علي بن سالم الرواحي:
الآية الرابعة من الجزء الرابع: جهاد الربيون مع النبي

قال الله تعالى :(وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) (آل عمران ـ 146)

المناسبة:

صاح الشيطان يوم أحد أنّ الرسول قُتِل فانهزم نفر كثير من المسلمين، فرى كعب بن مالك النبي فنادى بأعلى صوته هذا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأومأ إليّه أن اسكت، فنزلت الآية.

مقصد الآية:

تشجيع المسلمين على الجهاد والثبات.

محل الغموض:

1- أصل (كأين): قال الخليل في (كأين) بأن أصلها : كاف التشبيه + أيٍ، وحُوِّل التنوين في (أيٍ) إلى نون، فحينما تغيّر معناها بالتحويل تغيّر كذلك لفظها.

ومعناها معنى كم الخبرية الدالة على الكثرة، فيكون التقدير: وكثير من نبي قاتل معه ..، وهذا المعنى منطبق لكل تقديرات اللغويين لأصل (كأين).

2) قراءات (قاتل).

1- (قُتِل): البناء للمجهول.

2- (قَتَل)، (قاتل): البناء للمعلوم.

3) قراءات رِبِّيون، مفرده (ربّي) فياؤه للنسب.

أ- الرَّبيّون (قراءة الجمهور).

ب- الرُبِيّون.

ج- الرَّبيّون.

أسباب الغموض:

1- (كأين) رغم الأقوال الكثيرة في أصلها إلا أنهم اتفقوا على معنى واحد لها وهو معنى (كم الخبرية) المفيدة للكثرة.

2- (قاتل) وقٌرِأت:

- (قُتِل)، ويحتمل أن يكون نائب فاعله:

أ - ضمير مستتر يعود إلى النبي, ويكون و(معه رِبِّيون كثير) جملة حالية، أي: حال النبي حين قُتِل معه ربيون.

ب- رِبِّيون، أي: قُتِل معه ربيون.

- (قَتَل)، (قاتل) واختلف في الفاعل:

أ - ضمير مستتر عائد إلى نبي، ويكون (معه ربيون) جملة حالية بتقدير واو الحال.

ب ـ رِبّيون، هذا وقاتل يشمل قتل بينما قتل لا يشمل قاتل.

3 - معاني الرَّبيّون:

أ - الرِّبِيّون: نسبة إلى الرِّبة وهي الجماعة الكثيرة.

ب - الرُبِيّون: جمع رُبّي منسوب إلى الرُّبّة، وهي أيضًا الجماعة الكثيرة.

ج - الرَّبيّون: نسبة إلى الرَّب سبحانه وهم العارفون بربوبية الله للكون وهم العلماء الربّانيّون المتألهون والعبّاد الصالحون، ومن معانيها كذلك أتباع الأنبياء, الذين وهبوا حياتهم لله وصبروا على ذلك, وكلها معانٍ متقاربة.

اعراب (لما أصابهم): الجملة الأسمية بعد (لـ) مجرورة محلًا بها.

الصفات الحربية السلبية للرِّبيون:

1 - (فما وهنوا لما أصابهم ..) ما انكسر جدّهم وعزمهم في الحرب عند قتل النبي، والوهن بداية الضعف ومحله القلب ومنه يسري إلى الجوارح، وينشأ من عدم الثقة بالله وعدم معرفته حق المعرفة.

2 - (وما ضعفوا): ما عجزوا عن قتال عدوهم بعد النبي.

3 - (وما استكانوا) أي: خضعوا للعدو دون حركة.

مَن هم الصابرون المحبوبون عند الله: هم المتماسكون بالله لا يتذللون لعدوه مهما صار، فالله يحب أن يرى متجسدًا فيهم منهجه المستقيم.

* كاتب عماني