جودة مرسي:
دائما ما تضرب السلطنة المثل في تجانس اللحمة بين أفراد المجتمع بين الحاكم والرعية بين الرئيس والمرؤوس، سواء على مستوى القيادة أو داخل المؤسسات كبيرة كانت أو صغيرة، حكومية كانت أو خاصة، حين يلتقي أفراد النسيج للتشاور واتخاذ القرار الذي يعم في مجمله الصالح العام، وهذا ما عبَّر عنه جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ـ حين أصدر أوامره بسرعة الاستجابة لمطالب البعض من أبنائه، فكانت التوجيهات السامية من المقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم ـ أعزَّه الله ـ والجهود التي تبذلها الحكومة لإيجاد كافة السبل لدعم التشغيل، وإطلاق مجموعة من المبادرات التشغيلية، حيث أسدى جلالة السلطان المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ توجيهاته الكريمة للجهات المعنيَّة بسرعة تنفيذ هذه المبادرات التشغيلية، والتي تشمل (توفير ما مجموعه ألفا فرصة عمل بالقطاع الحكومي بنظام العقود المؤقتة حسب الاحتياجات الفعلية، وتوفير ما مجموعه مليون ساعة للعمل الجزئي في المؤسسات الحكومية، ودعم أجور العمانيين الداخلين الجدد لسوق العمل في القطاع الخاص بما مقداره 200 ريال عماني على أن يتحمل صاحب العمل فرق الراتب المتفق عليه لعدد 15000 فرصة عمل وذلك لمدة سنتين، وصرف إعانة شهرية مقطوعة من صندوق الأمان الوظيفي بما مقداره (202.500) مئتان وريالان وخمسمئة بيسة ولمدة ستة أشهر للعاملين لحسابهم الخاص المؤمن عليهم لدى الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية المتأثرة أعمالهم بسبب الوضع الاقتصادي ومن في حكمهم، والبالغ عددهم قرابة خمسة عشر ألفًا وللمنهية خدماتهم من العمانيين العاملين بدول مجلس التعاون الخليجي وذلك لمدة ستة أشهر. وتوفير ما يزيد عن 32 ألف فرصة عمل خلال هذا العام. لتثبت السلطنة تميزها وأنها ليست مثل أي من الدول الأخرى في التعاطي مع مستجدات الأحداث، خصوصا فيما يخص الإنسان العماني الذي تضعه القيادة في المقام الأول من مشاريعها التنموية، وإن كان هذا يجعلنا نشيد بأن السلطنة من الدولة القليلة التي استطاعت أن تخفف من آثار جائحة (كوفيد19) على مواطنيها، ولا ينكر ذلك أي منصف يعلم بتأثر العديد من دول العالم، بفضل انتهاجها سياسة التنوع الاقتصادي وتعدد مصادر الدخل، كما تابعنا بتوجيهات جلالة السلطان المعظم بتطوير محافظة مسندم وتحقيق تنمية شاملة مستدامة وتنويع اقتصادي قائم على المقومات التنافسية التي تمتلكها المحافظة، إضافة إلى جعلها أكثر جاذبية للاستثمار، بإنشاء فرع لجامعة التقنية والعلوم التطبيقية بالمحافظة يضم عددًا من التخصصات، وبناء منظومة متكاملة للمخزون الاستراتيجي بما يحقق الأمن الغذائي والدوائي في المحافظة، وتحويل ميناء خصب إلى منطقة لوجستية خاصة تهدف إلى توفير الخدمات والمرافق والتسهيلات لتنشيط حركة الاستيراد والتصدير، وفتح خطوط مباشرة للتصدير، وإنشاء مناطق اقتصادية سياحية خاصة تكون بمثابة المحرك للاستثمارات السياحية للمحافظة ومنشط للحركة اللوجستية المرتبطة بها، وإشهار منطقة محاس منطقة اقتصادية بهدف تنظيم ونمو الصناعات الخفيفة والمتوسطة والتخزين بما يدعم حركة ميناء خصب. وهذا ما عهدت إليه السلطنة، ودائما ما كانت تصدر التوجيهات السامية من جلالة السلطان ـ أيَّده الله ـ للحكومة الرشيدة بمنح حرية أكثر للقطاع الخاص والاستثمارات واستقطاب رأس المال، ورفع نسبة مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج القومي، ولهذا شهدت السنوات الأخيرة جهودا عظيمة في قطاعات السياحة والنقل والصناعة. فتم تطوير الموانئ المتعددة في السلطنة، سواء في الشمال أو في الجنوب، وخلق نقاط دعم لوجستية على طريق التجارة العالمية، وتم ربط السلطنة بالدول المجاورة لزيادة حركة التبادل التجاري والسياحي مثل الموافقة على إنشاء جسر بري مع إيران وإنشاء خط سكك حديد يمر بدول مجلس التعاون الخليجي، وتطوير قدرات المطارات في مسقط وصلالة وصحار، سواء للنقل الداخلي أو الخارجي، والاهتمام بالخدمات الموجودة في مناطق الجذب السياحية التي تنعم بها السلطنة.
إن السلطنة دائما ما تكون عند وضع "مستقر" في أي تصنيف ائتماني؛ بفضل تنوع مصادر الدخل الذي تنتهجه السلطنة، وجهود الحكومة في تضييق الفجوة بين الإيرادات والمصروفات. الاستقرار أيضا يتعلق بأرقام اقتصادية مثل التضخم، بما يعني رفع كاهل التراجع المالي عن المواطن حتى لا يشعر بالإرهاق في حياته اليومية نتيجة غلاء وارتفاع أسعار السلع والخدمات، وكذلك توفير فرص العمل للشباب، وتقديم الدعم للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتشجيع الصناعات الصغيرة.
ربما يفهم البعض خطأ أن المطالب ناتجة عن تقصير ما في مكان ما، بل الحقيقة التي لا تنكرها العين هي أن العالم كله يعيش تأثرا غير مسبوق ولا توجد لدى العديد من الدول الحلول الآنية، فما فعلته القيادة الحكيمة لجلالة السلطان المعظم بضرورة توفير احتياجات المواطنين ـ على خلاف ما يحدث في العديد من دول العالم ـ هو ما يضع السلطنة في موضع مختلف في التعامل مع المواطن رأس الحربة في التنمية، لأن هذا العود طيب الرائحة من تلك الشجرة الطيبة التي تمتد جذورها من الأرض وطولها يعانق السماء.