نزوى ـ سالم بن عبدالله السالمي
أسدل الستار أمس على فعاليات وبرامج مهرجان الشعر العماني التاسع الذي احتضنته مدينة نزوى التاريخية، من الفترة 7 ـ 11 من الشهر الجاري، حيث رعى حفل الختام معالي الشيخ عبدالملك بن عبدالله الخليلي وزير العدل والذي أقيم بجانب قلعة نزوى العريقة الشامخة، وتضمن الحفل الذي حضره عددا من الشخصيات الرسمية والخاصة ومن بينهم مثقفوا السلطنة الذين توافدوا من ولايات عديدة، تضمن عدد من الفقرات أهمها قصائد في الشعر الفصيح والشعبي، لعدد من الشعراء العمانين البارزين في السلطنة، كما ألقيت كلمة المشاركين في المهرجان، ألقاها الشاعر أحمد بن سالم الكلباني والذي جاء فيها: لا يخفى قدر الأدب والفكر عموما على أحد منكم!، وحيث ندرك أهميته ونعرف قدره وجب علينا أن نعي ضرورة تجسيده وتوقيره بالطريقة المثلى التي ستحقق قدره وأهميته الحقيقية، فالفكر والأدب معا هما وقود بناة الحضارات، ولذلك نحن نحتفي بكل أطياف الأدب موصولا بالشعرِ الذي نتنفس. واضاف :عندما يقف الشاعر على هذه المنصة ويحترق من تلقائه، فإنه يضيئ نورا سماويا بين غيره من أنوار القصيدة ، ف حق له جملة الاحترام والتقدير كي يشتعل أكثر ليشعل المستدلين بضوء الشعر ووهج القصيدة .
وأشار الكلباني في حديثه: منذ اللحظة الأولى التي بارك فيها قائد البلاد - حفظه الله - هذا المهرجان، كان قبلة لحملة لواء الشعر في عمان بأسرها ،وصار مفخرة على صدور من شاركوا فيه أو حملوا ألقابه، وهاهو يكتمل في نسخته التاسعة بعد عقد ونصف، وقفت على إنجاحه وزارة التراث والثقافة، وإنها لفرصةٌ مواتية لشكر الوزارة -ممثلةً بالقائمين على هذا المهرجان- على هذا العطاء المتواصل ونبارك هذه المسيرة، كما نتوجه إليك وزارتنا الموقرة بجملة من الطموحات والرؤى التي نتفق عليها نحن الشعراء:
مضيفا بقوله: نشكركم جزيلا على مبادرتكم الطيبة بفتح باب الحوار مع الشعراء والاستماع إلى آرائهم من أجل تطوير المهرجان!، والذي أثمر تجاوز فكرة المنافسة على المراكز في هذه المسابقة!.
وأكد بقوله: نشير إلى حاجة الساحة الثقافية للندوات الفاعلة، كالندوة التي اقيمت في هذا المهرجان والتي ناقشت قضية الشللية الثقافية ، كما نأمل بتفعيلها على نطاق أكبر وأوسع لتشمل الخروج بحلولٍ وأفكار تطويرية، وإن هدف المهرجان الأسمى هو التقاء التجارب مع بعضها البعض بما يؤسس لتطويرها، وبناءا على ذلك نرغب بأن يكون هناك مقر إقامة موحد لجميع المشاركين والضيوف والمحكمين واللجان التنظيمية، من أجل الفائدة الأسمى. مبينا الشاعر الكلباني إنه ينبغي للمهرجان أن يحصل على فرصته التسويقية الكافية قبل انطلاقه بما يضمن له جمهوره وزخمه الاعلامي الذي يحفظ جهودكم الجبارة ويبرزها للمجتمع كما يبرز تجارب الشعراء، بل إننا نطمح - وليس ذلك بكثير إزاء ما يبذل من وقت وجهد، وأن يخرج المهرجان من إطاره المحلي إلى الخليجي تسويقيا بما يجعله رمزا للمشاريع الثقافية العمانية.
كما توجه إلى اخوته من الشعراء بكلمته وهو يقول : أيها الشعراء والشاعرات، الشعر، هو عالم السمو المطلق في أرواحكم، امنحوه متسعا لوطننا عمان وتشاركوه مع الآخر، اجعلوا من الظلام والنورفي قلوبكم غيمتين، ما إن ترتطما ببعضهما إلا وتهطلان بالخير والسلام على الحياة. .. إنه الشعر ، مسؤولية ما تحملون من نبوءاتٍ في أرواحكم ، وهي مسؤولية بالغة القداسة، فما قام العالم إلا بما خطه القلم وما قرأه الغير، ويجب علينا ان نؤمن بالشعر ؛ فما سنكتبه اليوم هو ما سنطعمه أجيالا تأتي بعدنا لبناء مستقبل بلادنا غدا ، تذكروا ذلك جيدا أيها الأصدقاء، وولنترك الشعر نبيا مهيبا يقودنا للسمو، ولا نترك الفرصة لأنفسنا أن تنحدر به إلى حيث لا يحب!
أيها الشعراء والشاعرات، اكتبوا بملء قلوبكم، اكتبوا بكل فخر، واحترقوا بسلام لتضيؤوا هذا العالم!!!..
وأقيمت صباح أمس بفندق جولدن توليب جلسة حوارية نقاشية بين لجنة فرز نصوص المهرجان والشعراء المشاركين فيه، تم التطرق من خلالها إلى أهم النقاط التي أثيرت مؤخرا حول النصوص المستبعدة من المهرجان وآليات الاختيار التي شخصت النصوص المتأهلة أيضا، كما تم التطرق إلى أهم الإشكاليات الواضحة في بعض النصوص من حيث معالجة الفكرة والتناص والاستنتاج، والقبض على ما يخدم القصيدة من تفاصيل تشكلها لتقدمها للمتلقي بصورة أكثر نضجا ووعيا. كما تبادل الشعراء المشاركين عددا من وجها النظر مع اللجنة المنظمة والتي بدورها شرحت هي اوجدت كل ما يمكن اتباعه لتجنب الوقوع في فخ ظواهر لا ترقى بالقصيدة العمانية الفذة.
شعراء مكرمون
كما قام راعي الحفل بتكريم الشعراء المكرمين في دروة هذا المهرجان الشعري لهذا العام الذين برزوا بحضورهم الفكري والأدبي ففي الشعر الفصيح كرم المهرجان الشاعر المرحوم راشد بن خميس الحبسي والشاعر زاهر بن محمد الغافري ، أما في الشعر الشعبي فقد كرم المهرجان الشاعر الشعبي الكبير المرحوم الشاعر حافظ المسكري، والشاعر محمد بن دعاس المعشني. وكرم راعي المناسبة الأدباء والشعراء ضيوف المهرجان من داخل وخارج السلطنة، وهم الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة والشاعر المصري أحمد بخيت ، ومن داخل السلطنة الشاعر هلال الحجري، والشاعر صالح العامري، والشاعر كامل البطحري، والشاعر حمود بن وهقة، والشاعر علي الغنبوصي، والشاعر سعيد الجنيبي.
وفي الأثناء ذاتها كرم معالي الشيخ راعي المناسبة الشعراء المتأهلة نصوصهم، ففي الشعر الفصيح كرم سعود بن ناصر الصقري عن نص "معزوفة شاعر" ومحمد بن علي العوفي عن نص "أضغاث النبوءات" وعلي بن سيف الرواحي عن نص "دم كافكا وكوابيسه" ومحمود بن عبدالله العبري عن نص "شئ ما عن نزف الحرف" وخالد بن علي المعمري عن نص "للريح" وعبدالله أحمد علي الكعبي عن نص "غَضبةُ الليلِ وَلهُ النجمِ الساري" وإبراهيم بن سعيد السوطي عن نص "عصر العنتريات وهشام بن ناصر بن علي الصقري عن نص "سـفَــرٌ لِظِلٍّ مَكـسُــور" وهلال بن سيف الشيادي عن نص "تخت القداسة" وأحمد بن سالم بن عبدالله الكلباني عن نص "سر مد" وفهد بن سالم العويسي عن نص "وهج قافية قديمة" وحمزة بن مرهون البوسعيدي عن نص "عند مفرق البرزخين" ومنيرة بنت خميس بن حمد المعمرية عن نص "أينك" وخليل بن خلفان الجابري عن نص "تجوال" .
أما في مجال الشعر الشعبي فقد كرم كل من الشعراء خالد بن جمعة الداؤودي عن نص "في طريق اللاعودة" وخليل بن إبراهيم المعمري عن نص "عمان" وعبدالناصر سعيد حمد السديري عن نص "الموت مايرقى القصيدة" وسعيد عبدالله المشرفي عن نص "أيتام عيني" وخليفة بن حمدان الحامدي عن نص "باب وسديم" وعلي بن يوسف الأنصاري عن نص "تمتمات الحلاج عند الخشبة" وأحمد بن سعيد المغربي عن نص "رحيل" وأصيلة سعيد المعمرية عن نص "ما للظمأ أية أسباب" وسعيد محمد علي الشحي عن نص "حسبة الأصفار" وحمد بن خلفان البدواوي عن نص "البرواز" ومحمد خلفان محمد المشرفي عن نص "الطريقه الأخيرة" وعبد العزيز بن طالب السعدي عن نص "سلة ياسمين" وعبد العزيز بن حمد بن محمد العميري عن نص "رصاص طائش" ومحمد بن مرزوق بن ضحي اليحيائي عن نص "هو الباقي" وحمود بن سليمان الحجري عن نص "غمامة الفاجعة".
ويُعد مهرجان الشعر العماني من أبرز الفعاليات الثقافية التي تقيمها وزارة التراث والثقافة، بما يشكله تتبع وتطوير في مسيرة الشعر العماني، وفق رؤية إبداعية تلتقي فيها نخبة من الشعراء العمانيين، وضيوف يحلون على المهرجان من داخل السلطنة وخارجها. ومن تتبع المهرجان الماضي يدرك الخطوات النوعية التي يخطوها المهرجان على مستويين: الشكل من خلال جماليات المسرح الذي أقيمت فيه جلسات المهرجان، والمضمون من خلال الآلية التي استحدثت على مستوى قراءة النصوص وتعقيب لجنة التحكيم وتصويت الجمهور.
ووفق هذه المسيرة التطويرية، فإن المهرجان كان أكثر إبداعا شكلاً ومضمونًا في هذا العام، وجاء بما يتناسب وحجمه وأهميته، وشمل بمفرداته ومكوناته واجهة شعرية تنسجم مع طموحات الشاعر العماني ويرتقي كفعالية أثمرت بتوجيهات سامية من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس المعظم _ حفظه الله وأبقاه _ . كما خرج المهرجان هذا العام من سياق المسابقة، تلبية لرغبة الشعراء في أن يبتعد مهرجان الشعر العماني عن إطار التفاضل والتنافسية والفرز والخسارة، مقتربًا من إطار التكاملية والمشاركة والتلاقح الفكري والشعري، كما سيطعّم المهرجان بنجوم لامعة في سماء الشعر العربي والعماني.كما أقيمت ندوة فكرية ترتكز محاورها على رصد العلاقات البينية في الثقافة العمانية، أفرادًا ومؤسسات وإعلامًا، وتتبع الحركة الثقافية العمانية وما يصاحبها من تكتلات شللية، وجذور هذه التكتلات تمظهراتها وتأثيراتها السلبية والإيجابية على الثقافة العمانية.