هلال بن حسن اللواتي:
علمنا عن أصحاب السبت وما صدر منهم أن تصرفهم الذي نعت بالفسق أي: بالخروج عن صراط الاستقامة قد أثر على جميع ما قاموا به من الانجازات الضخمة من تكوين علاقات تجارية كبيرة، ومن كسب الأمول الضخمة بتجارتهم بالأسماك وتصديرهم إياها إلى البلدان التي من حولهم، إلا أنهم عندما تجاوزوا حدود الصراط المستقيم، إذا بالأسماك تتأثر بفعلهم، وظهر هذا التأثير في تغير جدولة الأسماك من القدوم في سائر الايام إلى القدوم في يوم السبت، وهو اليوم الذي حرم عليهم الصيد، فوقعوا في حيرة من أمرهم، إلا أنهم بدلاً عن التراجع عما كانوا يقومون به، إذا بهم تمادوا، فأرادوا التحايل على الحقيقة والواقع، فصادوا الأسماك بحيلة ذكية، إلا أن نواياهم تكون مكشوفة للعالم التكويني، فبدأ بالتحرك ضدهم حسب إملاءاتهم الفاسدة، فتغيرت أشكالهم البشرية!!، يا للهول.
تأملوا في قوله تعالى على لسان تلك الفئة من أبناء المجتمع والتي أرادت إرجاع صواب الفئة المنحرفة:(قالوا معذرة إلى رباكم ولعلهم يتقون)، لعلمهم أن التقوى هي العامل الاساس الذي سوف يعيد توازنات الاقتصاد الذي بدات طبول انهياره تقرع، لقد جاء ذكر التقوى في سياق القصة وكأن فيها معادلة تستطيع إعادة بناء الاقتصاد المنهار، أو بالكاد أن ينهار، فهل سمعنا في يوم من الايام، أو قرأنا في كتاب أكاديمي رفيع في أي جامعة عالمية، أو لدى أستاذ اقتصادي أو مستشار كبير في الأمم المتحددة في الاقتصاد ونمو البلدان وتنميتها أن من أهم معادلة من المعادلات الاقتصاد ونموه هو:(التقوى)!، أبدًا .. إلا أننا عندما ننظر إلى الآيات القرآنية وما يرافقها من النصوص الروائية فسنجد أن هناك في عالم الاقتصاد والتنمية توجد معادلة مهمة جدًّا، بل وأساسية، فإذا لم تدخل هذه المعادلة في أقسام التنمية البشرية فإن كافة المجالات ستكون مهددة بالانهيار والفساد، وهذه المعادلة هي:(التقوى)!.
وهنا قد يتساءل البعض عن العلة وراء ذلك، وكيف؟!، الجواب سهل جدًّا، ومختصره هو: أن الرؤية التي ننظر بها إلى العالم هي رؤية محدودة بحدود عالمنا، ولهذا تصدر منا معادلات لا تتجاوز هذه الدائرة، إلا أن الرؤية التي تنطلق منها المفاهيم القرآنية.
فهي بالنظر إلى العوالم ما قبل وبعد الدنيا إضافة إلى هذا العالم، وتنظر إلى القانون الغيبي التكويني الذي يحيط بالقوانين المادية، فتخرج المعادلات شاملة ودقيقة جدًّا، ولهذا نراها ترسم من المعادلات ما لا تستطيع المؤسسات البشرية أن ترسمه، بل ولا تستطيع تلكم المؤسسات فهم واستيعابها باي نحو من الأنحاء لأنها لا تكون قد رقت إلى مستوى فهمه واستيعابه وادراكه، وهذا أعظم خطأ وخطر يقع فيه الإنسان ما يكلفه كل ما بناه.
تأملوا في هذه الآية المباركة:(َمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا) (الطلاق 2 ـ 3)، فإن القرآن الكريم قد جعل التقوى أهم معادلة لزيادة الرزق ونمائه.