كانت الحياة تبتسم له على بعد ثلاثين عاما
شعاعا تائها في عتمة كون قيد التشكل
كان صبيا يريد الإلتحاق بالجيش
وشراء الفراري
كان حلما أعمى كشأن بقية الأحلام
لم تكن الحياة تبتسم
وجهها البلاستيكي من أثر عمليات التجميل
كان محنطا من التكرار
الحياة سئمت نفسها، كرهت نفسها
وحين وجدها الصبي تبكي
أطلق عليها الرصاص
وانطلق كفارس على مركبة أحلامه الوهمية

****
الآن بإمكانك تتبع ممراته الرمادية اللزجة
لن يزيدك ذكاء أكل أمخاخ بشرية
ولا أكل القلوب يجعلك أكثر شجاعة
كالاستيقاظ في وسط كابوس
لتكتشف انها متاهة لا خروج منها
كان قصرا متداعي الأركان
تنتشر فيه النباتات الميتة
وتعشش بين جنباته ذكريات الدسائس والخيانات
وعلى لوحات متماهية الملامح ترقص صراصير كبيرة الحجم كالملوك
لم أكن أبحث عن مخرج
لكني وجدت نفسي أركض حتى أدميت قدماي
الفخامة البائدة للنفاق تتعلق بأهداب النسيان
والأبواب لا مقابض لها ولا أسرار
تراقبه من بعيد وهي في كل مكان كالإله
كانت مقاليد روحه بيدها، كما يشاء لها
والقدر عاجز
يا أيتها الأرض الموعودة لن آتيك حيا
كؤوس كريستالية فاغرة نحو قناديل معلقة
ترن فيها أنات عشق زائف
جلست مقابلي رافعة نخبا بيدها المقطوعة
لم أكن أراها وهي تراني
كنت أريد أن أراه هو، ذلك الذي لا يرى
قالت إنه في أحد أركان القصر يمارس احتضاره منذ الأزل
غرف نوم كثيرة تهرب منها الأحلام
الأغطية البيضاء لم تكن ملطخة بالبقع
كحياتي الغارقة في الخطيئة الفاضلة

****

اللامعنى يقبض بشدة على عقلي
واللاجدوى أزهرت سوداء في قلبي
رفضت عرضي بالانتحار
وضحكت وهي تقول إنها تكره النهايات السعيدة
رحنا في نزهة حول القصر
يشيعنا غناء الغربان
رمادية السماء جعلتها أكثر شفافية
اخترقتها ثم اختفت وفستانها الأبيض يصعد عاليا
طعم ملحي في فمي كالصراخ
شقاؤك يجعلك أكثر جاذبية
في أعلى القصر رأيتها وهي تقبله
لقد خلع منجله من أجلي، صرخت من غير صوت
فاحذر أن تقع في غرام متاهتك الخاصة
أحرقوا جسدي
أحرقوا أدبي
أحرقوا كلماتي
واحرقوا ذاكرتي
وارموني في غياهب التجاهل
وانسوني

علي بن سيف الرواحي