اعداد ـ هلال بن حسن اللواتي:
أعزائي الصائمين .. نخوض معكم هذه السلسلة حول موضوع (التقوى) .. يقول الله تعالى:(يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ) (البقرة ـ ١٨٣).

موضوعنا هو عن التقوى، وقد ذكرنا الآية المباركة للمناسبة والتيمن بها، ولا باس بذكر بعض ما ذكره الأعلام حولها، إذ يتبين من الآية المباركة أن الصوم كانت مكتوبًا على الأمم السابقة، ولكن هل كان بهذه الكيفية الخاصة، أم أن هذا من اختصاصات أمة النبي ـ صلى الله عليه وآله الطاهرين واصحابه المنتجبين كرامته له صلى الله عليه وآله الطاهرين وأصحابه المنتجبين فهو بحث آخر.

وتخلل في الآية المباركة كلمة (لعل)، وجرى بحث لدى الأعلام من اللغويين والمفسرين حول هذه الكلمة، فهل ذكرت هنا على نحو الحقيقة أم على نحو المجاز؟، فمن قال على نحو الحقيقة فقد فسرها بالترجي والاشفاق، إلا أن من قال بالمجاز لنفيه نسبة الجهل إلى الله تعالى، ولكن هناك من رأى أن استعمال الكلمة في الحقيقة غير ملزم منه العجز ولا الجهل، وعلل: (أن المسائل العقلية لا تقتنص من الإطلاقات العرفية، ولا من المفاهيم اللغوية ولو كانت قرآناً، ضرورة أن الاستعمال أعم من الحقيقة ولا سيما في الكتاب) (مصطفى الخميني، تفسير القرآن الكريم، 4: 326).

ويرد كلام آخر وهو: الإرادة الإلهية المتعلقة بالعبد ومصيره، فإنّ الله تعالى رحمن رحيم، وهو لا يريد للعبد إلا الخير، والأعلام قد ذكروا أن الإرادة الإلهية في هذه المقام قد تعلقت بالعبد بأن يكون العبد مختارًا مريدًا حرًّا عاقلًا، فهو من يحدد مصيره عاقبته، فصحيح أن الله تعالى يريد من العبد أن يكون متقيًا، إلا أن هذا كان رهين إرادة العبد واختياره، فلا جبر في البين.

إلا ان الموضوع يفتح لنا بابًا فيما يريده الله تعالى من العباد وهو التقوى، الأمر الذي يدفعنا إلى تسليط بعض الضوء على مفهوم التقوى وما يحويه من المعطيات الكمالية بحيث جاء التأكيد على ضرورة التلبس به علمًا وعملاً، الأمر الذي يكشف أهمية التقوى وعظمتها.

ونذكر هنا من باب الأهمية بأن المفاهيم القرآنية ليست منعزلة عن الواقع الفردي والاجتماعي للإنسان، بل إن القرآن الكريم كتاب حياة، والذي يكون هكذا، فحتمًا سيكون له الحضور ملموسًا في كل رواق من أروقة الحياة الإنسانية، وتكون له لمسات عميقة لصناعة الإنسان الكامل، ولصناعة المجتمع الكامل، مغطيًا كل جوانب الحياة التي يعيشها الإنسان الفرد والمجتمع، وهذا الذي يدعو إلى فهم مفردات القرآن الكريم وفهم مفاهيمه بشكل واضح، وهنا تتشكل مجموعة من الاسئلة منها: ما مدخلية التقوى بالحياة التي يعيشها الإنسان، وبالحياة التي يطمح للوصول إليها من الحضارة والسعادة .. فهذا ما سوف نتعرف عليه لاحقًا إن شاء الله تعالى.

* كاتب عماني