آتيكَ في سَفَرِ النَّهارِ
كما يكونُ لهذهِ الرّيحِ انزواءْ
حُرّيتي فوضى
وهذي الرّيحُ ترسُمُها
أَأَنتَ تركتَ هذي البيدَ مُشْرَعةً ؟!
أجلْ ،
أَدْمنْتُ تفسيرَ الضّياءِ على امْتدادِ الحُلْمِ
قدْ غَنَّيْتُ قاموسَ ارْتحالِ الغيمِ
هلْ تَكْفيكَ لحظةُ غربةٍ ؟!
كي يُوقَدَ الرَّمْلُ المسجّى في يدي

ستسافِرُ الكلماتُ في لَحْنِ البداوةِ حينها
فاحزمْ حقائبكَ التي أهْديتَها لونَ الرحيلْ
خُذْ منْ شتاءِ الحرْفِ قافلةً
وأوقدْ للمساءِ حكايةَ الماضينَ
هل يأتونَ أنغاماً لهذا الوقْتِ ؟!
كم نايٍ يغنّي للرُّجوعِ
ولا حداءَ لهذه الخُطُواتِ
هل تكفيكَ سُنبلتانِ كي تصلَ المدى ؟!

يا أيّها المطرُ الذي خبّأتَ أشيائي بصدرِ الحُبِّ
امنحني زوايا الأمسِ ،
دفترَ غُربتي ،
كُلَّ الدُّمى ،
بحرَ الطفولةِ حين فارقَ طفلَه
أنا قدْ ذبحتُ العجْلَ ذاتَ خطيئةٍ
وزَّعْتُ أسماءَ التَّحرُّرِ
فوقَ أرْصِفةِ السّنينْ
هلْ كُنْتُ أوَّلَ عاشقٍ للرِّيحِ ؟!
أوّلَ مَنْ يقولُ العُشْبُ فيهِ قصائدَ العشاقِ ؟!
آخرَ موتةٍ !!

والآنَ ..
تأتيكَ الفُصولُ جميعُها
وُلِدَتْ لأجْلِ عروجِكَ الأزليِّ
تكتبُ عنكَ أسماءَ الصّحارى
ربّما تُهديكَ مِنْ آياتِها سَفَراً ومعراجاً لآخرِ قِبْلةٍ
طُفْ حولَ أسْرارِ التّبعثُرِ أرْبعاً
تُدْنيكَ أَسْئِلةٌ ، وَأُغْنِيَةٌ
فكَمْ تأتي الرِّياحُ مليئةً بالحبِّ
تحملُ لاخضرارِ الأرضِ كلَّ محابرِ التّقوى
أكانتْ في متاهتِها الأخيرةِ ،
في مدى أكوانِها ،
ترتيلةً
نَثَرتْ طقوسَ صلاتِها ..
للبوحِ رائحةٌ يضجُّ الرَّمْلُ خلْفَ عُلُوِّها
للرِّيحِ أشرعةٌ ستنأى كلّما هتفَ الصغارُ بحسنِها
فاحملْ كتابَكَ ،
ذلكَ الورديَّ
قَلِّبْ صفحةَ الأمواتِ
كي تَلِدَ النهايةُ كُلَّ حُزْنٍ مَرَّ في قاموسِها
أَلَكَ النّهايةُ وحدَها ؟!
كي تستقيمَ شوارعُ الأضواءِ
كي تهبَ التّفاصيلَ المريرةَ أغنياتِ الفجرِ
هاكَ المسافةَ كُلَّها
حتّى المراكبُ غادرتْ أحلامَها
أمّا الحقيقةُ
إنّها كانتْ لغرقى يعشقونَ البحرَ
ما كتبوه إلا في انتصارِ حروفهم
لو أنّها في آخرِ الأصداءِ كانتْ زرقةً
لرمَوْا بأكفانِ الدجى
لأتَوْا
وكانَ الضَّوءُ رُبّانَ المدى ..
تلكَ الحقيقةُ قايضتْكَ بلونِها
فخرقتَها !!
أغْرقْتَها !!
مِنْ ها هنا
لا تنْسَ كُلَّ حكايةٍ جاءتْ بها الجدّاتُ
العنقاءَ ،
الحوريَّةَ الحسناءَ حينَ أحبَّتِ الشعراءَ ،
والموتى ، إذا كَتَبوا وصيّةَ بَعْثِهمْ .

آتِيكَ ، مَعْنىً خَالَطَ الأَفْكارَ
لَو تَخْطُو على أَقْدَارِهِ ،
لأتَتْكَ أَخْيِلَةٌ ، وَنَادَتْكَ القَصِيدَةُ
مِثْلما الأَرْواح كُنْ ،
كَالدِّفْءِ فِيْ جِهَتِي الأَخِيرَةِ كُنْ ،
كَحُلْمٍ يَشْتَهِيْ جَسَدَ الحَياةِ إِذا أَرَدْتَ
فإنَّكَ المحكيُّ مِنْ لُغَةِ الشَّتاتْ .

خالد بن علي المعمري