طالب بن سيف الضباري:
في بداية شهر مايو من كل عام يحتفل العالم بيوم حرية الصحافة الذي يركز فيه على مساحة الحرية التي تمارس للفكر والراَي، وما يعانيه الصحفي من قمع في العديد من الدول لقيامه بأداء مهنته ليكون الوسيط بين الحكومات والشعوب لنقل الواقع كما يراه ويلمسه ويعايش بعضا منه ومع اَن المواثيق والمعاهدات الدولية تجرم استهداف الصحفيين والإعلاميين أثناء الحروب والأزمات، الا أنه يبقى أحد أبرز العناصر المستهدفة كهدف من أهداف النيران المعادية، وهو كذلك الحلقة الأضعف أمام طغيان وجبروت بعض الحكومات عندما يحاول بقلمه وصوته أن يبرز بعض مكامن الخلل لديها، من فساد وسوء إدارة واستغلال للسلطة والنفوذ على حساب مصالح الوطن والمجتمع، ومع ان معظم حكومات العالم تعمل على ضمان هذه الحرية من خلال أنظمتها ودساتيرها الا اَن التطبيق في واقع الأمر عكس ذلك، ولعل أكثر هذه الفئة تضررا في الدول التي تدعي بأنها تعمل بنظام ديمقراطي يتم من خلاله تداول السلطة عبر انتخابات يسبقها الكثير من الوعود لضمان ممارسة الشعوب للحريات، الا ان ذلك يبقى شعارات ترفع لضمان المزيد من التأييد ولتبقى تلك الدول جمهورية الشعارات وملكية الممارسة والتطبيق . فالحاكم فيها لا يخرج الا من خلال الإنقلاب أو الوفاة.

ومن خلال قراءة سريعة لواقع حرية الرأي والفكر في العالم يلاحظ ان هناك دولا وسائل الإعلام فيها لاتوجد لديها أزمة ممارسة وإنما أزمة حرية، حيث إن الحرية كتشريع وشعار موجود الا أن ممارسة ذلك على أرض الواقع يواجه بالعديد من أنواع ممارسات القمع من قبل السلطات ، فإن لم يكن بطريقة مباشرة فبوسائل وطرق التفافية او ملتوية أكان ذلك بالتصفية الجسدية أو عبر قضايا عادة ما تكون غير مرتبطة بموضوع حرية النقد والكلمة ، أما الدول التي فيها نظام الحكم ملكي فمعظمها لديها مساحة جيدة من الحرية المكفولة وفقا للأنظمة الأساسية والدساتير والقوانين، الا أنه يوجد لديها أزمة ممارسة لدى العديد من الصحفيين والإعلاميين في تطبيق تلك المساحة، على الرغم من وضوح الخطوط الحمراء التي يجب عدم تجاوزها في تلك المساحة المتمثلة في حظر ما يؤدي إلى الفتنة أو يمس أمن الدولة أو يسيء إلى كرامة الإنسان ، وما عدا ذلك بالإمكان ممارسة حق النقد الهادف البناء الذي يعين الحكومات على تصحيح الممارسات التي تتبع في تقديم الخدمات المختلفة للمجتمع ، من إسكان وكهرباء ورعاية صحية وتعليمية وإجتماعية واقتصاد وسياحة وغيرها من المجالات ذات النفع العام والملزمة الحكومة عبر وحداتها المتعددة على تقديمها وترجمة ما يصدر إليها من توجيهات قيادتها لتجويدها وتسهيلها وتبسيطها.

نحن في عمان من وجهة نظري لا توجد لدينا أزمة حرية رأي وتعبير وإنما لدينا أزمة ممارسة لدى غالبية الأقلام الصحفية المعتمدة، ليس لأنها غير قادرة على ذلك وإنما تعطي مساحة للجانب الوطني إنطلاقا من أن النقد ربما يؤثر على سمعة الوطن ويعطي مؤشرا غير إيجابي لدى البعض ، وبالتالي فإن هذه النظرية التي ينتهجها البعض استفاد ولايزال يستفيد منها ذلك المسؤول الموكل إليه خدمة المجتمع ، أن يكون حراكه ومعالجته لمسارات الخدمة التي تقدم عبر الجهاز الذي يرأسه بطيئا في ظل غياب رقابة السلطة الرابعة له، نعم هناك أقلام تمارس حقها النقدي وأصوات كذلك عبر شبكات التواصل الاجتماعي، الا ان ذلك لايكفي لإحداث تأثير حقيقي يدرك من خلاله كل شخص معني بتقديم خدمة للمجتمع انه مراقب من إعلام قوي حكومي وخاص هدفه المساعدة في تعزيز مرتكزات الدولة الحديثة وبناء منظومة متقدمة ومتطورة من الخدمات التي تجعل من عمان في قلب كل فرد من أفرار المجتمع وقبلة عالمية لكل مستثمر أو سائح، فلنمارس حرية التعبير ونساعد على التغيير الى الافضل ولننتقد الحكومة أو المسؤول على التقصير في الأداء وننقل لهم هموم المجتمع بكل مصداقية وتجرد ، وليعلم المسؤول بأن هناك أمورا تحدث في المجتمع أقرب ما تكون الى الصحفي والإعلامي المطالب مهنيا بإيصالها الى الحكومة.

أمين سر جمعية الصحفيين العمانية
[email protected]