اعداد ـ هلال بن حسن اللواتي:
كلنا يبحث عما يبني الذات والشخصية، ونبذل الأموال والوقت والطاقة لأجل الحصول على من يرشدنا على بناء الذات، إلا أن الكلام في من يمكنه أن يقدم برنامجًا مناسبًا لبناء الذات!، وكيف؟!، أين؟!.

إن البرامج التي تطرح على وجه الأرض كثيرة جدًّا، وكلها تدعي وصلًا باليلى، وكلها تدعي أنها تحمل مشروعًا ناجحًا للإنسان لبنائه وتنميته، ولكن في فرض صحة حمل البرامج الأرضية الوضعية (أي من وضع البشر) لمشروع يبني الإنسان، فأي منها يحمل ذلك، نظرًا إلى أن ليس هناك مشروع واحد متحد، بل هي مشاريع كثيرة وبرامج كثيرة جدًّا، ويصل الحال بالتأمل فيها إلى درجة التناقض، وهذا الأمر لا يقبله العقل البشري، إذ كيف يكون مشروعًا يقول مثلًا أن اليمين هو الصح، وفي الوقت نفسه مشروع آخر يقول الشمال على الصح، وكلاهما يكون صحيحًا، فهذا ما لا يقبله العقل ولا العقلاء.

ومما يؤسف له أن الكثير من الناس يغفل عن هذه الحقيقة، وفي الواقع قد نعذره لأنه من أعماق ذاته هو باحث عن شيء يسد جوعه الفطري، فتراه ينتقل من برنامج إلى آخر، غير مدرك وغير لاتفت إلى أن بعض تلكم البرامج تقع على جد النقيض، وأن وجدانه وعقله لا يقبلان ذاك التناقض.

إن الإنسان عندما يبحث عن برنامج يسد جوعه فإنّ منشأ هذا البحث صحيح، إلا أن الخلل يقع في الاختيار، وهذا ما يعرف لدى الحكماء بالاشتباه في مصاديق المفهوم، أي أن الإنسان لا يستطيع أن يحدد فيما يحيط به وبالمحيط الذي فيه ما يسد جوع فطرته، ورغبة وجدانه ولهذا نراه يميل بين مدرسة وأخرى، وهكذا أثبتته تجارب ودراسات المدرسة المعرفية لجان بياجيه.

إلا أن الله تبارك وتعالى الذي هو خالق الوجود، والعالم بكل شيء، والذي هو صاحب الكمالات اللامتناهية، قد وضع للإنسان البرنامج الذي يناسبه ويرغب فيه، لأنه برنامج قد نشأ من أعماق التركيبة التي ركبت عليه ذات الإنسان، لهذا نجد البرنامج الإلهي ليس أجنبيًا عن الإنسان وتركيبته وخِلقته وصناعته، فوضع للإنسان لك البرنامج الرائع لأجل تحقيق ما تريده ذاته من أعماقها، هذا البرنامج العظيم قد وضعت مواده وبنوده وصيغته وقوانينه وضوابطه فيما يعرف بـ(الدين الإسلامي)، والدستور الذي يحوي هذا البرنامج مركب من أمرين اساسيين وهما: القرآن الكريم والسنة الشريفة.

إذن إن الإسلام يملك برنامجًا لبناء الشخصية الإيجابية للإنسان حسبما ترغب فيه ذات الإنسان، ومن هنا نتسائل: إذن كيف فعّل الإسلام هذا البرنامج العظيم لأجل تحقيق هذا المشروع الإنساني العظيم؟! .. فهذا ما سوف نتعرف عليه إن شاء الله تعالى في الحلقة المقبلة.

* كاتب عماني