محمود عدلي الشريف:
إخوتي وأخواتي الكرام .. مما يسعدنا ويشعرنا بعظمة رسولنا العظيم وقوته الجسمانية وعصمته النبوية ـ فداه نفسي وأهلي صلوات ربي وسلامه عليه ـ في هذه السلسلة الرمضانية (ممتلكات الرسول ومقتنياته)، ما نرى من سيوف له، كم لها من قوة حتى في أسمائها! حقًّا إنها تشعرنا جميعًا بالفخر والعزة، فهيا بنا ـ أيها الأحباب ـ لنري ما كان يمتلك رسولنا (صلى الله عليه وسلم) من سيوف.

وقد كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يمتلك أسلحة كثيرة، أولها وأجلّها السيف، لهذا بدأنا به وتتعاقب البقية بإذن رب البرية، وقد كان له (صلى الله عليه وسلم) من السيوف الكثير التي اشتهرت حتى بأسمائها، وهنا سؤال يطرح نفسه قائلًا: كم عدد سيوفه؟ وما أوصافها؟ وهل لها أسماء؟.

فأما عن عدد سيوفه (صلى الله عليه وسلم)، فقد روى الإمام الترمذي في (الشمائل المحمدية، ط: إحياء التراث، ص: 76):(كان للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تسعة أسياف لكل واحد اسم خاص .. اه)، وذكر الإمام العيني في (عمدة القارئ شرح صحيح البخاري 14/ 31):(كَانَت لَهُ عشرَة أسياف)، وذكر في (سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد 7/ 363):(عدد سيوفه وهي أحد عشر سيفًا).

وأما أوصاف سيوفه؟ عن أنس قال:(كان قبيعة سيف رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من فضّة) (أخرجه الترمذي برقم: 1691 وأبو داود، برقم: 2583)، و(القبيعة كالطبيعة ما على طرف مقبض السيف يعتمد الكف عليها لئلا يزلق) (كتاب: الرسول ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ في عيون غربية منصفة، ص: 240)، وعَنْ هُودٍ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ:(دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَعَلَى سَيْفِهِ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ)، قَالَ طَالِبٌ: فَسَأَلْتُهُ عَنِ الْفِضَّةِ فَقَالَ:(كَانَتْ قَبِيعَةُ السَّيْفِ فِضَّةً).

وأما عن أسماء سيوفه (صلى الله عليه وسلم):

1 ـ ذو الفقار: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا:(أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ تَنَفَّلَ سَيْفَهُ ذَا الْفَقَارِ يَوْمَ بَدْرٍ) (رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ والتِّرْمِذِيُّ)، (سُمِّيَ بِهِ: لِأَنَّهُ كَانَ فِي ظَهْرِهِ حُفَرٌ مُتَسَاوِيَةٌ، وَقِيلَ: كَانَ فِي شَفْرَتَيْهِ خَرَزَاتٌ تُشْبِهُ فَقَرَاتِ الظَّهْرِ، ويقال: إن أصله من حديدة وجدت مدفونة عند الكعبة فصنع منها، وكان طوله سبعة أشبار وعرضه شبرًا) (إمتاع الأسماع 7/ 134)، (كَانَ هَذَا السَّيْفُ لِمُنَبِّهِ بْنِ الْحَجَّاجِ، قُتِلَ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ)، ويروى عن ابن عباس (أن الحجاج بن علاط أهداه لرسول اللَّه ـ صلى اللَّه عليه وسلم) (إمتاع الأسماع 7/ 136)، وَفِي الْقَامُوسِ:(ذُو الْفَقَارِ سَيْفُ الْعَاصِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ كَافِرًا، فَصَارَ إِلَى النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَتَنَفَّلَهُ أَيْ: أَخَذَهُ لِنَفْسِهِ) (شرح المصابيح لابن الملك 4/ 450)، و(رأى فيه ـ رسول الله ـ الرؤيا يوم أحد، فقد رَأَى فِي مَنَامِهِ يَوْمَ أُحُدٍ: أَنَّهُ هَزَّ ذَا الْفَقَارِ، فَانْقَطَعَ مِنْ وَسَطِهِ، ثُمَّ هَزَّهُ هَزَّةً أُخْرَى فَعَادَ أَحْسَنَ مِمَّا كَانَ، وَقِيلَ: الرُّؤْيَا هِيَ مَا قَالَ فِيهِ: رَأَيْتُ فِي ذُبَابِ سَيْفِي ثُلْمًا، فَأَوَّلْتُهُ هَزِيمَةً، وَرَأَيْتُ كَأَنِّي أَدْخَلْتُ يَدِي فِي دِرْعٍ حَصِينَةٍ، فَأَوَّلْتُهَا الْمَدِينَةَ ..) (الْحَدِيثَ)، وَكَانَ (صلى الله عليه وسلم) يَشْهَدُ بِهِ الْحُرُوبَ دُونَ سَائِرِ سُيُوفِهِ، ولقد دخل به مكة يوم الفتح، وَفِي (الْمرْآة):(لم يزل ذُو الفقار عِنْده ـ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ـ حَتَّى وهبه لعَلي بن أبي طَالب ـ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قبل مَوته، ثمَّ انْتقل إِلَى مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة، ثمَّ إِلَى مُحَمَّد بن عبد الله بن الْحسن بن الْحُسَيْن) جاء في:(عمدة القاري شرح صحيح البخاري 14/ 31) (بتصرف وترتيب).

2 ـ المأثور: ـ بهمزة ساكنة ومثلثة، (وهو أول سيف ملكه، ورثه ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أبيه، وهو الذي يقال إنه من عمل الجنّ) (سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد 7/ 363)،وذكر الواقدي:(أن رسول اللَّه ـ صلى اللَّه عليه وسلم ـ قدم المدينة في الهجرة بسيف كان لأبيه المأثور) (زاد المعاد: 1/ 130)، و(هي مسألة نزاع، حتى قال بعضهم: ليس في كون الأنبياء يرثون نقل، وبعضهم قال: لا يرثون، كما لا يورَثون، وإنما ورث أبويه قبل الوحي، وصرَّح شيخ الإسلام في شرح الفصول بأنهم يرثون، وبه جزم الفرضيون) (شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمِنَح المحمدية 5/ 85).

3 ـ البتّار: قال المناوي:(وهو أول سيف تقلد به ـ صلى الله تعالى عليه وسلم ـ كما في (نزهة الأفكار في شرح قرة الأبصار 2/ 281)، (البتار بالتشديد: القاطع)، كذا في (الشمائل المحمدية للترمذي، ط: إحياء التراث، ص: 76)، و(البتّار: القاطع) (سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد 7/ 364).

4 ـ العَضب: من الأسياف النبوية ـ بفتح العين المهملة، وسكون الضاد المعجمة ـ معناه: السيف القاطع، أصلها: صفة، بمعنى: قاطع، من: عضَبَه أي: قطعه. أرسله سعد بن عبادة إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حين سار إلى بدر وهو في الأصل السيف القاطع، وسمي به هذا السيف (نزهة الأفكار في شرح قرة الأبصار 2/ 282).

5 ـ الحتف:(أصاب ـ صلى اللَّه عليه وسلم ـ من سلاح بنى قينقاع ثلاثة أسياف: سيفًا قلعيًا، وسيفًا يُدعى بتّار، وسيفًا يُدعى الحتف) كذا في:(إمتاع الأسماع 7/ 142)، (وَالْحَتْفُ: الْمَوْتُ، قد جاءت الأخبار بأنه مما ذكر من أسيافه ـ صلى الله تعالى عليه وسلم)، عن مجاهد وزياد بن أبي مريم قالا:(كان سيف رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الحتف له قرن) (عيون الأثر 2/ 388).

6 ـ القلعي: وهو أحد السيوف الثلاثة التي أصابها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من بني قينقاع، وهذا سبب تسميته، (والقلعي ـ بضم القاف ـ وفي النهاية وغيرها: أنه بفتح القاف وفتح اللام، ومعناه، أي: القاطع وهو الذي أصابه من قلع ـ موضع ـ هو قلعة بـ(البادية)، يقال لها مرج بالجيم مرج قريب من صلوان ـ مكان ـ قريب من همذان انتهى) كما جاء في (نزهة الأفكار في شرح قرة الأبصار 2/ 281).

7 ـ القضيب: بفتح القاف، والضاد المعجمة أصابه (صلى الله عليه وسلم) من سلاح بني قينقاع بمعنى:(اللطيف من السيوف، يطلق وبمعنى: السيف القاطع، (إمتاع الأسماع 7/ 134)، وذكر عياض في فصل أسمائه (صلى الله عليه وسلم) صاحب القضيب أي السيف وقع ذلك مفسرًا في الإنجيل، قال معه قضيب من حديد يقاتل به، وقيل:(إنه ليس بسيف، بل هو قضيبه الممشوق وفي العيون وكان له قضيب يسمى الممشوق من شوحط) (نزهة الأفكار مرجع سابق 2/ 281). 8 ـ المخذم: يقول الزرقاني: في (شرح على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية 5/ 87): (المخذم) بكسر الميم، وإسكان الخاء، وفتح الذال المعجمتين، وهو القاطع والخذم القطع بسرعة، ومنه سمي، و(كان له (صلى الله عليه وسلم) المخدم والرسوب، أصابهما من الفلس، وهو صنم لطيّئ) (الوافي: 1/ 91)، وروى عن مروان أبي المعلى قال: (كان عند رسول الله ـ صلى الله عليه وسلّم ـ سيف يدعى المخذم، وسيف يدعى رسوبًا أصابهما من الفلس، بضم الفاء، وسكون اللام) (سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد 7/ 364).

9 ـ الصمصامة: قال المناوي:(وزاد بعضهم في أسيافه الصمصامة ويقال له الصمصام بفتح المهملة، وإسكان الميم فيهما: السيف الصارم الذي لا ينثني، وقيل: الذي له حد واحد) (نزهة الأفكار في شرح قرة الأبصار 2/ 283)، (كان سيف عمرو بن معدي كرب الزّبيدي، وكان مشهورًا، فوهبه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لخالد بن سعيد بن العاص استعمله ـ صلى الله عليه وسلّم ـ على اليمن) (شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية 5/ 88).

10 ـ اللحيف: قال المناوي:(وهو سيف مشهور يقال له: اللحيف وكان له ـ صلى الله عليه وسلّم ـ مستعذب الإخبار بأطيب الأخبار، ص: 367)، وفي (وسائل الوصول إلى شمائل الرسول ـ صلى الله عليه وآله وسلم، ص: 133):(كان له ـ صلى الله عليه وسلّم ـ سيف يقال له:(اللّحيف)، وفي (منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول (صلى الله عليه وسلم) (1/ 596): (سيف مشهور، ذكره اليعمريّ).

11 ـ الرسوب:(من رسب يرسُب (بضمّ السين) إذا ذهب إلى أسفل، وإذا ثبت، وَمِنْ رَسَبَ فِي الْمَاءِ إِذَا غَاصَ فِيهِ واستقرَّ، سمي بهذا: لأن ضربته تغوص في المضروب به، وتثبت فيه، لأنه يمضي في الضريبة ويغيب فيها، قيل: إنه من السيوف السبعة التي أهدت بلقيس بسليمان) (نزهة الأفكار في شرح قرة الأبصار 2/ 282)، وهو أحد السيفين اللذين كان الحارث قلَّدهما صنم طيئ، فبعث المصطفى عليًّا سنة تسع، فهدمه، وغنم سبيًا، وشاءً، ونعمًا، وفضة، فعزل علي لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ صفيا السيفين، وذكر ابن هشام عن بعض أهل العلم:(إنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ وهبهما لعلي). وذكر أبو الحسن المدائني:(إن زيد الخيل أهداهما للمصطفى لما وفد عليه) (عيون الأثر 2/ 388) .. صلوا على من جاهد في الله حتى أتاه اليقين.

[email protected]*