[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
تنشغل الدوائر الأميركية ووسائل إعلامها بالحديث عن التعذيب الذي مارسته قواتهم العسكرية وأجهزتهم الاستخبارية، وقد يتصور البعض أن التعذيب الذي جرى لسنوات طويلة بحق المعتقلين في جوانتانامو وباجرام وبوكا وابو غريب ومئات السجون الاخرى، قد حصل بعيدا عن معرفة الحكومة الأميركية، وأن الصورة في مجملها ستكون عبارة عن أخطاء عابرة يقف خلفها عدد محدود من الجنود.
في وقت مبكر من سنوات الاحتلال الأميركي في العراق كشف الصحفي الأميركي الشهير سيمور هيرش بعضا من فظائع الممارسات الاجرامية للجنود الأميركيين في العراق، تزامن ذلك مع محاولة القوات الاميركية اجتياح مدينة الفلوجة في اذار / مارس 2004 على خلفية قتل العراقيين اربعة من ضباط المخابرات الأميركية وتم تعليق جثثهم على جسر الفلوجة على نهر الفرات.
نشرت الصحافة الأميركية صورا فوتوغرافية لمجندة أميركية وهي تتلذذ بتعذيب المعتقلين العراقيين، إضافة لصور اخرى، وبعد أن اثارت القضية ضجيجا عالميا مدويا تم حصر التعذيب بعدد قليل جدا من الجنود الأميركيين وقلبت وسائل الإعلام الأميركية الصورة بمجملها، ليصبح الحديث عن عدد قليل جدا من الجنود يمارسون التعذيب في زنزانة واحدة في سجن ابو غريب، لكن الحقيقة التي يعرفها الإعلام الأميركي والمسؤولون الأميركيون اكبر وأبشع بكثير ، ففي سجن ابو غريب وحده هناك آلاف الحالات التي حصلت قبل ربيع عام 2004 ، وفي سجن ابو غريب هناك مئات الزنازين المظلمة الانفرادية التي يتعرض فيها المعتقلون للتعذيب البشع، وفي مدن العراق الاخرى وصل عدد القواعد والمعسكرات الأميركية إلى 505 قاعدة ومعسكر، وفي هذه الاماكن هناك السجون والزنازين وادوات التعذيب البشعة والاجرامية ولا يوجد موقع منها ليس فيه سجن لتعذيب العراقيين، لكن الحديث بقي مرتبطا في الذهنية الأميركية وفي العالم بمكان واحد هو سجن أبو غريب وبعدة صور لمعتقلين عراقيين وبعدد لا يتجاوز عدد اصابع اليد من الجنود الأميركيين، في حين ما حصل بعد فضيحة ابو غريب كان اوسع وابشع بجميع المقاييس.
نفس البشاعات كانت تحصل في قت واحد بجوانتانامو وباجرام وسجون سرية في عرض البحر وفي افغانستان ومدن كثيرة اخرى.
ما يجري الحديث عنه حاليا لا يختلف عن الذي حصل عام 2004، والقصد من ضجة تثيرها أميركا بهذا الشكل لتحجيم تلك الجرائم من جانب، واقناع الناس بأنها كانت تجري باجتهادات فردية، في حين كانت جرائم التعذيب الأميركية أحد اهم برامج أميركا في بلداننا وضد ناسنا.