الإقبال الذي تحظى به مراكز التحصين ضد فيروس كورنا "كوفيد19" بمختلف محافظات السلطنة يعكس تنامي الوعي لدى الجميع (مواطنين ومقيمين)، فالتفاعل الواسع من قبل الفئات المستهدفة للتطعيم في المجتمع يعبِّر عن الاستجابة الجيِّدة للجهود التي تبذلها حكومة السلطنة ممثَّلة في الجهات المعنيَّة وفي مقدِّمتها وزارة الصحة التي أخذت على عاتقها هذه المسؤولية وما تمثِّله من تحديات وضغوط، ومن إرادة وصبر وتحمُّل في الوقت ذاته لإنجاح حملات التطعيم في السلطنة.
في عمق صورة المشهد الوطني يبدو الجميع كخلية نحل حيث سواعد الكوادر الطبية والكوادر الطبية المساندة وجميع العاملين الصحيين تتصدر هذا المشهد، وفي خلفيته يعطي التفاعل الإيجابي من قبل الفئات المستهدفة القيمة الحقيقية لعمق المشهد ووضوح الصورة، ويعكس التناغم والانسجام المطلوبين لإظهار الصور الحقيقية لعُمان وأبنائها الأوفياء، والتأكيد الدائم على حالة التلاحم والتعاون في الشدَّة والرَّخاء، خصوصًا وأن هذه الحملات الصحِّية لتطعيم الناس من فيروس "كوفيد19" وتجنيبهم مخاطره وويلاته لها آثارها ونتائجها الطيِّبة التي يتطلع جميع العمانيين إلى تحقيقها وهي الوصول بالمجتمع العماني إلى مستويات جيِّدة من الصحَّة والتعافي، بحيث يتمتع أفراده بقدر جيِّد من الحصانة والوقاية من شر هذا الوباء الخطير الذي لا يريد أن يزول، بل يريد أن يبقى جاثمًا على صدور البشرية من خلال تواصله المثير للانتباه والدهشة عبر سلالاته المتحوِّرة التي تزداد شراسة وتمتاز بأنها أشد فتكًا وأكثر انتشارًا.
إن التعاون الذي تبديه مؤسسات الدولة، سواء في وزارة الصحة أو في وزارة التربية والتعليم اللتين خصَّصتا مراكز ومدارس للتطعيم، أو على مستوى الأهالي وتخصيص المجالس العامة، بالإضافة إلى حملات التوعية، وعمليات التشجيع للمترددين في أخذ التطعيم، يعبِّر عن مدى الاهتمام الكبير والحرص الشديد، وما يتمتع به أفراد المجتمع من وعي، لا سيَّما وأنَّه ينطلق من صُوَر مأساوية وواقع عايشه الجميع دون استثناء، حيث الخسائر البشرية وأعداد الإصابات، وفقدان فلذات الأكباد، والأهل والأقارب والأصدقاء وما تركه في الأنفس من آلام ومكابدات وأحزان، وحيث الخسائر المادية وفقدان مصادر الدخل والوظائف، وتحوُّلات معيشية صعبة لا يزال يدفع فاتورتها الجميع، تستدعي التفكير والتقدير، ومراجعة الذات، والوقوف مليًّا أمام كلِّ تلك التفاصيل بشيء من الحكمة والروية، والاعتماد على الله والتوكل عليه، والأخذ بالأسباب، حيث تمثِّل اليوم اللقاحات المكتشفة والمضادة لمرض فيروس كورونا "كوفيد19" أحد هذه الأسباب، بالإضافة إلى الأسباب الأخرى والمتمثلة في الالتزام بالإرشادات والتعليمات الصحِّية بالحرص على ارتداء الكمامة، والمداومة على غسل اليدين بالماء والصابون وتعقيمهما بالمعقمات المقرَّة، وترك مسافدة مترين والتباعد الاجتماعي وتجنُّب التجمُّعات وأماكن الزحام والاكتظاظ.
لم يعد هناك عذر بعد الشوط الذي قطعته البلاد من أجل تأمين وصول دفعات من اللقاحات، وإتاحتها أمام الجميع، لا سيَّما الفئات المستهدفة وذات الأولوية، والتي (أي اللقاحات) ستكون متوافرة بإذن الله لكلِّ من لم يحصل عليها بعد، خصوصًا وأنَّ كلَّ الإفادات العلمية والطبية الصادرة عن الأطباء والجهات الصحِّية المعنيَّة تؤكد مأمونية هذه اللقاحات، وأنها لا تسبب أي آثار جانبية أو مضاعفات، كما لم تسجل السلطنة ـ ولله الحمد ـ حتى كتابة هذه السطور أي مضاعفات للذين أخذوا التطعيم.. لذلك تنامي الوعي لدى الجميع وتشجيع المترددين على أخذ التطعيم يجب أن يأخذ مداه ومستواه وصولًا إلى مجتمع صحِّي محصَّن بإذن الله.