[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/ahmedsabry.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]احمد صبري[/author]
ورث رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي تركة ثقيلة وشائكة ومعقدة من سلفه نوري المالكي الذي لم يترك بابا أمام الإصلاح والمصالحة إلا وأغلقه ضمن منهجه في إبعاد خصومه السياسيين والاستئثار بالسلطة على مدى ولايتيه اللتين دامتا ثماني سنوات أدتا إلى أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية، وقبل ذلك أمنية وضعت العراق على طريق الفوضى بعد أن أخفق المالكي في معالجة أوضاع العراقيين والحفاظ على ثرواتهم التي ذهبت إلى جيوب السراق والمفسدين، ناهيك عن خروج نحو ثلث مساحة العراق عن سيطرة الحكومة العراقية بعد أحداث التاسع من يونيو/حزيران الماضي بفشل وانهيار قواته وتخاذل قياداتها التي كانت تحظى بدعم وإسناد المالكي.
سياسة المالكي الإقصائية كرست منهجه الطائفي في الاستهداف السياسي لخصومه لا سيما رموزا وطنية رفضت إملاءاته، وطالبت بتحقيق التوازن والمشاركة في إدارة البلاد على أساس الاستحقاق الانتخابي واشتراطات العيش المشترك. وناصب المالكي العداء والترصد مع سبق الإصرار لشركائه بالعملية السياسية الذين وقع معهم مواثيق لتقاسم السلطة ومعالجة أوضاع العراق بعد احتلاله، لكنه تنكر وأدار ظهره وتنصل عن وعوده، وكل ما التزم به سواء تنفيذ اتفاقية أربيل عام 2010 التي أخرجت حكومته إلى النور أو سواها من تفاهمات سياسية في محاولة لعزل معارضي استئثاره بالسلطة وإبعادهم عن دائرة القرار السياسي.
وإذا أحصينا ضحايا المالكي فإن القائمة تطول حيث أوقع المالكي بخصومه بتهم هي بالأحوال كافة سياسية وكيدية كانت مثار استغراب واستهجان حتى من بعض حلفاء المالكي.
هذا الاستهداف السياسي المبكر للمالكي في تنفيذ سياسة الإبعاد والإقصاء من خلال استخدام القضاء أدى إلى احتقان سياسي وأمني لا سيما رده على حركة الاحتجاجات الشعبية التي طالبت بحقوق سقوفها تتطابق من الدستور والقانون لكنه رفض حتى الاستماع إليها.
ملاحقة الخصوم لم تقتصر على سياسة الاستهداف الطائفي، وإنما طالت رموز النظام العراقي السابق المعتقلين منذ احتلال العراق حتى الآن من إجراءات قسرية أدت لوفاة العديد منهم ومعاناة البعض الآخر في محاولة لإيقاع أفدح الخسائر المعنوية بهم لا سيما منع الدواء والطعام عنهم وعزلهم عن العالم الخارجي بعد نقلهم إلى سجن بدائي في محافظة ذي قار إمعانا منه في إهانة شخصيات خدمت العراق على مدى عقود.
وعندما تتكشف يوميا فصول فضائح سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية حدثت خلال ولايتي المالكي، تتطلب من رئيس الحكومة حيدر العبادي أن يعالج هذه الإخفاقات والتركة بإجراءات استثنائية لتخفيف وطأتها على العراقيين لا سيما ضحايا المالكي الذين تعرضوا للظلم والإقصاء ومصادرة حقوقهم.
الإجراءات التي نتحدث عنها ينبغي أن تكون تصالحية لتعيد الثقة بين المكونات العراقية؛ لأنها هي من تفتح الأبواب التي اغلقها المالكي لتحقيق المصالحة الوطنية أولها إسقاط التهم الكيدية والباطلة بحق سياسيين عراقيين، وإعادة النظر بملفات الآلاف من المعتقلين الأبرياء الذين زجت بهم أجهزة المالكي بالسجون،
وحتى تأخذ إجراءات العبادي مدياتها وتؤسس لمرحلة جديدة من الوفاق الوطني ينبغي أن تشمل رموز النظام السابق الذين نالوا من المالكي وسياسته العقابية الكثير، ما يتطلب إعادة النظر بأوضاعهم الإنسانية وإطلاق سراحهم.
وحتى لا يقتصر الحديث عن رموز سياسية محددة استهدفها المالكي خلال السنوات الماضية فإن هذه السياسة أوقعت أفدح الخسائر بمئات الآلاف من منتسبي الجيش العراقي وقطاعات أخرى ينبغي أن تعالج أوضاعهم وإعادة الحقوق لهم، فضلا عن تأمين العودة المأمونة لملايين العراقيين إلى العراق الذين هجروه العراق بسبب سياسة المالكي.
فحقوق المتضررين من سياسة المالكي وإنصافهم ورفع الغبن والظلم عنهم يكفلها القانون؛ لأنها كانت خارج سياقاته واشتراطات العدل والمساواة.