عــمـا تسـمـونـه الـمصـالح، تسـامـوا بإنـسـانـيـتـكـم عـمـا تسـمـونـه الـعـرق والـعـنصـريـة وغـير ذلك، مـمـا هـو مـن بـقـايـا الـجـاهـلـيـة الأولى، وقـد أكـرمـكـم الله بالإسـلام ، وجـعـلـكـم شـعـوبـا وقـبـائـل لـتعـارفـوا، إن أكـرمـكـم يعـنـد الله اتـقـاكـم.

.. وللـحـديث بـقـيـة.