اعداد ـ هلال بن حسن اللواتي:
إننا من خلال تتبعنا لآيات القرآن الكريم وتدبرنا فيها سنجد أولًا وجود مصطلح ومفهوم يتكرر لأكثر من 220 مرة، بمختلف الصيغ، وفيه نشاهد دعوة التحقق بهن واخرى بيان آثاره الإيجابية إذا ما تمسك به الإنسان، وثالثة بيان آثاره السلبية إذا ما تركه الإنسان وهذا المفهوم هو: (التقوى).

وبرغم تردد هذه الكلمة في وسط المسلمين إلا أنها أجنبية عن التفعيل والحضور في ساحاتهم وبشكل ملحوظ، فخذ على سبيل المثال لا الحصر: كم منا يصف شخصًا أنه متق بما تحمل الكلمة من معنى، الجواب: لعله نادر جدًّا جدًّا، وكم منا يستطيع أن يحكم على تصرفات شخص ما بانها تصرفات ناشئة من منطلق التقوى، وهكذا نجد أنفسنا أمام مفهوم أجنبي عن ساحة المسلمين عامة مع أنه من أشد المفاهيم حضورًا في القرآن الكريم.

ترى ما معنى التقوى؟، ومالذي يريده القرآن الكريم تحقيقه من خلال التقوى؟، وهل لهذا المفهوم من أهمية حتى يركز عليه القرآن الكريم بتلك الدرجة؟، ولنفترض أنه مفهوم مهم جدًّا الا أن السؤال الذي سوف يرد هنا، هل له أية علاقة بالحياة الاجتماعية أم لا؟، أم أنه مفهوم له آثاره في العالم الأخروي فقط؟، ثم إنني كإنسان ابحث عن حياة سعيدة في هذه الحياة الدنيا، فأبحث عن الحياة السعيدة وعن بعض الرفاهية وعن الأموال، فماذا يقدم لي هذا المفهوم (التقوى) من كل ما أطمح إليه؟!، إن مثل هذه الأسئلة تكثر، وتبحث لها عن أجوبة طي هذا المفهوم الذي يعتبره القرآن الكريم من المفاهيم ذات الآثار الجمالية العظيمة لتحقيق إنسانية الإنسان وتحقيق شخصيته الإيجابية.

لقد قال الأعلام في تعريف التقوى: قال العلامة الجوهري في (الصحاح: 6: 2526):(لغة: وقى، اتقى يتقي، أصله اوتقى على افتعل، فقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها وابدلت منها التاء وادغمت، فلما كثر استعماله على لفظ الافتعال توهموا ان التاء من نفس الحرف فجعلوه إتقي يتقي بفتح التاء فيهما)، وقال العلامة الراغب الاصفهاني في (المفردات في غريب القرآن : 530):(وقى: الوقاية حفظ الشئ مما يؤذيه ويضره ... والتقوى جعل النفس في وقاية مما يخاف ...)، وجاء تعريفه في كتاب المصطلحات:(التقوى: الاتقاء: الحذر، الاحتراز، الوقاية، التجنب، التفادي)، وقال العلامة أبو هلال العسكري في (الفروق اللغوية 137): (والتقوى: كف النفس عما نهى الشارع عه حرامًا كان أم مكروهًا).

* كاتب عماني