[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/ahmedsabry.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]احمد صبري[/author]
رغم مرور 18 عاما على احتلال العراق فإن الكثير لم يتوقفوا عند صفحة إسقاط تمثال صدام حسين في ساحة الفردوس التي جاءت في سياق مسار الحرب، غير أن هذا المسار أخذ طابع إخراج اللقطة الأخيرة لخيار الحرب استباقا لأية مفاجأة قد تؤثر على استكمال المسار المرسوم لها.
ومن هنا شكَّل إسقاط تمثال الرئيس الراحل صدام حسين في ساحة الفردوس ظهر التاسع من أبريل ـ نيسان عام 2003 إيذانا باحتلال بغداد وسقوط النظام. وشهدت ساحة الفردوس منذ صباح التاسع من أبريل ـ نيسان 2003 تجمع بعض السكان حتى صاروا بالعشرات مع اختفاء أي أثر لمظاهر السلطات العراقية في الشارع أو حوالي مكان الفندقين؛ حتى بدأت الدبابات الأميركية بالوصول إلى ساحة الفردوس من عدة اتجاهات، وطوَّقتها بالكامل عند الساعة الرابعة من عصر ذلك اليوم. وحاول عشرات العراقيين إسقاط تمثال صدام إلا أنهم فشلوا في ذلك، ما دفع رافعة أميركية إلى اختراق الساحة باتجاه التمثال الضخم، وعند وصول الرافعة إلى رأس صدام قام أحد الجنود الأميركان بتغطية رأس صدام بالعلم الأميركي، ما أثار احتجاج الحاضرين ودفع بعضهم إلى استبداله بالعلم العراقي.
وكان إسقاط تمثال صدام في ساحة الفردوس بداية النهاية لاحتلال العراق، غير أن الحقائق في تلك اللحظات كانت تشير إلى أن القوات الأميركية في ذلك اليوم لم تصل إلى نصف أحياء بغداد، وأن محافظات نينوى وديالى والأنبار وصلاح الدين وكركوك لم تدخلها القوات الأميركية وكانت في قبضة القوات العراقية.
من هنا كانت الرمزية في إسقاط تمثال صدام في وسط ساحة في قلب بغداد رسالة للجميع مفادها أن بغداد والعراق كله أصبح تحت السيطرة. وما هي إلا ساعات ودبت الفوضى في بغداد بعد وصول طلائع القوات الأميركية إلى قلب العاصمة وأطرافها الغربية حتى تحولت إلى مدينة أشباح يصول ويجول فيها اللصوص الذين دهموا المصارف الحكومية والأهلية، فيما استباح آخرون مؤسسات الدولة لإفراغها من محتوياتها، فيما لزم السكان بيوتهم بانتظار انجلاء الموقف. وكان صباح التاسع من أبريل ـ نيسان حزينا بفعل تداعيات الحرب وتطوراتها اللاحقة التي خيمت على أجواء ذلك اليوم، وما تلاه بانتظار ما ستؤول إليه خواتيم الأمور، ولم يخطر في بال المسؤولين العراقيين أن إصرار وسائل الإعلام الأميركية والغربية وبعض وسائل الإعلام العربية على نقل أماكن عملهم من المركز الصحافي الكائن في منطقة الصالحية إلى فندقي عشتار شيراتون وفلسطين ميريديان الواقعين قبالة ساحة الفردوس لم يكن بدافع الخوف من تعرض هذا المكان إلى قصف الطائرات الأميركية، إنما كان هدف هذا الإصرار الذي تكشف فيما بعد ـ أن قامت وسائل الإعلام الأميركية بنصب الكاميرات فوق أسطح الفندقين وباتجاه ساحة الفردوس وكأن حدثا تاريخيا سيقع عند هذه الساحة وأمام ترقب ما سيجري في هذه الساحة كشاهد على احتلال بغداد بسقوط تمثال صدام.
وبدأت تتسارع الأحداث، فقد اضطر الصحفيون الذين كانوا يقيمون في فندقي الشيراتون والميريديان إلى رفع الرايات البيض من على شرفات غرفهم تحسبا لتعرضهم للقصف الأميركي بعد أن أطلقت القوات الأميركية قذيفة أصابت الطابق السابع بفندق الميريديان أدت إلى مقتل صحفية إسبانية.
ويروي مصدر مقرب من وزير الإعلام محمد سعيد الصحاف أنه، وبعد مغادرة الوزير فندق الشيراتون، توجَّه إلى المقر البديل للوزارة وهو التلفزيون التربوي في منطقة الأعظمية، وكان معه ثلاثة من المسؤولين في الوزارة، وبقي هناك حتى الساعة السابعة من مساء التاسع من أبريل ـ نيسان بانتظار رسالة مهمة من صدام موجَّهة للشعب، وفعلا وصل حامل الرسالة على دراجة نارية وتسلم الصحاف الرسالة، غير أنها لن تنشر بفعل تسارع الأحداث في بغداد.