لا تزال القضايا الإنسانية للاجئين السوريين تضرب عميقًا في جذور المؤامرة ضد الشعب السوري، لكونها أحد أركان نجاح المؤامرة بتفريغ سوريا من شعبها وتحويلها إلى أطلال من الماضي، وفق حسابات العقول المأفونة والقلوب المريضة للمخططين للمؤامرة.
وحديث المتآمرين ـ منفردين أو مجتمعين أو عبر المنظمات الدولية التي سطوا عليها ـ عن اهتمامهم بقضية اللاجئين السوريين والمحاصرين وضرورة إيصال المساعدات الإنسانية إليهم، هو حديث لا ينفصل عن حديثهم عن الإرهاب ومحاربته التي اتضحت أنها حرب إعلامية في جزء، وداعمة ومؤيدة ومتحالفة مع الإرهاب وعصاباته في أجزائها الأخرى. ذلك أنه ليس بمقدور أي عقل أو منطق أن يجمع بين مساعدة إنسانية وغذائية لعشرات الآلاف من المشردين السوريين وبين تأييد مطلق ودعم غير محدود للإرهاب بمختلف تنظيماته وسط ترويج إعلامي عن استثناء تنظيم واحد فقط وهو "داعش" ومحاربته؛ أي أنه لا يمكن للوعي استيعاب المشهد بأن تتحدث أطراف المؤامرة عن خشيتها على حياة آلاف الأسر السورية في الوقت الذي تحمل فيه هذه الأطراف في يمناها رغيف خبز، وفي يسراها رصاصة غادرة أو مدفعًا رشاشًا أو صواريخ لتبقر بها المعد الخاوية أو أن تبقر بها البطون بعد سكون رغيف الخبز فيها.. إنه تناقض مروع ومخيف يبرز إلى أي حد وصل الاستخفاف بحياة الشعب السوري وبدمائه، وإلى أي انحدار أخلاقي وسلوكي وإنساني وصل إليه ذارفو دموع التماسيح.
إن المؤامرة على سوريا لا تزال تسير تحت غطاء إعلامي معبَّأ بمختلف ألوان الكذب والنفاق والخداع والفبركة والتدليس، في حين تحت هذا الغطاء تواصل مطابخ التآمر والعدوان ممارسة شذوذها وإعداد ما لذَّ لها من ألوان العذاب والتدمير والتخريب لتصيب بها في دفعة واحدة أو على تارات الدولة السورية وشعبها وجيشها وقيادتها ومن يدافع عنها رافضًا هذا الإرهاب بشقيه اللوجستي والمنفذ. ومن أبرز ما تكشف من وسائل خادعة ومراوغة وفضحته الوقائع:
أولًا: محاولة الفرز الكاذبة والمفضوحة بين العصابات الإرهابية المسلحة، باعتبار عصابة منها "إرهابية" ووصف الباقي بـ"المعتدلة"، حيث تبين من هذه الدعاية الإعلامية أن الهدف منها هو مواصلة الدعم اللوجستي لهذه العصابات ومحاولة إضفاء الشرعية على الإرهاب الذي تمارسه، والقصد من ذلك هو استمرار عملية استنزاف قدرات الجيش العربي السوري، واستنزاف موارد الدولة السورية وتدمير بنيتها الأساسية عن بكرة أبيها.
ثانيًا: الحديث عن المساعدات الإنسانية للاجئين وخاصة داخل سوريا أو المحاصرين من قبل العصابات الإرهابية المسلحة واستصدار القرار الأممي رقم 2191 بدعوى ضرورة إدخال المساعدات الإنسانية ودون إذن أو تنسيق مع الحكومة السورية، أصبح حديثًا ممجوجًا ومفضوحًا بالنظر إلى الوقائع على الأرض، حيث كانت تدخل شاحنات المساعدات الإنسانية في المناطق التي تسيطر عليها العصابات الإرهابية بحجة مساعدة المحاصرين، ناهيك عن قيام سائقي الشاحنات الأممية المحملة بالمساعدات بتركها في المناطق الخاضعة لسيطرة ما يسمى "جبهة النصرة وداعش والجبهة الإسلامية ولواء الإسلام وغيرها" والهروب بدعوى أن الإرهابيين استولوا عليها قبل أن تصل إلى اللاجئين. وبالتالي بات واضحًا أن هذه المساعدات تأتي في إطار الدعم اللوجستي للعصابات الإرهابية لضمان استمرارها في عملية القتل والتدمير والنهب والاستنزاف، وما الحديث عن مساعدة السوريين إلا متاجرة واضحة وفاضحة بحقوقهم، بدليل لو أنهم كانوا صادقين فيما يقولون لتوقفوا عن دعم الإرهاب وعصاباته، ولأيدوا الحل السياسي ولم ولن يقفوا عقبة أمامه، ولقاموا بالتنسيق مع الحكومة السورية لضمان إيصال المساعدات إلى المحتاجين السوريين فعلًا.