[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/kazemalmosawy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]كاظم الموسوي[/author]
يوم17 نيسان ـ أبريل يوم للأسرى الفلسطينيين، ماذا يعني؟ سؤال يولد أسئلة أخرى، ويتطلب أجوبة واسعة تلبي مرادها وهدفها.. لماذا أسرى فلسطينيون في أرضهم المحتلة من قوات استيطانية وبقرارات متناقضة أو تتناقض مع غيرها من مصدرها وجهاتها؟ وكيف يتم التفرج على أوضاعهم والصمت على معاناتهم؟ وأين القوانين والمعاهدات الدولية؟ ولنبدأ من قرار المجلس الوطني الفلسطيني، خلال دورته العادية عام 1974، الذي اعتبر هذا اليوم يوما وطنيا، “للأسرى الفلسطينيين” داخل السجون الإسرائيلية. لماذا وكيف وما هو الهدف منه؟! إذ لا بد من أجوبة أيضا.
اللافت للانتباه في كل عام يحيي الرسميون الفلسطينيون هذا اليوم. وكأنهم يقرون المأساة أو يُذكّرون بها، (في حسن الظن والنوايا).. بينما إذا نظرنا إلى الأرقام نرى نحو مليون فلسطيني وفلسطينية اعتقلتهم سلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ 1967، منذ النكسة فقط، وليس النكبة وما تلاها، وفي العام الماضي 2020 بلغ عدد الأسرى 5 آلاف بينهم 700 مريض منهم 10 مصابين بمرض السرطان. وتتراوح الأرقام هذه مع واقع يزداد سوءا، جرَّاء سياسات الاحتلال الإسرائيلي داخل السجون، وعددها نحو 23 معتقلا ومركز احتجاز، ومخاوف من تفشِّي فيروس كورونا بصفوف الأسرى، المحجوزين بدون رقابة صحية أو حظر وقائي كافٍ.
من بين إجمالي المعتقلين، في إحصائيات العام الماضي المنشورة، نحو 130 طفلا، في معتقلات عوفر (غرب رام الله)، ومجدو، والدامون. فيما بلغ عدد المعتقلين المرضى قرابة 700 معتقل، بينهم 300 حالة مرضية مزمنة بحاجة لعلاج مستمر، منهم 10 مرضى مصابين بالسرطان. ولا يقل العدد كل شهر إذا لم يزدد عددا ومن كل الأجيال ومن الجنسين.
ويعتقل كيان الاحتلال الإسرائيلي أسرى منذ ما يزيد عن 20 عاما بشكل متواصل، وهم ما يعرفون بـ”عمداء الأسرى”. ومن بين المعتقلين 541 معتقلا محكومون بالسِّجن المؤبد لمرة واحدة أو لعدة مرات. إضافة إلى نوع السجن ومكانه وسجانه.
وثَّق نادي الأسير الفلسطيني استشهاد 222 فلسطينيا في السجون الإسرائيلية منذ عام 1967، بينهم 73 بسبب التعذيب، و67 جرَّاء الإهمال الطبي، و75 بالقتل العمد، و7 بسبب القمع وإطلاق النار المباشر عليهم من جنود وحراس الاستيطان الاستعماري. وهذه أرقام تتزايد مع استمرار الاحتلال والإرهاب والسجن والاحتجاز وما يضاف لها كل يوم أو كل ساعة احتلال واستيطان.
تعتقل سلطات الاحتلال الإسرائيلي 6 نواب سابقين في المجلس التشريعي الفلسطيني، وهم: مروان البرغوثي (حركة فتح)، وأحمد سعدات (جبهة شعبية)، وخالدة جرار (جبهة شعبية)، ومحمد جمال النتشة، وحسن يوسف، محمد أبو طير (حركة حماس). كما اعتقلت 16 ألف امرأة فلسطينية وزجَّت بهن في سجونها منذ عام 1967. وفي المجموع لا تفرق سلطات الاحتلال الإسرائيلي في إجراءاتها التعسفية وأساليب اعتقالها، بين الأسرى، لا في الجنس ولا في العمر، وهناك أسرى يعانون من أمراض مزمنة وخطيرة، ويشكو جميعهم من سوء المعاملة، ومن تعرضهم للإهانة والتعذيب، وهناك محرومون من زيارة الأهل، ويقبع آخرون في زنازين عزل انفرادي. فيما تتفنن قوات السجون في أساليب التعذيب، فتتبع سياسة اقتحام غرف الاعتقال باستخدام الوحدات الخاصة والكلاب البوليسية، وتتعمد خلالها الاعتداء على الأسرى وضربهم وتحطيم مقتنياتهم، وإرعابهم بشتَّى الوسائل والسبل الإرهابية التي تربت عليها قوات الاحتلال الاستيطاني.
آخر الأرقام والإحصاءات الموثَّقة، وفقًا لمتابعة المؤسسات الحقوقية الخاصة بشؤون الأسرى، تسجل اعتقال قوات الاحتلال الإسرائيلي نحو (438) فلسطينيا وفلسطينية، خلال شهر آذار/ مارس 2021؛ من بينهم (69) طفلا بينهم فتاة قاصر، و(11) امرأة، ووصل عدد أوامر الاعتقال الإداري الصادرة (105) أوامر اعتقال إداري، بينها (28) أمرا جديدا، و(75) أمر تجديد.
تشير مؤسسات الأسرى وحقوق الإنسان (هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير الفلسطيني، ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، ومركز معلومات وادي حلوة ـ القدس) في تقرير صدر عنها مؤخرا إلى أن عدد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال بلغ حتى نهاية شهر آذار/ مارس 2021 نحو (4450) أسيرا، بينهم (37) أسيرة، فيما بلغ عدد المعتقلين الأطفال والقاصرين في سجون الاحتلال نحو (140) طفلا، وعدد المعتقلين الإداريين نحو (440) معتقلا. وتتجدد أرقام وإحصائيات على مدار ساعات الاحتلال والاستيطان والصمت الدولي والعربي الرسمي.
استعرض التقرير جملة من السياسات التي يواصل الاحتلال الإسرائيلي تنفيذها، بالأرقام والأدلة والأسماء ومنها سياسة الاعتقال الإداري، واستغلال قضية الجائحة والإصابات بفيروس كورونا، وسياسة الإهمال الطبي أو القتل البطيء، وحالات الأطفال الجرحى والمرضى في سجون الاحتلال، وعمليات الاعتقال الممنهجة والكثيفة في القدس ومنها الاستدعاءات المتكررة والحبس المنزلي والملاحقة المستمرة لأي نشاط خاص في محافظة القدس الشريف.
ولم تلتفت سلطات الاحتلال الإسرائيلي رغم ما يعانيه الأسرى في هذه الظروف، وفي ظل خطر انتشار فيروس كورونا للمناشدات الفلسطينية ولا الحقوقية الدولية لإطلاق سراح هؤلاء الأسرى، الذين يظلون بسبب إجراءات الاحتلال في دائرة الخطر الشديد، ويواجهون عمليات إعدام بطيء، علاوة على تعرضهم للضرب والإهانة والحرمان من العلاج والطعام الجيد وحقوق الإنسان الاعتيادية في ظروف السجن والاحتلال.
الأهم في المشهد اليوم ما تؤكد عليه مؤسسات الأسرى، (وهو أضعف الإيمان!) بخصوص قرار الدائرة التمهيدية الأولى في المحكمة الجنائية الدولية حول الولاية الإقليمية للمحكمة على الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967، والذي يؤذن بفتح تحقيق رسمي في جرائم الحرب التي ارتكبها ويرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، ويُعدُّ خطوة مهمة نحو محاسبة الاحتلال الإسرائيلي على جرائمه، وفرصة مهمة لوضع قضية الأسرى في سجون الاحتلال في صدارة القضايا التي يتناولها التحقيق، لما تعرضوا له من جرائم ممنهجة، من أسباب اعتقالهم وما يشملها في قضية التعذيب، واعتبار قضية الأسر سياسية تنطبق عليها القوانين الدولية وقواعد المعاهدات والاتفاقات المتفق عليها والمعروفة للجميع، والانطلاق منه إلى يوم الحرية لجميع الأسرى وكسر أسوار السجون والاحتلال.