كانت أمسية جميلة تلك التي جمعتني بفريق "بصمة خير" في ولاية مرباط مساء الجمعة الماضي، استقبلتني طاقة العمل التطوعي منذ أن وصلت الولاية واستمرت تلك الطاقة تثير بداخلي الأمل والتفاؤل وأضاءت نور الخير في ادراكي وفي مشاعري فتحرك السمو بداخلي لينقل اهتمامي الى آفاق نورانية أرحب بكثير. التقيت بلفيف من شباب مرباط ينتمون الى مختلف فئات مجتمع الولاية؛ جمعهم هدف واحد تبلور في عمل تطوعي خيري يستفيد منه أهل الولاية؛ فاستطاعوا في سنتين أو ثلاث أن يحشدوا محبي العمل التطوعي من الذكور والإناث، ووضعوا خططهم النشطة، وفي غضون فترة وجيزة استطاعت جهودهم المخلصة أن تنمو وتنتشر حتى استفاد منها المحتاجون في مختلف مناطق الولاية. لم تقف جهودهم عند تقديم المعونات والمساعدات العينية بل صمموا أن ينهضوا بالوعي المجتمعي والتخطيط الشخصي من أجل إيجاد مجتمع اليد العليا؛ فصاروا ينظمون الأمسيات التوعوية والثقافية لتنمية وتحفيز قدرات الشباب والشابات لكي يستبصروا طريقهم ويكتشفوا أهدافهم والانطلاق بها في مسار بناء المجتمع والوطن من خلال بناء الذات. إن للعمل الخير نفحات جميلة، نفحات روحية، ومدارج تسمو بالعاملين فيه فوق الصعوبات وتزين لهم مجابهة التحديات وتصغر في عيونهم العقبات التي تجعل بعض الناس يحجمون عن المبادرة والانطلاق في آفاق العمل. حفيظ المشيخي وراجح العمري و آخرون كانوا يتدخلون بهدوء للحديث عن تجربة الفريق الذي صارت له بصمة خير في مساعدة الناس وخاصة الأسر المحتاجة في موسم فتح المدارس وفي شهر رمضان. يناضلون من أجل ادخال البهجة الى قلوب المعسرين بترميم بيوت بعضهم ومساعدة المعوزين في مختلف المجالات؛ سواء بالعمل المباشر أو بربطهم بالأخفياء من فاعلي الخير ممن يحرصون على العطاء سرا. يكبر الفريق وتكبر آماله ويزيد عدد أعضائه، يتسابق الناس اليه بالمال والجهد والوقت والأفكار.
أكد لي شباب الفريق أن روح العمل التطوعي في قلوب العمانيين نشطة جدا. أخبروني كذلك أن العديد من الناس يسارعون في تقديم العون إلى الفريق بكل اشكاله من أموال نقدية واشياء عينية أخرى أو حتى جهود تطوعية، ويمنحون بسخاء متى اطمأنوا إلى أن المال الذي يعطونه سيذهب الى مستحقيه. وذكروا أنهم ينسقون جهودهم مع المبادرات المماثلة في مختلف مناطق السلطنة، وأنهم يحظون بدعم الجهات الرسمية والأهلية كوزارة التنمية الاجتماعية وجمعية المرأة والمؤسسات التعليمية والشركات والأندية وغيرها.
كانت فقرات تلك الأمسية بعنوان إليك أيتها الأمل، منشور دعائي من تصميم أعضاء الفريق، مكتوب عليه فقرات الأمسية والمتحدثين وتوزيع الهدايا والجوائز التي تتنوع في قيمتها واثارتها.
كانت قاعة المحاضرات في دائرة التنمية الاجتماعية بمرباط حافلة بالحضور وخاصة النساء والأطفال. أعجبي جدا أن العمل الخيري والعمل التطوعي في الفريق عبارة عن محضن لتنمية وتدريب المواهب؛ يساهم بطريقة غير مباشرة في بناء قيادات اجتماعية ويكتشف من بين أعضائه فنانين وشعراء ومصممين ومصورين و رسامين. ويضاف إلى تلك المزايا الروح الأخوية التي أذابت الفوارق القبلية ومزجت الجميع في عمل خيري تطوعي ليرتقي بالناس إلى مستوى من الوعي الروحي الشفاف.
سألت أعضاء الفريق الذين قابلتهم عما استقادوه من العمل التطوعي؟ أجابوني جميعا: السعادة. أكدوا جميعا أن العمل التطوعي والعمل الخيري يشعرهم بالسعادة ويقربهم من الله ومن نفوس الناس ويجعلهم يشعرون بأن المجتمع بخير وأن فضيلة الإيثار في المجتمع العماني سامقة مزدهرة.

د. أحمد بن علي المعشني
رئيس مكتب النجاح للتنمية البشرية