لا يزال الحديث عن الأيدي العاملة الوافدة حديثًا ذا شجون، ذلك أنه يمثل الهاجس الأكبر لدى الحكومات الخليجية وضمنها حكومة السلطنة بالنظر إلى حالة النهم المستشري في جلب هذه الأيدي العاملة الوافدة دون اعتبارات الحاجة الفعلية والماسة لعملية البناء والتدريب والتأهيل والإنتاج في مختلف القطاعات، وإنما غدت المصالح الشخصية ودوافع الربح السريع على حساب المجتمع وعاداته وتقاليده وهويته وثقافته وأمنه واستقراره، وعلى حساب الأسر العمانية المشَكِّلة للمجتمع بما فيها أسرة صاحب المصالح الشخصية والربح السريع. في السابق لم يكن خافيًا الدور الكبير الذي لعبته الأيدي العاملة الوافدة في دول الخليج العربية بما فيها بلادنا، وتحديدًا بُعيْد ظهور ثروة النفط، وحاجة هذه الدول إلى الأيدي العاملة الخبيرة في عملية التنمية والبناء في ظل خلوها تقريبًا من الكفاءات المتعلمة والخبيرة والمؤهلة والمدربة حينذاك. ولا يمكن إنكار الجهد الذي بذلته هذه الأيدي العاملة الوافدة طوال العقود الأربعة الماضية تقريبًا، حيث استطاعت أن تحول الصحراء إلى واحات ومنشآت وصناعات، محققة المأمول من الخطط واستفادتها في الوقت ذاته، فأمنت مستقبل عيشها ولأسرها.
وعلى الرغم من اعترافنا بهذا الدور ونسبة الفضل إلى أهله، فإنه أيضًا لا بد من الاعتراف بأن أخطاء كثيرة صاحبت ـ ولا تزال ـ عملية جلب الأيدي العاملة الوافدة، أسهمت بدورها في عدم قدرة صانع القرار على التحكم في بوصلة هذا التهافت والنهم غير المسبوق، من حيث عملية التقنين والتشريع والضوابط وتحديد معدلات الاحتياج لكل قطاع من القطاعات وتنظيم عملية الاستقدام، والموازنة بين الحاجة الفعلية إلى الأيدي العاملة الوافدة والحاجة الزائدة منها، ما أدى إلى ارتفاع لافت في نسبة الأيدي العاملة الوافدة لدرجة تناهز أعداد سكان الدولة الواحدة، ومنها ما يعادل نصفهم، دون التنبه إلى السلبيات والمخاطر التي يمكن أن تترتب على هذه الزيادة غير المتحكم فيها وغير المدروسة، وحين استفاقت الحكومات للخطر الداهم الذي يندس وسط هذه الزيادة الكبيرة والزائدة عن الحد، نبهت إلى أنها تمثل قنبلة موقوتة قابلة للانفجار في أي وقت.
هذه المخاطر والسلبيات وغيرها كانت حاضرة في الحلقة النقاشية التي عقدتها وزارة التنمية الاجتماعية أمس بمقر مجلس الدولة لاستعراض نتائج الدراسات حول "الآثار الاجتماعية والاقتصادية للعمالة الوافدة على المجتمع العماني، وأثر عاملات المنازل على خصائص الأسرة العمانية في محافظة مسقط، إلى جانب استعراض دراسة أثر المستوى الثقافي والاجتماعي للأم على النمط الاستهلاكي للأسرة في السلطنة". حيث أكدت الحلقة أن ما نسبته (59.2%) من أفراد عينة الدراسة من الجمهور لا يراعون عادات وتقاليد المجتمع عند اختيارهم للأيدي العاملة الخاصة، وتعكس هذه النسبة مؤشرًا خطيرًا للغاية يحتاج إلى مزيد من الدراسة للوقوف على الأسباب الحقيقية التي تجعل الفرد لا يهتم بمن يعمل لديه، وكذلك ما قد تسببه من مشكلات دينية واجتماعية وأخلاقية وثقافية على المدى البعيد. والواضح هنا أن الاختيار لا يتم وفق عادات وتقاليد المجتمع وقيمه، وإنما يعتمد كثيرًا على توفر الجنسية المناسبة من الأيدي العاملة الوافدة من جانب، ورخص هذه الأيدي الوافدة من جانب آخر. ولم تغفل الحلقة النقاشية الآثار السلبية المترتبة لهذه الأيدي العاملة الوافدة، سواء من حيث اللغة العربية وتعرضها للتكسير والتهشيم واعوجاج اللسان وحلول مصطلحات وكلمات أجنبية دخيلة غير فصيحة محل مصطلحات وكلمات عربية فصيحة، أو من حيث الثقافة والعادات والتقاليد المخالفة لثقافة مجتمعنا وعاداته وتقاليده، بما يهدد الهوية العمانية سواء من حيث الزي وارتداء زي العامل الوافد والتشبه به وتقليده، أو من حيث الممارسات والسلوكيات والمعتقدات المخالفة لخصوصية مجتمعنا وروحه المستمدة من العقيدة الإسلامية، بالإضافة إلى انتشار الجرائم وتعاطي المخدرات والمفترات والسرقة كنتيجة مباشرة للزيادة في نسبة الأيدي العاملة الوافدة. ولم تقتصر هذه المخاطر والسلبيات على العامل الوافد في قطاع ما، وإنما تشمل أيضًا عاملات المنازل اللاتي يعتبرن أشد خطورة بالنظر إلى ما يوكل إليهن من تربية أجيال المستقبل.
لذا كل الأمل في أن تكون هذه الحلقة منطلقًا نحو نظرة متأنية ومتعقلة من قبل المواطنين والتعاون مع الحكومة في الحد من هذه الظواهر التي ستصل إلى حد الكوارث، خاصة وأن الوقت لا يزال بأيدينا وفرصة المعالجة قائمة وفي متناولنا.

لا يزال الحديث عن الأيدي العاملة الوافدة حديثًا ذا شجون، ذلك أنه يمثل الهاجس الأكبر لدى الحكومات الخليجية وحكومة السلطنة بالنظر إلى حالة النهم المستشري في جلب هذه الأيدي العاملة الوافدة دون اعتبارات الحاجة الفعلية والماسة لعملية البناء والتدريب والتأهيل والإنتاج في مختلف القطاعات، وإنما غدت المصالح الشخصية ودوافع الربح السريع على حساب المجتمع وعاداته وتقاليده وهويته وثقافته وأمنه واستقراره، وعلى حساب الأسر العمانية المشَكِّلة للمجتمع بما فيها أسرة صاحب المصالح الشخصية والربح السريع. في السابق لم يكن خافيًا الدور الكبير الذي لعبته الأيدي العاملة الوافدة في دول الخليج العربية بما فيها بلادنا، وتحديدًا بُعيْد ظهور ثروة النفط، وحاجة هذه الدول إلى الأيدي العاملة الخبيرة في عملية التنمية والبناء في ظل خلوها تقريبًا من الكفاءات المتعلمة والخبيرة والمؤهلة والمدربة حينذاك. ولا يمكن إنكار الجهد الذي بذلته هذه الأيدي العاملة الوافدة طوال العقود الأربعة الماضية تقريبًا، حيث استطاعت أن تحول الصحراء إلى واحات ومنشآت وصناعات، محققة المأمول من الخطط واستفادتها في الوقت ذاته، فأمنت مستقبل عيشها ولأسرها.
وعلى الرغم من اعترافنا بهذا الدور ونسبة الفضل إلى أهله، فإنه أيضًا لا بد من الاعتراف بأن أخطاء كثيرة صاحبت ـ ولا تزال ـ عملية جلب الأيدي العاملة الوافدة، أسهمت بدورها في عدم قدرة صانع القرار على التحكم في بوصلة هذا التهافت والنهم غير المسبوق، من حيث عملية التقنين والتشريع والضوابط وتحديد معدلات الاحتياج لكل قطاع من القطاعات وتنظيم عملية الاستقدام، والموازنة بين الحاجة الفعلية إلى الأيدي العاملة الوافدة والحاجة الزائدة منها، ما أدى إلى ارتفاع لافت في نسبة الأيدي العاملة الوافدة لدرجة تناهز أعداد سكان الدولة الواحدة، ومنها ما يعادل نصفهم، دون التنبه إلى السلبيات والمخاطر التي يمكن أن تترتب على هذه الزيادة غير المتحكم فيها وغير المدروسة، وحين استفاقت الحكومات للخطر الداهم الذي يندس وسط هذه الزيادة الكبيرة والزائدة عن الحد، نبهت إلى أنها تمثل قنبلة موقوتة قابلة للانفجار في أي وقت.
هذه المخاطر والسلبيات وغيرها كانت حاضرة في الحلقة النقاشية التي عقدتها وزارة التنمية الاجتماعية أمس بمقر مجلس الدولة لاستعراض نتائج الدراسات حول "الآثار الاجتماعية والاقتصادية للعمالة الوافدة على المجتمع العماني، وأثر عاملات المنازل على خصائص الأسرة العمانية في محافظة مسقط، إلى جانب استعراض دراسة أثر المستوى الثقافي والاجتماعي للأم على النمط الاستهلاكي للأسرة في السلطنة". حيث أكدت الحلقة أن ما نسبته (59.2%) من أفراد عينة الدراسة من الجمهور لا يراعون عادات وتقاليد المجتمع عند اختيارهم للأيدي العاملة الخاصة، وتعكس هذه النسبة مؤشرًا خطيرًا للغاية يحتاج إلى مزيد من الدراسة للوقوف على الأسباب الحقيقية التي تجعل الفرد لا يهتم بمن يعمل لديه، وكذلك ما قد تسببه من مشكلات دينية واجتماعية وأخلاقية وثقافية على المدى البعيد. والواضح هنا أن الاختيار لا يتم وفق عادات وتقاليد المجتمع وقيمه، وإنما يعتمد كثيرًا على توفر الجنسية المناسبة من الأيدي العاملة الوافدة من جانب، ورخص هذه الأيدي الوافدة من جانب آخر. ولم تغفل الحلقة النقاشية الآثار السلبية المترتبة لهذه الأيدي العاملة الوافدة، سواء من حيث اللغة العربية وتعرضها للتكسير والتهشيم واعوجاج اللسان وحلول مصطلحات وكلمات أجنبية دخيلة غير فصيحة محل مصطلحات وكلمات عربية فصيحة، أو من حيث الثقافة والعادات والتقاليد المخالفة لثقافة مجتمعنا وعاداته وتقاليده، بما يهدد الهوية العمانية سواء من حيث الزي وارتداء زي العامل الوافد والتشبه به وتقليده، أو من حيث الممارسات والسلوكيات والمعتقدات المخالفة لخصوصية مجتمعنا وروحه المستمدة من العقيدة الإسلامية، بالإضافة إلى انتشار الجرائم وتعاطي المخدرات والمفترات والسرقة كنتيجة مباشرة للزيادة في نسبة الأيدي العاملة الوافدة. ولم تقتصر هذه المخاطر والسلبيات على العامل الوافد في قطاع ما، وإنما تشمل أيضًا عاملات المنازل اللاتي يعتبرن أشد خطورة بالنظر إلى ما يوكل إليهن من تربية أجيال المستقبل.
لذا كل الأمل في أن تكون هذه الحلقة منطلقًا نحو نظرة متأنية ومتعقلة من قبل المواطنين والتعاون مع الحكومة في الحد من هذه الظواهر التي ستصل إلى حد الكوارث، خاصة وأن الوقت لا يزال بأيدينا وفرصة المعالجة قائمة وفي متناولنا.