علي بن سالم الرواحي:
الآية الخامسة من الجزء الخامس: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) (النساء ـ 34).

التفسير الإجمالي للآية:

الرجال مسؤولون على توجيه زوجاتهم وتأديبهن والإنفاق عليهن بسبب ما تميزوا به من عقل وافر وتدبير راشد وسعي كاسب، ثم إن هناك منهن الصالحات المطيعات لأزواجهن وهناك العاصيات المتمردات على أزواجهن، فدواء العاصيات الوعظ ثم الهجر في الفراش ثم الضرب غير المبرح.

محل الغموض والإشكالية:

(قوامون)، (ما فضل الله)، (حافظات للغيب)، (فاضربوهن).

أسباب الغموض والإشكاليات:

معنى (قوامون)، وهل يتعارض قوامة الرجل للمرأة مع كرامة المرأة؟!، معنى (ما فضل الله)، وهل تكون المرأة أفضل من الرجل رغم ذلك؟!، معنى (حافظات للغيب)، هل يتعارض معالجة النشوز مع كرامة المرأة؟!.

حل الإشكاليات:

معنى القوامة: الرياسة، وحق القوامة لا يتعارض مع كرامة المرأة، وإنما هو من باب تخصيص الأدوار بحسب ما يتوافق وطبيعة كل من الرجل والمرأة، بحيث وضع كل منهما في غير دوره يجلب الضرر، أما كرامة المرأة فلا تُمَسّ في أي حال من الأحوال، فلا مساس بحقها في الاختيار والإرادة والتملك والمعاملة الحسنة والنفقة، بل إن القوامة تفرض على الرجل تأدية حقوقها.

وحق القوامة المجرد لا دخل له في التفاضل العملي، فمثلًا قد يكون فرعون قِوامًا على امرأته في حين تكون هي حتمًا خيرًا منه، لأن التفاضل عند الله سبحانه يكون بالتقوى فقط، ويمثلها الإيمان والعمل الصالح، وهذا لا يعتمد أبدًا على الذكورة والأنوثة.

ـ ويقع تحت قوله سبحانه (بما فضّل الله) الذي يحكي سبب القوامة: العقل وتحمِّل المشاق وحق الطلاق والنبوة والإمامة الصغرى والكبرى والأذان والخطبة والاعتكاف والقسامة والولاية في النكاح وتعدد الزوجات وانتساب الولد إليه.

ـ ومن معاني (حافظات الغيب): حفظ النفس والمال في غيبة أزواجهن، وحفظ الأسرار الزوجية الخاصة بالعرض, ككشف أمور الجماع، كلاهما وهو الصحيح عندي، لأن العبرة بعموم اللفظ

وقوله:(بما حفظ الله) أي: بما أتاهن الله إياه من الحفظ المصحوب أو المسبِّب للحفظ الذي عليهن، وهذا الحفظ الواجب لهن متوظف في إصلاحهن, وذكره يجعلهن في مراقبة الله عن الخيانة الزوجية.

ـ لم يسند سبحانه العلم بـ(النشوز) إلى الرجال، وإنما أسند الخوف منه، ليدل أن نشوز المرأة ليس من طبيعتها، وليدفع الرجل إلى اتخاذ الإجراءات المناسبة تجاهه قبل وقوعه أي بمجرد الخوف منه، وكيف يعاند البعض معالجة النشور؟ يكون بضرب خفيف بنحوٍ من السواك، من غير أن يعارض النشوز نفسه، وما ينتج عنه من مشاكل متفاقمة، فمعالجة النشوز يقينًا منها، وفيه الخير كله والمتمثل من عودة المرأة إلى حالها الطبيعي لتكون إيجابية وفعّالة في الأسرة والمجتمع، فالله سبحانه الذي فرض ذلك هو العالم بحال المرأة وبما يصلحها دون تجاوز الحد، أو ليس يُنْزِل بالخاطئ العقاب كما هو مقرور به عند البشرية، إذن أدب النشوز لا يتعارض وكرامة المرأة، بل هو حتمي علاجي له.

* كاتب عماني