نجوى عبداللطيف جناحي:
في رمضان تتوجَّه أصابع الاتهام إلينا نحن الأمهات، فنعاتب على الكثير من تصرفاتنا، وكثيرا ما ننتقد؛ لأننا نقضي وقتا طويلا من ساعات هذا الشهر الفضيل في المطبخ، نعد الأطباق الرمضانية لجميع أفراد أسرتنا، والأولى أن نمضي هذا الوقت في العبادة كالصلاة وقراءة القرآن، للحصول على الأجر والثواب من الله تعالى، إلا أنني أرى أن هذا النقد ليس في محله؛ فأنتِ في رمضان تشحذين الهمم، وتجتهدين في تقسيم وقتك لتوازني بين العبادة وبين الأعمال المنزلية، فأنتِ تجتهدين لأن تضفي على منزلك أجواء خاصة برمضان ليكون هذا الشهر من أحب الأشهر إلى قلوب أبنائك، لا سيما الأطفال منهم، فتحببينهم في الصيام، وتشجعينهم عليه، وتصنعين أجواء جميلة على مائدة الإفطار فتتضاعف فرحتهم بالصيام. فالصائم له فرحتان فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، وفي ذلك الأجر والثواب لك إن شاء الله.
فالأبناءُ هبةٌ من الله وأمانةٌ، وأنتِ مسؤولة عن تلك الأمانة، فعليكِ أن تنتهزي أيام هذا الشهر الفضيل لتعزيز الإيمان في قلوب صغارك، وتحبيبهم في الشعائر الدينية، فينشؤوا أبناء صالحين، وبصلاحِهم تنتفِعين في دنياك وآخرتك، وتعلُو درجاتُك عند الله، فعليكِ أن تكوني خير مُعينٍ لهم على الطاعةِ، فحببيهم في العبادة وشجِّعيهم عليها، وفي اجتهادك لتحبيب أبنائك في الصيام الأجر الكبير، فلا تفوتي هذا الأجر، واحتسبي هذا الجهد لله تعالى. وتذكري أن من دعا إلى هُدًى كان له من الأجرِ مثلُ أجورِ من تبِعَه إلى يوم القيامة، ولئن يهدِيَ الله بك رجُلًا واحدًا خيرٌ لك من حُمر النعَم. فما بالك بأجر هدايتك لأبنائك؟
عزيتي الأُم: اجعلي جوَّ بيتك مميزا في رمضان، فاجعلي زوايا بيتك تصدح بقراءة القرآن بصوت أحد المقرئين، لتسمع في جميع أرجاء البيت، وعطِّريه برائحة مميزة عند السحور وعند الفطور، وخصِّصي هذه الرائحة لشهر رمضان، فسينشأ لديهم ارتباط شرطي بين صوت هذا المقرئ، وهذه الرائحة وبين هذا الشهر الفضيل، وتتركي ذكرى جميلة في قلوبهم لتخفق للشوق إلى هذا الشهر الفضيل كلما سمعوا صوت هذا المقرئ، فأجواء السعادة إن ارتبطت بهذا الشهر الفضيل فستجدين أبناءك يصومون هذا الشهر بحب وشوق، وأنت مُثابة على هذا الفعل إن شاء الله.
اجعلي من وجبة الإفطار احتفالا جميلا، اختاري أجمل الأواني وأجمل الإكسسوار لطاولة الإفطار، وأبدعي في الأكلات، وزيِّني تلك الأطباق بأجمل اللمسات الفنية، ونوِّعي في الأكلات، ولكن احذري الإسراف والمبالغة في طهي كميات كبيرة من الطعام، واهتمي بابتسامتك وإظهار السعادة على وجهك أثناء الإفطار، فتلك المكافأة الأولى لأبنائك على صيامهم، واملئي طاولة الإفطار بحيويتك وروحك الجميلة، شجِّعيهم على الدعاء عند الإفطار، وذكِّريهم بالأدعية المأثورة، وهنِّئيهم بصيامهم، وأسمعيهم دعواتك الحنونة، فوجبة الإفطار هي مكافأة لهم على صيامهم، فأنت مُثابة على هذا الفعل إن شاء الله.
اجعلي من صلاة التراويح حدثا جمعيا، فاشتري سجادة مميزة، واهديهم ملابس صلاة جميلة، وإذا ما انتهوا من الصلاة، احتفي بعودتهم للمنزل وأسمعيهم دعواتك لهم بالثبات على الطاعة. فأنتِ مُثابة على هذا الفعل إن شاء الله.
اهتمِّي بتزيين منزلك، لا سيما مكان تجمع أسرتك، أبدعي في ترتيب الأثاث، وضعي لمسات فنية جميلة، وهيئي أماكن مريحة للجلوس لقراءة القرآن، واشتري لهم المصاحف المميزة، وخصِّصي وقتا لتجتمعوا معا لقراءة القرآن، فإن اهتمامك بالنواحي الجمالية وإضفاء جوِّ السعادة في المنزل يحبب أطفالك في العبادة. فأنتِ مُثابة على هذا الفعل إن شاء الله.
عزيزتي الأُم: شجِّعي أبناءك على صلة الرحم في رمضان والتواصل مع الجيران، عوِّديهم على زيارة الأقارب كالأجداد، والأخوال والأعمام والجيران إما بالزيارة أو بالمكالمة الهاتفية، واطلبي منهم توصيل الهدايا الرمضانية لهم، أو الأطباق التي تطهينها ليشعروا بأجواء التواصل الأُسري الجميلة، وليدركوا أن صلة الرحم والأقارب والجيران عبادة، وأنتِ مُثابة على هذا الفعل إن شاء الله.
تشاركي مع أبنائك في مساعدة الآخرين على العبادة، فتعاونوا معا على توفير وجبات لإفطار الصائمين إما بطبخها أو بتوصيل ما تشترينه إلى موائد الإفطار الجماعية، وشجِّعيهم على التعاون مع المتطوعين لترتيب موائد الإفطار الجماعية أو تجهيز علب الإفطار التي توزع في الطرقات، أو توصيل وجبات الإفطار للأُسر المتعففة، فأنتِ مُثابة على هذا الفعل إن شاء الله.
عزيزتي الأُم: احتفلي بالعيد داخل بيتك الصغير احتفالا مميزا، وكافئيهم على صيامهم، زيِّني البيت بزينة الأفراح، وانشري الهدايا في كل مكان، وأعدِّي برامج مسلية تجمع أفراد أُسرتك لتفرحوا معا بأدائكم لهذه العبادة، نظِّمي المسابقات، وشاركيهم في صنع أطباق الحلويات، وابتهجي معهم، واحرصي على أن يكون الاحتفال بالعيد وأداء العبادات في رمضان هو أكبر الاحتفالات في عامهم؛ لأنهم أنجزوا أهم الإنجازات، وهو الصيام وطاعة الله. فأنتِ مُثابة على هذا الفعل إن شاء الله.
عزيزتي الأُم: تألَّقي في رمضان وأبدعي في نشر أجواء السعادة في بيتك الصغير، ولتصنعي الذكريات الرمضانية الجميلة، فالتزام أبنائك بالصيام وطاعة الله إنجاز يستحقون التقدير عليه، وتذكَّري أن شهر رمضان ضيف يستحق أن تحتفي به.