محمود عدلي الشريف:
أيها القراء الكرام .. يتواصل حديثنا عن موضوع (ممتلكات رسول الله ومقتنياته)، ونحن نتأمل فيما امتلك وفيما اقتنى من متاع بسيط من أمتعة الدنيا، فما كان (صلى الله عليه وسلم) تلفت نظرها الدنيا بأثرها فضلا عن متاعها الزائل، فهو (صلى الله عليه وسلم) القائل فيما جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ:(اللهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَ آلِ مُحَمَّدٍ كَفَافًا) (السنن الكبرى للنسائي 10/ 391).
ونلتقي سويًا اليوم ـ أحبابي الكرام ـ في هذه الحلقة لنرى (نوقه وجِماله) ـ صلوات ربي وسلامه عليه ـ ومما ورد أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان لديه من النوق والجمال الكثير، منها ما ورد اسمه ووصفه، ومنها ما لم يرد حتى بلغ عددها خمس وأربعون، يقول صاحب كتاب (سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد 7/ 407):(روى ابن مسعود عن معاوية بن عبد الله بن أبي رافع قال: كانت لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لقاح وهي التي أغار عليها القوم بالغابة وهي عشرون لقحة، وكانت التي يعيش بها أهل محمد ـ صلى الله عليه وسلّم ـ يراح إليه كل ليلة بقربتين من لبن، وكان فيها لقائح لها غرز كما في الهدى ـ خمس وأربعون، لكن المحفوظ من أسمائهن سنذكره)، وقد ذكرت إبل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في كثير من الكتب سأختصرها لكم:
القصواء:(كَانَتِ الْقَصْوَاءُ من نعم بني الحريش ابْتَاعَهَا أَبُو بَكْرٍ وَأُخْرَى مَعَهَا بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ. فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مِنْهُ بِأَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ. فَكَانَتْ عِنْدَهُ حَتَّى نَفَقَتْ، وَهِيَ الَّتِي هَاجَرَ عَلَيْهَا) (الطبقات الكبرى ط العلمية 1/ 382).
العضباء: جاء في (عمدة القاري شرح صحيح البخاري 14/ 161):(العضباء: ابتاعها أَبُو بكر ـ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ـ من نعم بني الْحَرِيش، وقيل: من بني قشر بثمانمائة دِرْهَم، قَالَ أَبُو عبيد: العضباء مشقوقة الْأذن. وَقَالَ ابْن فَارس: العضباء لقب لَهَا، وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَأما نَاقَة رَسُول الله ـ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ـ الَّتِي كَانَت تسمى العضباء، إِنَّمَا كَانَ ذَلِك لقباً لَهَا وَلم تكن أذنها مشقوقة)، و(عنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: كَانَ اسْمُهَا الْعَضْبَاءَ، وَكَانَ فِي طَرَفِ أُذُنِهَا جَدْعٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ نَاقَةٌ تُسَمَّى الْعَضْبَاءُ. وَكَانَتْ لا تُسْبَقُ. قَالَ: فَقَدِمَ أَعْرَابِيُّ عَلَى قُعُودٍ لَهُ فَسَابَقَهَا فَسُبِقَتْ. فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ. قَالُوا سُبِقَتِ الْعَضْبَاءُ. قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ـ فَقَالَ: إِنَّهُ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ لا يَرْتَفِعَ مِنَ الدُّنْيَا شَيْءٌ إِلا وَضَعَهُ) (الطبقات الكبرى، ط: العلمية 1/ 382)، وروى الإسفرائيني:(أن العضْبَاء ناقة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعد وفاته لم تأكل ولم تشرب ثم ماتت غمًّا عليه ـ صلى الله عليه وسلم) (تخجيل من حرف التوراة والإنجيل 2/ 766).
الجدعاء: جاء في (عمدة القاري شرح صحيح البخاري 14/ 161):(الجدعاء، وَكَانَت شهباء، وَكَانَ لَا يحملهُ إِذا نزل عَلَيْهِ الْوَحْي غَيرهَا).
ملحوظة هامة: جاء في (شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن 6/ 1958):(وقال محمد ابن إبراهيم التيمي التابعي: إن القصواء، والعضباء، والجذعاء اسم لناقة واحدة كانت لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم).
الصهباء: عَنْ قُدَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:(رَأَيْتُ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ عَلَى ناقة صهباء يرمي الجمرة، لَا ضَرْبَ وَلَا طَرْدَ، وَلَا إِلَيْكَ إِلَيْكَ) (حَدِيثٌ حَسَنٌ) (تاريخ الإسلام للذهبي 1/ 794).
بردة:(كانت تحلب كما تحلب لقحتان غزيرتان، أهداها له الضحّاك بن سفيان الكلابي، وكانت لأم سلمة وكان يرعاها هند ومروة وقيل: أهداها له سعد بن عبادة) (نزهة الأفكار في شرح قرة الأبصار 2/ 276).
المهرة:(ومهرة بضم الميم أرسلها له سعد بن عبادة، من نعم بني عقيل، وكانت غزيرة اللبن جدًّا) (نزهة الأفكار في شرح قرة الأبصار 2/ 276).
الْحِنَّاءُ وَالسَّمْرَاءُ وَالْعَرِيسُ وَالسَّعْدِيَّةُ وَالْبُغُومُ وَالْيَسِيرَةُ وَالدُّبَّاءُ:(حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: كَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لِقَاحٌ وَهِيَ الَّتِي أغار عليها القوم بِالْغَابَةِ، وَهِيَ عِشْرُونَ لِقْحَةً. وَكَانَتِ الَّتِي يَعِيشُ بِهَا أَهْلُ رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يُرَاحَ إِلَيْهِ كُلَّ لَيْلَةٍ بِقِرْبَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنْ لَبَنٍ. فَكَانَ فِيهَا لَقَائِحُ لَهَا غُزْرٌ: الْحِنَّاءُ. وَالسَّمْرَاءُ. وَالْعَرِيسُ. وَالسَّعْدِيَّةُ. وَالْبُغُومُ. وَالْيَسِيرَةُ. وَالدُّبَّاءُ) (الطبقات الكبرى، ط: العلمية (1/ 383).
الْمَرْوَة وأطلال وأطراف والشّقراء والرّياء: قال ابن القيّم في (الهدي النبوي): كانت له خمسة وأربعون لقحة، منها: أطلال وأطراف وبرده، والبغوم والحنّا والرّيا، والسّعدية والسّمراء والشّقراء، والعريّس ومروة ومهرة) (منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ 2/ 187).
الصَّلماء والمخضرمة: جاء في (شرح القسطلاني المسمى إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري 5/ 81):(وأخرى تسمى: صلماء وأخرى مخضرمة، وهذا كله في الأُذن، فيحتمل أن تكون كل واحدة صفة ناقة مفردة وأن يكون الكل صفة ناقة واحدة) و(عن أبي كاهل ـ رضي الله تعالى عنه ـ قال:(رأيت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يخطب بالناس يوم عيد على ناقة مخضرمة ورقاء، وحبشي يمسك بخطامها، قال وكيع: مخضرمة يقول: مقطوع طرف أذنها) (سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد 7/ 409).
سورة: جاء في (المرجع السابق 7/ 407):(وقيل كانت له لقحة تدعى سورة).
حَفِدَة:(وكانت صفىّ رسول اللَّه ـ صلى اللَّه عليه وسلم ـ من غنيمة سرية عليّ بن أبى طالب ـ رضي اللَّه عنه ـ بفدك، في شعبان سنة ست، لقوح تدعى الحفدة ـ السريع، فقدم بها على رسول اللَّه ـ صلى اللَّه عليه وسلم) (إمتاع الأسماع 7/ 243).
ذو البرة من فضة:(جَاءَ أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَهْدَى يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ جَمَلًا فِي أَنْفِهِ بُرَّةٌ مِنْ فِضَّةٍ، كَانَ غَنِمَهُ مِنْ أَبِي جَهْلٍ يَوْمَ بَدْرٍ، أَهْدَاهُ لِيَغِيظَ بِذَلِكَ الْمُشْرِكِينَ إِذَا رَأَوْهُ، وَكَانَ مَهْرِيًّا يَغْزُو عَلَيْهِ وَيَضْرِبُ فِي لِقَاحِهِ) (تاريخ الإسلام، ت: بشار 1/ 794).
الجمل الأحمر:(عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُبَيْطٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي حَجَّهِ بِعَرَفَةَ عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ)، وروى أيضًا:(حَدَّثَنِي الثَّوْرِيُّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُبَيْطٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي حَجَّهِ بِعَرَفَةَ عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ) (الطبقات الكبرى، ط: العلمية 1/ 383).
عسكرا: (عن عبد الملك بن عمير ـ رضي الله تعالى عنه ـ قال: كان اسم جمل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عسكرًا) (سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد 7/ 409).
الثعلب:(ذكر أبو إسحاق التّغلبي في تفسيره أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعث يوم الحديبية خراش بن أميّة الخزامي قبل عثمان إلى قريش بمكة، وحمله على جمل له يقال له الثّعلب ليبلغ أشرافهم عنه ما أجاء به، فعقروا جمل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأرادوا قتله، فمنعته الأحابيش فخلوا سبيله) (المرجع السابق 7/ 409).
وقد ذكر عن إيل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) نوقه وجماله الكثير والكثير، وقد اختصرت في جمعي للمعلومات عنها نظرًا لضيق المقام، فإن كنت أصبت فهذا أقصى ما أتمنى، وإن كانت الثانية فالكمال لله وحده، والله أعلم بالصحة والصواب.