د. أحمد بن سالم باتميرا:
نعيش في سلطنة عمان، كما يعيش العالم من حولنا، أوقاتا صعبة ونحن نواجه الفيروس الوبائي كورونا الذي انتشر في كل الدول الغنية والفقيرة، ليكشف للعالم أجمع حقيقة أننا ما زلنا في حاجة للعلم والاختراع لمواجهة ما هو أخطر من كورونا في قادم الأيام..!
لم تستطع الدول الكبرى مواجهته قبل أن ينتشر الفيروس على نطاق واسع، إلا باللقاح الذي يخفف من آثاره، وبالإجراءات الاحترازية الواجب اتخاذها من أجل الحدِّ من انتشاره سعيا لاحتوائه، سواء في السلطنة أو غيرها من الدول.
وهناك دول نجحت في معالجة تداعيات وتأثيرات الفيروس الاقتصادية والاجتماعية في سلسلة من المبادرات التي اتخذتها للتعامل مع هذه التداعيات، وتخفيف الأعباء عن المواطنين والمقيمين، وعن الشركات والمؤسسات المختلفة.
ومن أجل أن نجعل السلطنة خالية من الوباء الخطير، فعلينا الإسراع في أخذ اللقاح أولا، وتطبيق الاحترازات التي تدعو لها الجهات المختصة، والاستفادة من تجارب الآخرين في هذا الإطار.
هذه الأزمة الوبائية سوف تنتهي يوما ما، ومع ذلك فإن التقيد بالتعليمات لتجاوز الأزمة يعد أمرا ضروريا في هذه الفترة؛ لأن الفيروس المتحور أخطر من الفيروس نفسه، وهناك أفراد عديدون غادروا الحياة الدنيا نتيجة الإصابة بهذا الوباء، رغم الجهود الكبيرة التي تبذلها الطواقم الطبية في مستشفيات السلطنة.
فالفيروس يتطور ويتحور ويتقلب، وينتقل من دولة لدولة ومن شعب إلى شعب، وغدا بإذن الله تعالى ستؤمن الحكومة اللقاح لكافة الفئات والأعمار المسموح لها بالتطعيم، لذا علينا الالتزام خلال الأيام القادمة وضبط أنفسنا وتجنب التجمعات والزيارات حتى نأخذ اللقاح الذي سيخفف عنا آثار الوباء بنسبة حوالي 90 في المئة بإذن الله تعالى.
وكلنا يعلم كيف أن بعض الدول استهرت بالوباء، وأصابها ما أصابها نتيجة التراخي في الإجراءات الوقاية واستهتار مواطنيها ومشاركاتهم في مناسبات واحتفالات جماعية حاشدة، وإقامة خيم رمضانية وغيرها من دون قيود.
وما حدث في تلك الدول يُعد درسا مهمًّا، علينا الاستفادة منه، لذا نأمل من كافة المواطنين والمقيمين التقيد بالتعليمات، وعدم التراخي حتى تزول الغمة، والابتعاد أو الاستماع للإشاعات حاليا، ونترك أخبار المؤامرة العالمية لأهلها، ونهتم بصحتنا وإنقاذ أولادنا وأهالينا من هذا الوباء الذي لا يرحم ولا يفرق بين الكبير أو الصغير، فكم أرواحا تركتنا وودعتنا دون سابق إنذار بسبب كورونا.
هذا الوباء العالمي قد كشف لنا الكثير من الأمور، وممكن أن يغير حتى في بعض السياسات العالمية بعد أن أدرك الجميع أهمية التعاون الدولي الجماعي، وبدأت بوادره تظهر جليا من خلال المصالحات والتسويات والحوارات وصولا إلى الدعوة لقيام نظام عالمي جديد يحقق الأمن والسلام، ويضع حدا للصراعات والحروب بإذن الله تعالى ولو بعد حين.
لذا فإنه من المهم والضروري أن نتقيد بالتعليمات، فاللقاح سيأتي، وعلينا التطعيم سريعا، وعلينا كذلك أن نعرف جيدا بأننا لم نبلغ مرحلة الوصول إلى التعافي الكامل أو الخلاص النهائي من الوباء، ولكن علينا أن نطمئن لأن جلالة السلطان هيثم بن طارق ـ حفظه الله ورعاه ـ يشرف بنفسه ويتابع كل صغيرة وكبيرة ونحن في أيادٍ أمينة، وسيتم إحضار أفضل اللقاحات للوطن.
وبالتالي فإن علينا أن ندرك أن السبيل الوحيد للخلاص والوصول إلى حالة التعافي المجتمعية هو عبر الالتزام الصارم بكل الإجراءات والتدابير الاحترازية والتعليمات الطبية، مواطنين ومقيمين، وعدم الإنصات للإشاعات التي تنتشر في وسائل التواصل الاجتماعي حول مخاطر اللقاح.
ولتعزيز الثقة في اللقاحات، فإن على وزارة الإعلام ووسائل الإعلام المختلفة نقل إجراءات التطعيم وعمل لقاءات مباشرة وتنظيم حملات توعية مكثفة ومستمرة وبأشكال مختلفة لإبراز أهمية اللقاح ومخاطبة المواطنين والمقيمين كذلك؛ لنكون بمأمن من هذا الفيروس، وحتى ينعم الجميع على هذه الأرض بالأمان والسلامة والعافية.
صحيح أن للعيد بهجة، الكل ينتظره بشوق لما له من عادات وتقاليد وطقوس عائلية وسعادة، ولكن ليكون العيد أكثر سعادة لنا جميعا، فعلينا أن نفرح بالعيد وأجوائه في بيوتنا دون الاختلاط والزيارات وتكون التهاني من خلال التواصل الهاتفي، ونأمل من شركات الاتصالات أن تخفض التعرفة أيام العيد أو تجعلها مجانية لمدة يومين لدعم تعليمات اللجنة العليا ونداء الأطباء.
للسعادة عوامل عديدة من أهمها الحفاظ على أنفسنا وأوطاننا من خلال الالتزام بالتعليمات، وعدم الانخراط في المحذورات وتجنب خلق بيئة تشاؤمية في المجتمع، فالعلاج هو التقيد والانضباط وأخذ اللقاح لنحقق الطمأنينة ونزرع الفرحة في بيوتنا في قادم الأيام، ونحول التحديات إلى واقع نعيشه ونحياه بعد التطعيم، وننهي بذلك كافة التداعيات التي جعلتنا نغلق أماكن العبادة ومطاراتنا وأبوابنا وأسواقنا، فاللقاح لحمايتنا جميعا (مواطنين ومقيمين) لتظل بلادنا واحة مستقرة كعادتها بإذن الله تعالى في العيد وكل عيد، وكل عام وأنتم بخير.. والله من وراء القصد.