■■ مسقط ـ العمانية:
يبذلُ خط الدفاع الأول من الطواقم الطبية العاملة في المؤسسات الصحية في السلطنة، جهودًا ملموسة وجبارة وكبيرة في ظل الظروف الاستثنائية التي أحدثتها جائحة كورونا حتى أصبحت محل تقدير دائم ومُستمر من أفراد المجتمع. ■■
ويبقى ما يقومُ به مُنتسبو الكادر الطبي في السلطنة وسام فخر يعتلي كل من يعيش على هذه الأرض الطيبة مسطرين بتكاتفهم وحدة الصف راسمين نهج وقاية وسعي دؤوب ليرفل مواطنو ومُقيمو عُمان بالعافية آمنين جاعلين ثناء حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ ودعمه المِعطاء دافعا لبذل المزيد.
وتسلّط وكالة الأنباء العُمانية الضوء على الجهود التي تبذلها المديرية العامة للخدمات الصحية بمحافظة مسقط التي تواصل جهودها لاستكمال عمليات التطعيم وأخذ اللقاحات ضد فيروس (كوفيد ـ 19)، في وقت تسعى من خلاله لإحداث التوازن مع ما تقدّمه من خدمات الصحة الأولية، وتعزيز التوعية بأهمية التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات للوقاية والحد من انتشار الوباء، كما تواصل المديرية استكمال تلك الجهود من خلال تسخير كافة الإمكانيات المتاحة لخدمة أبناء السلطنة والمقيمين على أرضها.
وحول تلك الجهود قالت الدكتورة لمياء بنت حسين البلوشية ـ مديرة دائرة مراقبة ومكافحة الأمراض بالمديرية العامة للخدمات الصحية بمحافظة مسقط: بعد رحلة طويلة في مجابهة جائحة (كوفيد ـ 19) تتوالى جهود المديرية العامة للخدمات الصحية بمحافظة مسقط لاستكمال ما تمّ إنجازه في المرحلة السابقة، من خلال تقديم الخدمات الأولية والوقائية واستكمال جهود التطعيم، مُشيرة إلى أنّه مع بداية العام الحالي تمّ تفعيل الحملة الوطنية للتحصين ضد (كوفيد ـ 19) والتي تهدف لتحصين ما لا يقل عن 60 بالمائة من المجتمع على عدة مراحل.
وأضافت في تصريح لوكالة الأنباء العمانية: إنّه مع بداية الجائحة لم يكن هناك وقت لإعادة هيكلة المنظومة الصحية حيث استمرّت المديرية في تفعيل دور الرعاية الصحية الأولية، من خلال تقديم المراكز الصحية لخدماتها الأساسية إلى جانب عملها المستحدث لمواجهة حالات (كوفيد ـ 19)، حيث برز دورهم في عمليات التقصّي الوبائي ومُتابعة الحالات وعزل المُخالطين في المنزل أو أماكن العمل، كما تمّ تشكيل فرق الصحة العامة لمُتابعة الأشخاص في مراحل العزل بشكل يومي، ولعل أهم البرامج التي برزت هي الصحة الرقمية وإيجاد بدائل للتواصل مع المرضى ومتابعتهم وتقديم خدمات الرعاية الأولية لهم.
وأشارت إلى أنّه في ظل ظروف الوباء تمّ اتّخاذ القرار بالحد من الزيارات الدورية للمراكز الصحية؛ بهدف محاولة تضييق إجراءات الوقاية والتباعد الصحية، ولتحقيق المزيد من الفاعلية قامت الخدمات الصحية بمسقط بتعزيز التعاون مع المديرية العامة للتربية والتعليم بالمحافظة والمدارس الخاصة لمُتابعة الحالات المُشتبه بها، والإصابات بالمدارس، والقيام بجهود مُكثّفة في مجال التقصّي الوبائي والتدخلات اللازمة للحد من انتشار المرض في المدارس.
ولفتت إلى أنّ الخدمات الصحية بمحافظة مسقط تُعدّ عضوا أساسيا في فريق العزل المؤسسي مع قطاع الإغاثة والإيواء ومع فريق مطارات عمان، لذلك تواصلت جهودها من خلال تفعيل دورها البارز في مُتابعة المسافرين أثناء العزل.
وحول عمليات التحصين ضد (كوفيد ـ 19) أوضّحت الدكتورة لمياء أنّه تمّ تشكيل فريق فني متخصص لتنفيذ الحملة بناءً على الفئات المُستهدفة وكمّيات اللقاحات المتوفرة، حيث بدأت المديرية بتوفير اللقاحات في المراكز الصحية في بداية الأمر، ونظرا لبعض التحديات التي واجهتنا في بادئ الأمر نتيجة عزوف الفئة المُستهدفة عن التحصين، فقد تمّ تفعيل نشاط التوعية المستمرة وتوفير المعلومات الصحيحة والواقعية عن اللقاحات، والتصدي لكل الشائعات المتداولة، كما عملت الخدمات الصحية بمسقط على تفعيل نظام رصد فعّال لمُتابعة بلاغات الآثار الجانبية المُحتملة والمتوقعة للتطعيم.
وبيّنت أنّه نتيجة لنجاح حملة التوعية بأهمية أخذ لقاحات كورونا، شهدت جميع المراكز الصحية المُخصصة للتطعيم إقبالًا كبيرًا من المُستهدفين بعدما أصبحت اللقاحات مرغوبة مع مرور الوقت، ولمواجهة تلك الزيادة في أعداد الراغبين في التطعيم تمّ التوسع في استحداث أماكن مناسبة لاستيعاب أعداد كبيرة وكذلك لتمكننا من تحقيق التباعد الجسدي حفاظا على سلامة المُستهدفين والتيسير عليهم للحصول على اللقاحات، وإيجاد عمليات تنظيم أفضل صحيًا.
وأضافت: إنّه تمّ تفعيل مواقع مركزية على مستوى محافظة مسقط لإعطاء اللقاحات وهي الصالة الرئيسية لمجمّع السّلطان قابوس الرياضي ببوشر وخُصّصت للمُستهدفين من ولايتي بوشر والسيب، وفي سبلة مطرح وخُصّصت للمُستهدفين من ولايتي مطرح ومسقط، وفي مكتب والي قريات للمُستهدفين من الولاية، وكذلك مجمّع قريات الصحي للمُستهدفين من تلك الولاية أيضًا، ولله الحمد شهدنا خلال الحملة وسيرها تضافر جهود مختلف القطاعات والجهات مع جهود وزارة الصحة لإنجاح حملة التحصين.
وأشارت إلى وجود دعم من وزارة الثقافة والرياضة والشباب من خلال توفير الصالة الرئيسية لمجمّع السّلطان قابوس لإقامة مركز التحصين لولايتي بوشر والسيب، كما توجد جهود تطوعية تُبذل من المديرية العامة للكشافة والمرشدات للمساعدة في عمليات تنظيم دخول وخروج المُستهدفين، وأصبحت المراكز كذلك تستقبل يوميًا أعدادًا كبيرة من الفئة المُستهدفة والمستحقة للجرعة الثانية.
وذكرت أنّ المديرية العامة للخدمات الصحية بمسقط قامت بتفعيل خدمة معلومات الإشعارات حول مراكز التحصين ضد (كوفيد ـ 19) على الرقم (1144) بهدف الإرشاد والردّ على الاستشارات والاستفسارات الواردة حول عمليات التطعيم ومدى توفر اللقاحات.
ودعت مديرة دائرة مراقبة ومكافحة الأمراض بالمديرية العامة للخدمات الصحية بمحافظة مسقط، أفراد المُجتمع في ظل الظروف الاستثنائية بالبدء في حماية أنفسهم والالتزام بالإجراءات الوقائية وتطبيق معايير التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات وعدم تداول الشائعات والأخبار غير المعتمدة ومتابعة التحديثات بالفئات المُستهدفة ومراكز التحصين.
كما أعرب عدد من العاملين الصحيين عن شكرهم وتقديرهم لحكومة السلطنة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ على الدعم المتواصل، مؤكدين على مواصلة تقديم الرعاية الصحية اللازمة لكافة أفراد المجتمع سواء للمواطنين أو المقيمين.
من جانبها قالت الدكتورة ميا بنت سالم المحرمية ـ طبيبة اختصاصية في التخدير والعناية المركزة بالمستشفى السلطاني: إنّ هناك جهودًا جبارة وكبيرة تُبذل من قِبل الطواقم الطبية في المؤسسات الصحية التي لا يمكن أن تُوصف بكلمات أو أسطر، مضيفة أنّ هناك إصرارًا كبيرًا لديهم على العطاء وبذل كل ما بالإمكان بذله في سبيل إنقاذ حياة أو الإسهام في عدم تدهور الحالة بعد استقرارها.
وأشارت إلى أنّ استمرار الجائحة التي تدخل عامها الثاني، أوجد ضغطًا كبيرًا على العاملين في القطاع الطبي سواءً على الجانب النفسي أو الجسدي أو الاجتماعي ، مُضيفة أنّ العمل في قسم (كوفيد ـ 19) كان تجربة مختلفة بكل المقاييس من حيث التعامل مع المُصابين بشكل مباشر وتكمن الصعوبة في الحالات التي تصل لمستوى العناية المركزة أو الحرجة.
وأضافت: إنّنا نقوم بشكل يومي بالاتصال بأهالي المرضى المُرقدين واطلاعهم على مستجدات العلاج والحالة العامة للمريض، ويمكن تصوُّر كيفية التعامل مع المريض ومع أهله الذين لديهم الكثير من الاستفسارات والتساؤلات عن حالاتهم وكلهم أمل ورجاء أن يسمعوا ما يسرّهم ويُطمئن قلوبهم ولكن للأسف في بعض الأحيان يكون الواقع مُختلفًا وليس كما نحب.
ولفتت إلى أنّ واقع العمل في قسم كورونا أصعب من أن تتعايش معه خارج القسم، حيث إن هذا ليس متساويا، حيث رأينا مرضى يفارقون الحياة وهم من فئات عمرية مختلفة، كما كان الحذر والخوف من نقل العدوى بدون ظهور الأعراض مُتمكنا في حياتنا وحياة زملائنا وعائلاتنا”، مُضيفة أنّ مخالطة مرضى كورونا علّمتنا أنه لا مجال للتهاون وأنّ الروح غالية والمحافظة عليها فرض لا يقبل السخرية أو التجاهل، مُشيرة إلى أنّ “وجود اللقاح جعلنا مطمئنين ولكن هذا لا يجعلنا نتهاون في مواصلة أخذ الحيطة والحذر.
بدوره بيّن عبدالله بن خميس البلوشي ـ ممرض في قسم (كوفيد ـ 19) بالمستشفى السلطاني، حول تجربته، مشيرًا إن العمل في قسم (كوفيد ـ 19) تسطّرت فيه مسيرتي الإنسانية قبل العملية وهو وسام فخر ويُضيف لي بالقدر الذي نُعطي فيه، وهي تجربة حملت الكثير الصعوبات ما جعلني اليوم فخورا أكثر بنفسي حينما تُعطي أكثر، مؤكدًا أنّ العمل في قسم (كوفيد ـ 19) يجعلك تشعر بمَن حولك أكثر وتظل الدعوات تُرافقك ويظل الجُهد المبذول بهِ من الأثر النفسي عاملًا يجعلنا نُحافظ عليه.
وأضاف: إنّ أكثر ما يشغل تفكير مَن يعمل في قسم (كوفيد ـ 19) ألا يكون سببًا في انتقال العدوى لأحد سواء كان قريبًا له أو بعيدًا، مُشيرًا إلى أنّها كانت أيامًا صعبة حملت قلق أن أكون سببًا في إلحاق الضرر بأحد والنصيب الأكبر من انتقال العدوى لي لكن لُطف الله كان أعظم وبعد الحجر المنزلي لم تثبُت الإصابة ولم أنقلها لأحد بحمد لله.
ووصفّ عمله في هذه المهنة بانها هبةٌ من الله ومسؤولية جسيمة للعمل بوفاء وإخلاص وأن عُمان تستحق منّا الكثير وكُل من عليها هُم نحن، مؤكدًا أننا شعب جُبلنا على التعاون فكان نهجًا سطر به السلطان قابوس ـ طيّب الله ثراه ـ همم التكاتف وأكمل مسيرته حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ أيّده الله ـ ليُصبح الجميع هُنا على هذه الأرض مُتكاتفين مُتماسكين.
وحول رسالته للمُجتمع قال: نحنُ نشعر بما تشعرون به ونعلم جليا ما أحدثه الوباء من تغيُّرات كانت غير مُسبوقة لكننا ندعوكم أن تبقوا بأمان وأن تتخذوا الإجراءات الوقائية نهجا تسمون به لصحتكم وصحة غيركم، ولن نتهاون بعون الله عن تقديم ما لدينا.
من جهته أكّد محمد بن شامس الجابري ـ مُمرض في قسم (كوفيد ـ 19) بمستشفى النهضة، على أهمية الجانب النفسي للعاملين الصحيين في التعامل مع المرضى المُصابين بـ(كوفيد ـ 19)، مشيرًا إلى أنّه خلال فترة عمله في القسم تعامل مع حالات حرجة، واصفًا هذه التجربة بـ(الصعبة).
ولفت إلى الصعوبات التي واجهها خلال عمله منها الرداء المُخصص للعاملين الصحيين في قسم (كوفيد ـ 19) المُخصص لحمايتهم والذي يُقيّد حركتهم وهو محدود جدًا وفي نطاق ضيّق مع لِبس الكِمامة لساعاتٍ متواصلة، منوها إلى الضغط الكبير الذي يمرّ به العاملون في القطاع الطبي حتى بعد الخروج من العمل تخوفا وحرصا منهم لعدم نقل المرض إلى أُسرهم أو أصدقائهم.
وأضاف: إنّ طبيعة العمل في قسم (كوفيد ـ 19) غيّرت فيه الكثير سواء في نطاق العمل أو المجتمع “خاصة مع تزايد الإصابات أو الوفيات التي قد تحدث أمام أنظارنا وهي مشاهد قاسية ومُتعبة ومُؤثرة نفسيًا، مؤكدًا أنّ وفاة أي شخص تُمثل خسارة كبيرة وأنهم يبذلون قصارى جهدهم للتقليل من الوفيات ولكن هي أقدار الله ولا مفر منها. واستعرض تجربته بعد إصابته بفيروس كورونا (كوفيد ـ 19)، مؤكدًا أنّه بعد إصابته حظي بدعم معنوي ونفسي كبير سواء من قِبل الأسرة أو زملاء العمل، مضيفًا أنّه بعد تعافيه من المرض باشر العمل في ذات القسم وأن هذه التجربة زادته قوة وصلابة لتقديم الرعاية اللازمة للمُصابين، مؤكدًا أنّ ما يقوم به هو وزملاؤه واجبٌ إنساني مُقدّس.