على وقع الأهازيج الأفريقية

بيير نكرونزيزا: العمانيون كانوا رسل محبة وسلام والمؤتمر يعكس مدى التماسك الحضاري والثقافي بين بلدينا

عبدالله السالمي: العلاقات التي تربط السلطنة ودول البحيرات العظمى الأفريقية أكبر من مجرد علاقات دولية

كهلان الخروصي: العمانيون الذين وصلوا إلى هذه الدول امتزجوا مع التنوع الموجود دون أن يثيروا أي عنصرية

حمد الضوياني: العمانيون حظوا باهتمام ورعاية أخوية من أشقائهم البورونديين اتسمت بالتسامح والتواصل والعيش المشترك منذ مئات السنين

المعرض الوثائقي يغطي فترات تاريخية مختلفة بداية من القرن السابع عشر وحتى القرن العشرين

بوجمبورا (بوروندي) ـ من خلفان الزيدي:
نوه فخامة الرئيس بيير نكرونزيزا رئيس جمهورية بوروندي بالدور الذي قام به العمانيون في دول البحيرات العظمى الأفريقية، وإسهامهم الحضاري والثقافي في المنطقة، مؤكدا أن العمانيين كانوا رسل محبة وسلام، واستطاعوا بناء علاقات ووشائج قربى مع إخوانهم في هذه البلاد.
وقدم فخامته الشكر الجزيل للسلطنة على الدعم الذي قدمته لجمهورية بوروندي بمناسبة الاحتفال بمرور (50) عاما على استقلال بلاده.
جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها فخامته آبان رعايته أمس حفل افتتاح المؤتمر الدولي الثالث حول (الحضارة والثقافة الإسلامية والدور العماني في دول البحيرات العظمى الأفريقية) الذي تنظمه هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بالتعاون مع المكتب الوسيط وجامعة بوروندي وجامعة السلام والتصالح بجمهورية بوروندي بالعاصمة بوجمبورا.
وتحدث فخامة الرئيس بيير نكرونزيزا عن أهمية المؤتمر الدولي الثالث حول الحضارة والثقافة الإسلامية والدور العماني في دول البحيرات العظمى الأفريقية، والذي تستضيفه بلاده على مدر أربعة أيام: بالقول: إن الخيار الصائب الذي وقع على بلادنا بإقامة هذا المؤتمر على أرضه، يعكس تمسك "بلدكم" "ببلدنا"، والقيم الاخلاقية التي تربط شعبينا، لا سيما قيم الحوار والتسامح والحرية الدينية والتعايش ضمن التنوع والاختلاف.
وأضاف: يعكس هذا المؤتمر مدى التماسك الحضاري والثقافي بين البلدين وأن هناك علاقات نسب بين العمانيين والبورونديين حيث يتزوج العمانيون من البورونديين والعكس وهناك عائلات عمانية ما زالت تعيش في بلادنا ونحن فخورون بذلك, كما أن العمانيين الذين يتواجدون هنا في الجمهورية يمتلكون الطابع السلمي في كافة نشاط حياتهم اليومي.
وبدوره قال معالي الشيخ عبدالله بن محمد السالمي وزير الأوقاف والشؤون الدينية رئيس وفد السلطنة إلى المؤتمر: إن العلاقات التي تربط السلطنة ودول البحيرات العظمى الأفريقية أكبر من مجرد علاقات دولية، حيث تمتد صلات القربى بين شعبي البلدين.
وتناول معاليه العلاقات العمانية الأفريقية والتي تمتد منذ عصور قديمة، وقال إن هذا المؤتمر الحضاري القائم بين السلطنة ووجمهورية بوروندي هو فاتحة خير لتعاون مشترك بين البلدين.
وقال معاليه: إن ما بين بلدينا أكثر من سواحل تمتد على منطقة المحيط الهندي، فقد حضرنا فيه معا من الناحية الجغرافية والتعاون والتجارة، منوها: كان تاريخا شابه الكثير من الشوائب لكنه أسس لحضارة واحدة، لها خصائصها من طريق التمازج، وأضاف: علينا في هذا الإطار ونحن نمد أيادينا ونقترب من بعضنا أكثر وأكثر أن نضع نصب أعيينا أمرين إثنين، هما النظام المشترك الذي يجب علينا إحلاله في المنطقة ليحل الأمن والسلام، والتضامن والتعاون في صون المنطقة.
وذكر معاليه، في إشارته إلى بقاء الحضارات حتى ولو ذهبت الامبراطوريات، إلى أن أحدا لا يذكر هذا الغزو، وإنما يتذكرون العلاقات القائمة، والصلات المتجذرة، ووشائج القربى المترابطة.
رسالة سلام
وكان حفل افتتاح المؤتمر الدولي الثالث حول الحضارة والثقافة الإسلامية والدور العماني في دول البحيرات العظمى الافريقية، قد استهل برسالة سلام، قدمها فضيلة الشيخ الدكتور كهلان بن نبهان الخروصي مساعد مفتي عام السلطنة، تحدث فيها حول رسالة السلام الذي أتى بها الإسلام كمبدأ هام في رسالته السامية، مؤكدا على أن النصوص في القرآن الكريم تؤكد على رسالة السلام التي بنت عليها الحضارة الاسلامية في دول البحيرات العظمى الأفريقية، كما أكد فضيلته في رسالته أن الدين الإسلامي يحقق السلام حتى مع تنوع الحياة واختلاف الثقافات، فالعمانيون الذين وصلوا إلى هذه الدول امتزجوا مع التنوع الموجود دون أن يثيروا أي عنصرية، فذلك ما دعا إليه الإسلام الذي يؤكد على أن البشر خلقوا سواسية.
ومن جهة الجانب البوروندي تحدث البطريرك ايفاريست نجوياجوي برسالة سلام أكد فيها على التعاون بين الأديان في بوروندي والأنشطة المشتركة التي يعملون بها فيما بينهم، كما أكد أن العيش سويا مع المسلمين وبسلام، وتمنى للمؤتمر النجاح والتوفيق.
وقدم سعادة سعيد جمعة محافظ العاصمة بوجمبورا، كلمة ترحيب للمؤتمر، رحب فيها بفخامة الرئيس والوفد العماني وجميع الحضور، كما أكد في كلمته بنبذ الطائفية والتفرقة في جمهورية بوروندي، داعيا بكل التوفيق لهذا المؤتمر.

علاقات وطيدة ووشائج أسرية
وأشاد سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بالجهود الحثيثة والأعمال الجليلة التي بذلت في سبيل الإعداد والتحضير لأعمال هذا المؤتمر من قبل رئاسة الجمهورية والحكومة في بوروندي، مؤكدا أهميته التاريخية والحضارية والاجتماعية والثقافية، وهو ما تبرزه البحوث والدراسات التي تظهر من موضوعاتها وشائج القربى بين العمانيين وأهلهم وإخوانهم في شرق أفريقيا ودول البحيرات العظمى.
وقال سعادته في كلمته التى ألقاها في افتتاح المؤتمر: إن الوجود العماني في شرق أفريقيا ودول البحيرات العظمى تعزز بظهور الإسلام وأصبح التعايش نموذجًا للعيش المشترك وتأسيس ثقافة جديدة يسودها الاحترام والسلام بين الجميع في إطار منظور ينطلق من علاقات وطيدة ووشائج أسرية وأخوية مع عمان وقد أوجدت هذه الهجرات نتائج أهم عناصرها تقوية مواطن الاستقرار والعمل معا لتعمير الأرض واختلاف نمط العيش والسلوك كما أن الهجرات من الأقوام البشرية المختلفة وتنقلاتها عبر القارة الأفريقية مكنت الأقوام البشرية من التكيف مع الطبيعة التي استقرت فيها ووفرت مصادر رزقها وأوجدت التمازج بين الجماعات في العيش سلمًا وحربًا.
ووصف سعادته أفريقيا بأنها موطنًا للحضارات، وقال إن ذلك أهلها في التواصل مع الجانب الآخر من العالم وقد مهد ذلك في الهجرات العُمانية لساحل شرق أفريقيا ودول البحيرات العظمى قبل ظهور الاسلام وتعمقت الصلات بين عرب عُمان وافريقيا بصفة خـاصة مع ظهور الاســــلام الذي أعطى العلاقات العربية الافريقية بعدًا روحيًا وماديًا بالغ الأثر وارتبطوا بأنفسهم بمصالح مشتركة وامتزاج العرب العُمانيين وغيرهم بعلاقات الاختلاط والمصاهرة ونمت ثقافة جديدة ارتكزت على دخول الاسلام واللغة العربية مما أثر الواقع الاجتماعي والفكري واللغوي في دعم هذه الأدلة التاريخية وساعد الإسلام كثيرًا على صهر وتمازج العنصرين العربي والسكان المحليين وأسهمت الظروف الجغرافية من التداخل والتقارب بين الشركاء على التراب الأفريقي لاسيما الموجات الأولى لهجرة التجارة وخدماتها وأوجدت انفتاحًا قسريًا بسبب الطرق البحرية ومواسم الإبحار مما شجع على الاستقرار وأوجد ظروفًا تاريخية مشتركة وميولًا سياسية استطاعت أن تشكل نوعًا من التحالف والتنافس والعيش والتعايش وتأكيد الأدوار الاجتماعية وتحديدها وتأصيل أسلوب ونمط العلاقة مع سائر البشر فيما يجمعهم من النظرة الإنسانية لمقتضيات الحياة ومتطلباتها وفق العيش والانتماء سويًا في وطن يتسع لجميع فئاته.
وأكد سعادة الدكتور حمد الضوياني: إن مبادئ وتعاليم الإسلام عملت على إقامة قواعد المجتمع البشري على القيم السامية المتمثلة بالعدالة والحرية والمساواة بين جميع أبناء البشر بغض النظر عن دينهم ولونهم وجنسهم وعرقهم وفي ظل ما يشهده العالم من اضطرابات عديدة يجعلنا أحوج ما نكون للعمل على نشر أسباب السلم والعدل وخاصة احترام الشرائع السماوية مما يسهم هذا المسلك في حفظ ضرورات البشر في أرواحهم وأعراضهم وثقافاتهم واحترام خصوصياتهم الوطنية والقومية وعــدم انتهاك سيادة بلدانهم واستقرارهم وأمنهم وأن يجعلوا من هذا التنوع في الشرائع والأديان والثقافات والإمكانيات والمهارات البشرية منطقًا للتعاون وحافزًا للتكامل بين حقوق الإنسان وواجباته على مستويات المواطنة يتحقق من خلالها العدل وتصان كرامة الإنسان والعيش الآمن المستقر بين الناس جميعًا أفرادًا وجماعات.
واشاد سعادته بما حظى به العُمانيون من اهتمام ورعاية أخوية من أشقائهم البورونديين اتسمت بالتسامح والتواصل والعيش المشترك منذ مئات السنين، وأكد على أهمية العلاقة العُمانية الأفريقية.
وقال سعادته: إن عُمان ذات ماض عريق وتاريخ مجيد وحضارة ضاربة في أعماق التاريخ فأصبح لها سمعتها ومكانتها المرموقة على مستوى العالم مما مكن السلطان سعيد بن سلطان في القرن التاسع عشر لوضع الأسس الدبلوماسية الحديثة تمثلت في إرساء العلاقات الخارجية وعقد المعاهدات والتمثيل السياسي وإنشاء الوكالات وإرسال السفراء وتبادل الهدايا مع الرؤساء وزعماء العالم وارتباطه بعلاقات متوازنة مع الدول الأوروبية المتنافسة على المنطقة في إطار الاحترام المتبادل.
ونوه سعادته إلى أن تلك السياسة وفرت الأمن والاستقرار وأسهمت في ازدهار الحضارة والنهضة العُمانية لتصل في عهدها الزاهر الميمون بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم لتؤكد المواقف النبيلة والمبادئ السامية الرفيعة لحسن التعامل وثوابت المواقف ومد يد المحبة والسلام ونشر الطمأنينة والأمان.
واشار سعادته إلى أنه انطلاقًا من تلك المبادئ يأتي اهتمام هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية فـي الإعـداد والـتنظيم لـهذا المؤتمر "الحضارة والثقافة الإسلامية في دول البحيرات العظمى الأفريقية" بالتعاون مع المكتب الوسيط وجامعة بوروندي وجامعة السلام والتصالح.
دور العمانيين في نشر الإسلام
بعدها قدم الدكتور علي بن هلال العبري قصيدة شعرية بهذه المناسبة حملت عنوان "لحظات فارقة في بلاد الأفارقة"، تلى ذلك تقديم ورقة عمل المتحدث الرسمي للمؤتمر معالي الدكتور محمد خلفان روكارا الوسيط لجمهورية بوروندي، وجاءت بعنوان دور العمانيين في نشر الإسلام والثقافة الإسلامية في دول بحيرات العظمى الأفريقية، عرف في بدئها منطقة البحيرات العظمى، وقال إنها حاليا تشمل دول بوروندي ورواندا وأوغندا والكونغو الديمقراطية وتنزانيا، وهي من أغنى مناطق أفريقيا بالماء ومصادر الثروة، بل هي أغنى مصدر للماء في قارة أفريقيا فهي خزان ماء ضخم وهي منبع نهر النيل وهي الغنية باليورانيوم، والكوبالت، والنحاس، والألماس، والذهب، والأحجار الكريمة، وبها شلالات إنجا التي تكفي لسد احتياجات القارة الأفريقية من الطاقة الكهربائية.
وأكد معالي الدكتور محمد خلفان روكارا، أنه كان للعمانيين منــذ القدم دور رائـد في منطقة البحيرات العظمى الأفريقية على كافة المستويات، الديـنية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية والحضارية.
وقال إنه يقوم في بحثه بدراسة دور العمانيين في نشر الإسلام والثقافة الإسلامية في المنطقة من ناحيتين، الأولى دور الدعـاة العُمانـيين في نشر الإسلام والثقافة الإسلامية، والثانية دور العلماء العُمانيين في نشر الإسلام والثقافة الإسلامية، وودراسة تلك النواحي يكون من خلال بيان أهمية الموقع والقيمة الاقتصادية لمنطقة البحيرات العظمى من خلال تحليل التفاعلات المؤثرة، من الناحية الدينية والثقافية، والناحية الاقتصادية والعسـكرية، والناحية الاجتماعية والحضارية.
وكان مسك ختام حفل افتتاح المؤتمر دعاء ابتهل فيه الشيخ مهنا بن خلفان بن عثمان الخروصي إلى الله تعالى أن يحفظ هذه البلاد، ويمن عليها بالأمن والسلام، ويكتب لها التوفيق والرخاء.

معرض وثائقي مصاحب
وبعد حفل افتتاح المؤتمر، قام فخامة الرئيس بيير نكرونزيزا رئيس جمهورية بوروندي بافتتاح المعرض الوثائقي المصاحب، حيث تجول في مختلف جوانبه.
وقد تنوعت موضوعات المعرض حيث تتناول الوثائق المعروضة فيه فترات تاريخية مختلفة بدايةً من القرن السابع عشر وحتى القرن العشرين وتشمل وثائق توضح العلاقات التي تربط بين عمان ببعض دول العالم كبريطانيا، وفرنسا وألمانيا، وأميركا، وروسيا، وغيرها من الدول في مختلف المجالات السياسية والتجارية والاقتصادية وغيرها، كالرسالة المرسلة من وزير الخارجية الفرنسي إلى السلطان فيصل بن تركي يشكره على توفير بيت لإقامة القنصل الفرنسي في مسقط 24/8/1898م.
كما اشتمل المعرض على وثائق توضح تنظيم الحياة العامة داخليا كالأوامر السلطانية والقرارات، إعلان من السلطان تيمور بن فيصل إلى العموم يعلن فيه ضرورة استخراج تصريح للبضائع المرسلة إلى الهند وتصديقها 2/10/1916م، كذلك تشتمل على وثائق توضح بعض جوانب الحياة الاجتماعية والدينية والاقتصادية وغيرها، كرسالة من مديرة دائرة الواردات العامة إلى مدير الجوازات في مسقط يخبره بضرورة تطعيم المسافرين ضد مرض الجدري 25/1/1938م. كما اشتمل على بعض الصور والخرائط القديمة التي توضح المسارات البحرية الهامة والمناطق التي تمر عليها حركة التجارة العالمية في ذلك الوقت كخريطة توضح المسار من مسقط إلى كراتشي 1874م.
بالإضافة إلى بعض مقالات الصحف والمجلات العالمية التي تحدثت عن عمان وزنجبار، مثال ذلك مجموعة صور من مجلة ناشيونال جيوجرافيك لشهر فبراير 1952م توضح الحياة في زنجبار وأثر التواجد العماني فيها.
كذلك تم عرض بعض الصور عن عمان قديما وحديثا وأبرز مشاريع النهضة المباركة والعديد من المواقع السياحية التي تزخر بها السلطنة بالإضافة إلى عرض صور لمختلف الأنشطة والمجالات كالمجالات الزراعية والاقتصادية والاجتماعية كالفنون الشعبية التي تمارس في السلطنة، بالإضافة إلى مشاركة المرأة العمانية في مسيرة التنمية في جميع المجالات، بالإضافة إلى صور الزيارات الرسمية المتبادلة بين السلطنة وجمهورية بوروندي.
جلسات اليوم الأول
بعد افتتاح المعرض واصل المؤتمر عقد جلساته، حيث شارك بأوراق عمل كل من سعادة الشيخ أحمد بن سعود السيابي أمين عام مكتب سماحة المفتي العام ورقة بعنوان (الإسلام في مناطق البحيرات العظمى الأفريقية) أشار فيها إلى أن التواصل العماني مع مناطق البحيرات الوسطى نشط نشاطًا كبيرًا على عهد السلطان ماجد بن سعيد، ونشط أكثر فأكثر على عهد السلطان برغش بن سعيد الذي ظل ويظل اسمه على لسان كل أفريقي في شرق أفريقيا من السواحل وإلى مناطق البحيرات الوسطى، غير أن ذلك التواصل يرجع إلى ذلك العهد فكان تواصلًا تجاريًا مع عقد بعض التحالفات مع القبائل الأفريقية، ثم أخذ يشكل وجودًا أو استقرارًا للعمانيين شيئًا فشيئا. ونتيجة لذلك أخذ الإسلام ينتشر شيئًا فشيئًا متمثلًا في بناء المساجد، وبناء المدارس القرآنية، وتخطيط المدن والأسواق، والإصلاح الزراعي، ودخول عدد من الأفارقة ــ لا سيما زعماؤهم ـــ في الإسلام، وانتشار الثقافة الإسلامية، مشيرا إلى أن الوجود العماني امتد فيما بعد إلى جنوب أفريقيا منطلقًا من مناطق البحيرات الوسطى.
وقدم البروفسور تيموثي انسول أستاذ علم الآثار في جامعة مانشستر بالمملكة المتحدة ورقة بعنوان وجهات نظر أثرية حول العلاقات بين الساحل الأفريقي الشرقي ومنطقة البحيرات العظمى/ القرن الأفريقي الشرقي (1200/1900 ميلادية).
وقدم الدكتور أحمد بن ابراهيم الكندي استاذ مساعد بكلية العلوم التطبيقية بنزوى ورقة بعنوان (التمازج الحضاري العماني الأفريقي في منطقة البحيرات الأفريقية العظمى من خلال كتابات الرحالة والمستكشفين الغربيين) منوها فيها بأنه لم يقتصر وجود العمانيين في شرق أفريقيا على المناطق الساحلية منها وإنما أثبت العمانيون حضورهم في المناطق الداخلية وحازوا قصب السبق في اكتشاف تلك المناطق وارتيادها، وقد كان للوجود العماني الكثيف في مناطق الساحل الأفريقي الشرقي الأثر الداعم في تشجيع العمانيين على التوغل نحو الداخل الأفريقي ليشمل مناطق واسعة من هضبة البحيرات الأفريقية العظمى وما جاورها، والتي تشمل حاليا عدة دول، منها: الأجزاء الداخلية من تنزانيا وكينيا وجمهوريات بوروندي ورواندا وأوغندا والكونغو وزامبيا وصولا إلى أفريقيا الوسطى. وكذلك ورقة عمل بعنوان (العمانيون وانتشار الاسلام في أوغندا في القرن التاسع عشر) للأستاذ الدكتور ابراهيم عبد المجيد استاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجمهورية مصر العربية، واختتمت الجلسات لليوم الأول بورقة بعنوان (الأخطار التي تعرض لها الرواد العمانيون في دول البحيرات العظمى الأفريقية في القرن الثامن عشر والقرن التاسع عشر) للدكتور سفيان بوحديبة استاذ علم السكان بجامعة تونس.
يوم العمانيين الذين عادوا
وكانت ساحة إقامة المؤتمر في فندق رويال بالاس في بورجمبورا قد حفلت بتقديم الرقصات الافريقية، والاهازيج الشعبية المرحبة، قدمتها فرق بوروندية، كانت تغني ترحيبا بمقدم العمانيين، وتحييهم في بلدهم الثاني، بكلمات وأنغام ألهبت أسماع الحضور.