د. يوسف بن علي الملَّا:
تخيَّل معي أنه عام 2024 يظهر شخص ما في غرفة الطوارئ وهو يتنفس بصعوبة. ويقال إنه مصاب بالتهاب رئوي، وقد أصابه بشدة. بل إنه أخبر أحد الأطباء أنه كان مصابًا بفيروس كورونا (كوفيد19) قبل بضع سنوات، في منتصف عام 2021. للأسف كان قد رفض التطعيم، وانتهى به الأمر إلى إصابته بفيروس كورونا بعد شهور من تلقِّي معظم الناس لقاحاتهم. لماذا رفض؟ شيء يتعلق بالمعلومات المغلوطة عن الفيروس ربما أو تطور تصنيع اللقاح، أو منشور شاهده على إحدى منصات التواصل الاجتماعي. إنه لا يتذكر حقًّا، وعلى الرغم من ذلك فإن رئتيه تتذكَّران! فبحلول نهاية اليوم سيكون على جهاز التنفس الاصطناعي.
ما أودُّ أن ألفت الناس إليه هنا، أنه إذا استمرت مثلا نسبة كبيرة من أفراد المجتمع تعلِّق بأنهم لن يحصلوا على التطعيم، فسوف تتراكم تكاليف قراراتهم. قد يستغرق الاقتصاد وقتًا أطول للعودة إلى السرعة الكاملة، وبمجرد حدوث ذلك، يمكن أن ينغلق مرة أخرى بسبب تفشِّي المرض. بل وسوف تستمر فيروسات كورونا المتحوِّرة في الانتشار، ويموت المزيد من الناس. فهل نعي حقيقة أن كل حالة من حالات كورونا تتطلب أسابيع من إعادة التأهيل المكلفة؟ حتى بعد تلاشي الوباء أو الجائحة، يمكن أن يتحول عشرات من رافضي اللقاحات إلى مئات من المرضى الذين يحتاجون إلى رعاية إضافية، في حالة إصابتهم بالمرض.
مع ذلك إذا كان كل البالغين الذين يقولون بأنهم اقتنعوا بأخذ اللقاح، قد حصلوا عليه، بالكاد ربما سيتم تحصين أكثر من نصف البلاد، وهو ما يقل إلى نسبة ما عن المناعة المجتمعية. من هنا ومن ناحية أخرى علينا أن نفكر في هذا قليلا؛ فالاقتصاد بين كفَّي الرحى، وقد تطول تأثيراته أيضا إذا ما استمر انتشار الفيروس، وبلا شك نتيجة لرفض الأشخاص تلقِّي التطعيم، ولكنها يقينا تتضاءل بالمقارنة مع الأشخاص الذين يفقدون حياتهم.
فبمجرد أن يصبح الحصول على موعد للقاح أمرًا سهلًا، كما سنراه خلال الأشهر القليلة القادمة، هل سيظل أفراد المجتمع يقولون إنهم لن يحصلوا على حقنة؟ بلا شك اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا والحكومة تأمل أن ينخفض تردد الناس في أخذ اللقاح، خصوصا مع السعي الحثيث لتوفيره. في غضون ذلك، من المرجح أن يؤدي تخفيف القيود المفروضة على التجمعات إلى زيادة انتشار الفيروسات المتغيِّرة أو المتحوِّرة، خصوصا وأن المضاعفات الصحية التي يعاني منها رافضو اللقاح الذين أصيبوا بإحدى السلالات الجديدة قد تكون أسوأ من تلك التي تسببها السلالة الأصلية. والأهم هنا أن يدرك الجميع أنه ما زلنا عرضة للأشياء القادمة في طريقنا، وأي شخص لم يتخذ على الأقل هذا الاحتياط الأوَّلي ليس لديه فكرة عما سيصيبهم مستقبلا، لا سيما وأنه لدينا مجموعة سكانية ضعيفة للغاية وهم الأطفال، حيث نعلم أنهم قد لا يمرضون ويموتون مثل البالغين، ولكن يمكن أن يمرضوا ويموتوا... أوليس لنا أن نفكر في هذا قليلا؟!
ختاما، أعتقد أنه إذا كنت ترغب في حمل الناس على القيام بأشياء مثل التطعيم، فإن المشاركة المجتمعية هي الأمر المركزي هنا، لذلك كانت هنالك لجنة عليا تتابع الجائحة، وهناك تواصل مجتمعي، وبالتالي فالحري بالأشخاص الذين يرفضون الحصول على لقاح كورونا (كوفيد19) أن يعوا أن هذا يرفع من التكاليف الاقتصادية على البلد، ناهيك عن أفراده، وجزما البقية من أبناء المجتمع سوف يدفعون الفاتورة، مذكِّرا الأفراد غير المطعَّمين: أن تهديد فيروس كورونا لن يتوقف، ولن يصبح أرخص أيضا!