[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/mohamedaldaamy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]أ.د. محمد الدعمي[/author]
"مدن الشمس" Sun Cities، هي صغيرة مدن ملحقة بالحواضر الكبرى الدافئة جنوب الولايات المتحدة الأميركية، حيث تسطح الشمس لأطوال زمنية كبيرة، مانعة الثلوج والجليد، وذلك كي لتغدو "ملاذات" يلجأ إليها كبار السن والمتقاعدون (من 50 سنة فما فوق)، من هؤلاء الذين يطلق عليهم عنوان طيور الثلج Snow Birds، نظرًا لقضاء ما تبقى لهم من سنين في أمان وأمن ورعاية خصوصًا في هذه المدن، ذلك أنها مجمعات سكنية مجهَّزة بكل ما من شأنه ضمان راحة وسعادة هؤلاء الذين وصلوا حدود "رد الجميل" من الدولة والمجتمع اللذين حظيا بخدماتهم عقودًا، رجالًا ونساء.
والحق، فإن الدفء الذي يميل إليه "الختيارية" لبقية سني حياتهم هو السر، خصوصًا بالنسبة لكبار السن القادمين من الولايات الباردة والمتجمدة شمالًا كي ينتهي بهم المطاف في هذا النوع من مدن الشمس الموجودة في نطاق الأجواء الدافئة، إذ توفر لهم المساكن الخاصة، زيادة على المشتملات الخاصة بهذا النوع من المدن: كالمكتبات والمسابح والنوادي وسوح لعبة الجولف، زيادة على الأسواق الخاصة، والأهم مما تقدم تتوافر لهم مراكز استراحة واستجمام Senior centers، أشبه ما تكون بــ"المقاهي" والمطاعم لدينا، حيث يلتقي الختيارية بأقرانهم لتبادل أطراف الحديث والاستذكار أو لمجرد تناول وجبات الغداء (أو الإفطار إن شاءوا) بأسعار رمزية توافق مداخيلهم بعد سني الكفاح والعمل المثابر، زد على ذلك برامج الرعاية الصحية والطبية الخاصة بهم، إذ لا يدفع المشمولون بهذه الرعاية Medicare إلا القليل مقابل ابتياع الأدوية ومراجعة الأطباء على أشكالهم وتخصصاتهم. أما مرتباتهم التي يقبضونها من دائرة الرعاية الخاصة بهم، المعروفة بــ"الأمن الاجتماعي" Social Security، فلا ترقى إلى ارتفاع ما كانوا يتقاضونه عندما كانوا عاملين فاعلين في الخدمة، قبل بلوغ سن الــ65 عامًا.
كما أن هناك منظمة أميركية مختصة في شؤون كبار السن عامة تحت عنوان AARP "الرابطة الأميركية للمتقاعدين". وتقدم هذه الرابطة لمن يحمل هُويتها تخفيضات بنسب كبيرة في المطاعم والفنادق، من بين سواها من المرافق العامة، ومنها دوائر الضرائب والخدمات والمرور والبريد، وإلى ما لا نهاية له مما تتمكن الدولة من دعمه في القطاعين العام والخاص!
كم مرة كررت بيني وبين نفسي: لماذا لا يحظى كبار السن في دول عالمنا الإسلامي (المتشبث بالرحمة وبالأرحام) بمثل هذه العناية؟ إذ تكتفي حكومات هذه الدول بالمرتبات التقاعدية، إن كان كبير السن موظفًا في دوائر الدولة، أما إذا لم يحظَ بالتوظيف الحكومي منذ البداية، فــ"له الله"!
للمرء أن يلاحظ هذا، وهو يستمع إلى أنباء عن أولاد شبان كانوا قد تثاقلوا من إيواء وإطعام والدتهم، بتقاذفها بينهم، درجة وضعها (مقعدة) على رصيف في الشارع مع تسليمها ورقة كتب عليها: "على من يقرأ هذه الورقة أخذ حاملاتها إلى مركز إيواء العجزة، وله الشكر".