- ضمن أهم مصادر التاريخ العماني القديم

آمنة الشحية:
توجد ثلاثة مواقع مشهورة بالرسومات الصخرية
فـي محافظة مسندم وهي «وادي خصب ووادي قدى وجبل شام»

خصب ـ العمانية: يشكل فن الرسم الصخري بكافة أنواعه مصدرا مهما من مصادر التاريخ العماني القديم، ونظرا للطبيعة الجبلية الفريدة التي تتميز بها محافظة مسندم، نلحظ “فن الرسم الصخري” واضحا وبجلاء، حيث تظهر النقوش والرسوم الصخرية في عدة مواقع، خصوصا تلك الواقعة في رؤوس الجبال وتعود إلى العصر البرونزي، وأخرى تعود إلى العصر الحديدي والحقبة المتأخرة من عصر ما قبل الإسلام. وعرف الإنسان فن الرسم الصخري منذ العصور الحجرية القديمة قبل معرفته بالكتابة، إذ لجأ إلى الطبيعة فجعل من الصخور وجدران الكهوف خاماته الأساسية يصور عليها من خلال نقش ورسم صور لحياته التي يعيشها، وتذكر بعض المصادر أن عمر (النحت على الصخر) في عُمان يزيد على (5000) سنة. وتقول آمنة الشحية الباحثة في تاريخ الرسم الصخري: توجد ثلاثة مواقع مشهورة بالرسومات الصخرية في محافظة مسندم وهي (وادي خصب، وادي قدى، وجبل شام) حيث عاصرت المحافظة تاريخيا وثقافيا عدة حضارات سواء من الساحل أو الداخل وتعاقبت عليها حقب تاريخية وجدنا ذلك من خليط الرسومات التي تتشابه مع ثقافات سائدة في شبه الجزيرة العربية.
وأضافت أنه تم العثور في وادي خصب ببلدة الروضة على نقوش وشواهد تاريخية للقبور، عدد منها منحوت بالنقر وأهم ما أظهرت هذه الشواهد، وجه تخطيطي للعينين والأنف برأس مزخرف أو غطاء وتحته قلادتان واحدة معلقة بداخلها قطع نقدية صغيرة والثانية مع أكبرالعملات المعدنية مع حامل تميمة في المركز، وهذا نحت يشبه المنحوتات الصخرية في مستوطنة سبطان. ووضحت أن نقوش الطوي في قدى هي الأشهر في محافظة مسندم، حيث تظهر لنا المنحوتات عددًا من الحيوانات البرية (الحمير، الجمال، الماعز، الكلب)، والأسلحة (الرمح، وعصا، فأس صغير)، بالإضافة لسفن الإبحار (القوارب المحلية التقليدية، الشراعية)، ورسومات على صخرة كبيرة وهي عبارة عن أشخاص يمتطون حمارًا، وشخصان يركبان الإبل وقد رسمت بشكل تخطيطي. كما وضحت انه عثر على رسم لفتاتين ترقصان وتعقدان الأوشحة فوق رأسيهما، وهناك أيضا منحوتات عثر عليها في سل قدى لثعلب ورجل يمتطي جملا، ونمر يهاجم حمارًا، ورجل يركب حمارًا ويواجه كلبًا، وأحيانا نجد أن الحيوانات لا ترسم بشكل واضح ويستدل عليها من خلال أشكال ذيولها وآذانها. وأشارت إلى أن في خورشم ويسمى خور الفنستون، توجد نقوش ورسومات صخرية في موقع يسمى (قرن الشيخ)، حيث شوهد نحت لماعز، ونحت آخر يمثل رجلا يحمل رمحًا وسيفًا. وتطرقت إلى أن الرسومات والنّقوش الصّخرية القديمة تنتشر في مواقع عدة من ولاية مدحاء، وهي رسوم نفذت على الواجهات الصخرية، من أشكال آدمية وحيوانية والكتابات والموضوعات المرتبطة بحياة الإنسان في العصور القديمة، تدل على وجود أجناس مختلفة عاشت في هذه المنطقة ويعتقد الباحثون أن تحركات بشرية متبادلة باتجاه جنوب شرق شبه الجزيرة العربية إلى شمالها. ومن الأمثلة على النقوش الحجرية في ولاية مدحاء ذلك النقش الصخري الذي يرمز لنوع من أنواع الزواحف، وآخر يرمز لأثر قدم إنسان، كما عثر أيضا على نقش يرمز لإنسان وأداة ويعود تاريخ هذه النقوش إلى الألف الأولى قبل الميلاد. وبيَّنت أن الكتابات توجد بخط المسند انتشرت في مدحاء، حيث عثر على نقش صخري يرمز لحرف القاف المسندي الجنوبي ويعود للألف الأولى قبل الميلاد، كما تم العثور على بعض النقوش الثمودية والسبئية وهو نقش صخري يرمز لمستوطنتين وحرف ثمودي يعود للألف الأولى قبل الميلاد.
ووضحت آمنة الشحية أنه من خلال دراسة فن الرسم الصخري في محافظة مسندم يمكن تصنيفه الرسومات الصخرية إلى: (رسومات آدمية) وهي التي تشكل نموذجا لفن الرسم الصخري، وكثير من المنحوتات على هيئة إنسان يمتطي الحيوانات، أو قد نجد بجوارها حيوانًا (كلبا أو ماعزا) كما وجدنا منظر رسمٍ لإنسان له أذرع مرفوعة ووجود فرسان مع أسلحتهم (كالخناجر، والفؤوس، والسيوف)، كما شاهدنا النساء يرتدين الحلي مع صغارهن بالإضافة إلى (الرسومات الحيوانية) حيث تمثل أشكال الحيوانات الغالبية العظمى من الرسوم الصخرية الرمزية التي عثر عليها، وهي تشكل العلاقة بين الإنسان والحيوانات المستأنسة التي يمتلكها ويعكس البيئة المحيطة به. وقالت إنه توجد أيضا (الكتابات النقشية) وهي تطور النقوش من أشكال الرسوم المختلفة إلى رموز ذات دلالات حرفية (أبجديات) تحتوي على تواريخ أو آيات قرآنية وحكم، أو أدعية وأذكار ومنها ما كتب بخط المسند (السبئي القديم)، عثر عليه في مدحا “نقش على شكل حرف القاف”.
واضافت أن من تصنيفات الرسومات الصخرية (مواد حياتية مختلفة): مثل مجوهرات النساء التي ظهرت بكثرة في المنحوتات الصخرية، أبرزها القلائد والأقراط والأساور والتمائم، كما وجد عملات معدنية، وفستانان وأوشحة، إضافة إلى السفن ذات الأشرعة وذات الصواري رسمت بتفاصيل واقعية، أيضا نجد قنوات ري، وحقولًا وأشجار النخيل وثمارها، وخطوطا وأشكالا دائرية لها مدلولاتها. وأشارت آمنة الشحية إلى أن من نتائج الدراسة لرسم الفن الصخري في شبه جزيرة مسندم وجدنا أن المنطقة غنية بمواقع الرسومات والنقوش الصخرية التي تعكس مهارة فنية عالية، إذ تم توثيق أكثر من (15) موقعًا وأكثر من (30) من الرسومات الصخرية وموضوعات بعض الرسوم الصخرية في شبه جزيرة مسندم متكررة وتوضح نسبيًا عالم الحيوان البري وعلاقة الإنسان بها من خلال الصيد والحروب. ووضحت وجود مشاهد الاشتباكات والمعارك بين البشر في أكثر من موقع في شبه جزيرة مسندم للدلالة على التعبير والتوثيق للحروب التي حدثت في فترة من فترات التاريخ، وظهور النقوش المسندمية التي عرفت بالنقوش الثمودية في (مدحاء)، دليل على الهجرات وخط سير القوافل التجارية التي اتخذت هذه المواقع مكانًا للاستيطان فيها.