كل العيون شاخصة إلى ماستؤول إليه أمور إعلان الدولة الفلسطينية التي تعيش تسارعا في اعتراف الدول الغربية بها، ورغم التعنت الإسرائيلي ومواقفه من التغير الغربي تجاه قضية فلسطين واعتبار نتنياهو أن هذا الاعتراف سيؤدي إلى تخريب عملية السلام، ورغم المحاولات التي تبذلها واشنطن لفرملة المساعي الفلسطينية والعربية والدولية في هذا الشأن، فإن الفلسطينيين مصرين على الوصول إلى هدفهم الأكبر، حيث أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن القيادة ماضية في التوجه إلى مجلس الأمن للمطالبة بقيام الدولة الفلطسينية المستقلة وعاصمتها القدس مع تحديد فترة زمنية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإلى وضع حد للنشاطات الاستيطانية. وأوضح عباس أن يوم 29 الجاري سيكون موعدا مهما، حيث سيتم التوجه للقاء لجنة المتابعة العربية لأخذ موافقة الدول العربية على المشروع الفلسطيني الذي سيقدم إلى مجلس الأمن. وكان عباس قد رفع مشروع قرار فلسطين إلى رئاسة مجلس الأمن في 21 نوفمبر الماضي لإجراء مشاورات بشأنه. ولدى عباس ضمانات أن يصوت مجلس الأمن على مشروع القرار المذكور. إذ حتى الآن هنالك سبعة أصوات ضمنها الفلسطينيون للتصويت إلى جانبهم بينما لا يزال هنالك بحاجة إلى صوتين كي يصير المشروع نافذا.
في كل الأحوال لا تراجع فلسطيني حتى الآن عن التقدم بهكذا مشروع تاريخي بالنسبة إلى فلسطين، في الوقت الذي يعتبر قانون الدولة اليهودية يشكل عراقيل في طريق السلام. وقد تم تبني هذا القانون بسرعة من أجل الوقوف بوجه إقرار المشروع الفلسطيني الذي يلقى صدى في الأوساط العالمية وخاصة في الوسط الأوروبي الذي يتقدم بسرعة أيضا للاعتراف بفلسطين كدولة، وبذلك يكون الشرط الأكبر للفلسطينيين قد تحقق وحقق معه حلما تاريخيا للقضية التي رغم الوضع العربي المهترئ، ما زالت على حيويتها.
ولكن، على الرغم من هذه التطورات الإيجابية المحاطة بعراقيل إسرائيلية وعدم اهتمام عربي يمسك باللحظة التاريخية التي تخص قضية فلسطين، فإن إسرائيل ماضية في عملية الاستيطان وسيكون آخرها 300 وحدة سكنية جديدة مضافة إلى آلاف الوحدات التي حولت الضفة الغربية إلى عالم استيطاني تجاوز عدده الستمائة ألف مستوطن. فكيف بالتالي ستكون عليه الدولة الفلسطينية المزمع إعلانها مع وجود هذا الكم الاستيطاني الذي يتزايد بلا هوادة ويتحول إلى كابوس، بل إلى قنبلة موقوتة لا يعرف متى تفجرها كما ألمح يوما شيمون بيريز الذي رأى لأحد الصحافيين الغربيين أن المستوطنات في الضفة ستؤدي أن عاجلا أو آجلا إلى حرب أهلية إسرائيلية أن لم يتم تداركها قبل فوات الآوان.
إذن يتحضر الفلسطينيون إلى ملاقاة الجاذبية العالمية للاعتراف بدولتهم، فيما يشاع أن هنالك ميلا لاعتراف عشرات الدول في موقف واحد ينم عن خيار نهائي عالمي. ورغم تخوف الفلسطينيين من أن يتسبب أي موقف إسرائيلي بالضغط على الولايات المتحدة الأميركية لإيقاف المشروع الفلسطيني في حلته النهائية، والطلب من الولايات المتحدة بالضغط على العرب وعلى الأوروبيين لوقف التضامن مع الفلسطينيين في تلك المواعيد التي حددها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ولعل هذا ما يجعلنا نتشكك في طبيعة أهداف الجولة الأوروبية وفي المنطقة لوزير الخارجية الأميركية، ومع ذلك فإن الحالة الراهنة للرأي العام العالمي من هذه القضية يجعلنا جد متفائلين أن نصرة الحق الفلسطيني واصلة إلى خواتيمها، وأن رؤية القسم الإيجابي من الكأس أي المليء هي المنتظرة، وهي الموعد المقدس لخروج فلسطين الضحية الى عالم ينصرها ويشد من أزرها ويقوي حضورها، ويكون للفلسطينيين في النهاية أمل محقق بدولة ذات سيادة ومستقلة في آن معا.