حامد مرسي:
قال الله تعالى في كتابه العزيز:(فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيًّا) (مريم ـ 59)، بعدما ذكر الله سبحانه وتعالى حزب السعداء وهم الأنبياء ومن تبعهم والتزام بأوامر الله ذكر بعدهم أنه خلف قرون أضاعوا الصلاة، قال أحد المفسرين وهو ابن عباس ـ رضي الله عنهما:(معنى (أضاعوا الصلاة) ليست بمعنى أي: تركوها بالكلية، ولكن معناها أخروها عن أوقاتها)، فما جزاءهم؟ إنه يصلي ولكنه يؤخر الصلاة عن وقتها، الجزاء في الآية القرآنية (فسوف يلقون غيًّا) ومعنى (الغي) هو: واد في جهنم بعيد قعره خبيث طعمه يسيل فيه قيح وصديد أهل النار، وأن أودية جهنم تستعيذ من شدة حرّه كل يوم سبعين مرة ، وقال سعيد بن المسيب:(ليس معنى أضاعوا الصلاة أي تركوها بالكلية ولكن معناها الذي يؤخر صلاة الظهر حتى يأتي العصر، والذي يؤخر العصر إلى المغرب، والذي يؤخر المغرب حتى العشاء، والذي يؤخر العشاء إلى الفجر، والذي يؤخر الفجر حتى تشرق الشمس)، ولما سُئِل سعد بن أبي وقاص رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن قوله تعالى:(فويل للمصلين، الذين هم عن صلاتهم ساهون)، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم):(هؤلاء يا سعد الذين يسهون ويغفلون عن صلاتهم ويؤخرونها عن أوقاتها)، والويل: هلاك ووعيد من الله لمن أخّر الصلاة عن أوقاتها، وقال المفسرون: المراد بذكر الله في الآية (يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله)، قالوا: هى الصلوات الخمس، بمعنى:(يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن الصلوات الخمس ومن يفعل ذلك ومن يشغله ماله وشغلته تجارته ومن شغلته أولاده عن الصلاة في وقتها حكم الله عليه أنه من الخاسرين في الدنيا والآخرة)، فقال تعالى:(ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون)، ولقد ذكر الحافظ الذهبي عن بعض علماء السلف الصالح:(أنه بعد أن دفن أختًا له في قبرها وانصرف بعد ذلك مع الناس تذكر أن كيس نقوده قد سقط في قبرها فعاد فنبشه فوجد القبر يشتعل عليه نارًا فردًّ التراب عليها ورجع إلى أمه باكيًا حزينًا، فقال: يا أماه أخبرني عن أختي وما كانت تعمل؟. قالت: وما سؤالك عنها؟ قال: يا أمي رأيت قبرها يشتعل نارًا. قال: فبكت الأم، ثم قالت: يا ولدي كانت أختك تتهاون بالصلاة وتؤخرها عن وقتها)، ويروى عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أنه قال:(إذا كان يوم القيامة يؤتي بالرجل فيوقف بين يدي عز وجل فيأمر به إلى النار فيقول: يا رب لماذا؟ فيقول الله تعالى: لتأخيرك الصلاة عن وقتها وحلفك بي كذبًا). وقد ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم):(فمن تهاون في الصلاة أنه يأتي مكتوب على جبينه ثلاثة أسطر يا مضيع حق الله يا مخصوصًا بغضب الله كما ضيعت حق الله في الدنيا فايأس أنت اليوم من رحمة الله) .. هذا جزاء من يتهاون في الصلاة .

* إمام مسجد بني تميم بعبري