مسقط ـ العمانية:
بتكليف سامٍ من حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ مثَّلت معالي الدكتورة رحمة بنت إبراهيم المحروقية وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار السلطنة في أعمال القمة الإسلامية الثانية للعلوم والتكنولوجيا التي عُقدت أمس عبر الاتصال المرئي.
وقالت معالي الدكتورة وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار في كلمة السلطنة إن هذه هي القمة الثانية لمنظمة التعاون الإسلامي التي تتخذ العلوم والتكنولوجيا محورًا لها تأتي في إطار الجهود المستمرة التي تبذلها المنظمة لمواكبة المستجدات في هذه المجالات الحيوية، وما أثمرته من ابتكارات واختراعات أثرت تأثيرًا جذريًّا في حياة المجتمعات الإنسانية على الأصعدة كافةً سواء أكانت اجتماعية أو فكرية أو معرفية أو اقتصادية.
وأضافت معاليها أن أهمية هذه القمة تكمن في كونها تنعقد والعالم يشهد تسابقًا متسارعًا في إنتاج واقتناء التقنيات الصاعدة التي أفرزتها الثورة الصناعية الرابعة كنتيجة للبحث العلمي المتخصص، والإبداع والابتكار اللذين أصبحا المحركين الأساسيين للاقتصاد العالمي؛ فما يشهده العالم من تطورات غير مسبوقة في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء والبيانات الضخمة وتقنية النانو والتقنية الحيوية.
وأشارت إلى أن الثورة الصناعية الرابعة تحمل في طياتها ـ بجانب التطور المرتقب ـ مجموعة من التحديات للمجتمعات البشرية والتي أصبح متوقعًا أن تؤدي الثورة الصناعية الرابعة إلى تداخل ما هو تقني ورقمي مع ما هو حيوي وإنساني مؤكدةً أن هذا التداخل ستنجم عنه لا محالة تغيرات جذرية في السلوك الإنساني وطبيعة المجتمعات البشرية فيجب هنا توخي الحذر من خلال قياس تأثيرات التقنيات المتقدمة على المجتمعات الإنسانية للمحافظة على كل ما يميز البشر.
وذكرت أن أهم التحديات الراهنة التي يواجهها العالم تتمثل في انتشار جائحة كورونا التي فاقت آثارها السلبية كل التوقعات بما كبدت البشرية من خسائر جسيمة في الأرواح وشلت حركتها على جميع الأصعدة وأضعفت اقتصاداتها وقلصت رفاهيتها فهي تعيد إلى الأذهان وحدة المجتمعات البشرية على اختلاف مشاربها وترابطها الوثيق وأهمية تعاونها في التصدي لكل خطر قد يحدق بها ويودي بها إلى مواطن الهلاك.
وقالت معالي الدكتورة رحمة بنت إبراهيم المحروقية وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار إنه من المؤمل أن تتضافر جهود أعضاء منظمة التعاون الإسلامي في المجالات البحثية ذات الصلة بالجوائح والأمراض المعدية في الصناعات الدوائية وإنتاج اللقاحات لضمان الأمن الدوائي والصحي والمساهمة في حفظ الحياة واستمرارها لكل شعوب العالم.
وأضافت معاليها أن التعاون ببناء قواعد بيانات مشتركة ومتكاملة تبين الخبرات والتجهيزات المتاحة في الدول الأعضاء تكون متاحة للجميع ليسهل التواصل بين الباحثين وبناء الشراكات وشبكات التعارف مما سيعظم الفائدة من كل ما هو متوافر في جميع البلدان.
ولفتت على أهمية تكثيف الجهود في البحث العلمي والابتكار وتوفير التمويل اللازم لهما من القطاعين العام والخاص وتمكين الباحثين والمبتكرين من خلال التدريب اللازم والمتطور، وتوفير البُنى الأساسية المكتملة من مختبرات مجهزة ومراكز أبحاث متطورة.
وبيَّنت وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار على أن الحكومة أدركت منذ بدء نهضتها الحديثة التي قادها المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور ـ طيب الله ثراه ـ أهمية البحث العلمي والابتكار وأرست دعائمهما في جامعة السلطان قابوس التي تأسست في العام 1986م، واعتمدت البحث العلمي والإبداع والابتكار ضمن أهم أهدافها، وهو ما دفع بالجامعة إلى افتتاح 14 مركزًا بحثيًّا في مجالات استراتيجية منها المياه، والبيئة، والطاقة، والتقنية الحيوية، وتقنية النانو والاتصالات، والمعلومات، وفي الابتكار ونقل التكنولوجيا والمجالات الصحية والإنسانية وغيرها من المجالات، إضافة إلى نشرها 6 مجلات علمية محكمة وقرابة 1000 ورقة علمية في مجلات عالمية مكشفة في قواعد البيانات العالمية المرموقة.
وأكدت أن حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ يواصل نهج السلطان قابوس ـ طيب الله ثراه ـ متيمنًا خطاه وبرؤية واضحة وثاقبة في تعزيز دور التعليم والتعلم والبحث العلمي والابتكار وبناء القدرات الوطنية لتكون أساسًا للتحول إلى مجتمع المعرفة والاقتصاد المبني عليها ولذا فإن “رؤية عمان 2040” تضمنت هذه المجالات الحيوية.
وأشارت معالي الدكتورة رحمة بنت إبراهيم المحروقية وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار إلى أن النظام الأساسي للدولة اشتمل على أهمية البحث العلمي والابتكار وتكفل بحرية البحث العلمي ويعمل على تشجيع مؤسساته ورعاية الباحثين والمبتكرين، إضافةً إلى تكفله بالمساهمة الفاعلة للقطاعين الخاص والأهلي في نهضة البحث العلمي، مع حمايته لحرية الإبداع الفكري ورعاية المبدعين وتشجيعه على النهوض بالفنون والآداب حيث أعيدت مع هذا التوجه هيكلة وزارة التعليم العالي طبقا للمرسوم السلطاني 98/‏2020 وأصبح اسمها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار. وقالت معاليها إنه تنفيذًا للرؤية السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ في تعزيز التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار فقد أنشأ جلالته جامعة التقنية والعلوم التطبيقية لتكون صرحًا تعليميًّا يُركز على التخصصات العلمية والتقنية ولتكون ملتقًى للاكتشاف العلمي والابتكار وريادة الأعمال، ومحورًا للشراكة والتواصل المعرفي مع المجتمع المحلي من خلال أفرع الجامعة المُوزعة على مختلف ربوع السلطنة.
وأضافت أنه تحت مظلة قطاع التعليم العالي بشقيه (الحكومي، والخاص) تندرج 47 مؤسسة تعليم عالٍ و416 مؤسسة تدريبية خاصة، وجميع هذه المؤسسات لها إسهامات في البحث العلمي والابتكار وريادة الأعمال ويتعاون باحثو هذه المؤسسات مع كثير من أقرانهم في منظمة التعاون الإسلامي، وفيما يخص قطاع البحث العلمي والابتكار والذي يقع تحت مظلة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار؛ فقد اعتمدت الحكومة الاستراتيجية الوطنية للبحث العلمي 2040 والاستراتيجية الوطنية للابتكار 2040 ليكونا خريطة طريق توجِّه البحث العلمي والابتكار في مجالات استراتيجية تضم الأمن الغذائي والتقنية الحيوية والمياه والبيئة والطاقة والصحة وغيرها.
ضم وفد السلطنة المشارك في القمة صاحب السمو السيد فيصل بن تركي آل سعيد سفير السلطنة المعتمد لدى المملكة العربية السعودية، وممثلين عن كل من وزارة الاقتصاد، ووزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار.
وناقشت القمة أثر الأنشطة والبرامج التي نفذتها منظمة التعاون الإسلامي للعلوم والتكنولوجيا في إطار خطة عملها العشرية “خطة عمل منظمة التعاون الإسلامي للعلوم والتكنولوجيا والابتكار 2026” والتي أقرت في القمة الأولى 2017 بكازاخستان إلى جانب مناقشة وضع خريطة طريق واقعية لأنشطة المنظمة المستقبلية. وتأتي فكرة إقامة قمة للعلوم والتكنولوجيا رغبة من قادة المنظمة في إيلاء مجال العلوم والتكنولوجيا أولوية قصوى ضمن جهود التنمية المستدامة بالدول الأعضاء.