لا يمكن أن نصف الأرقام التي تُسجِّلها وزارة الصحَّة هذه الأيام عن حالات الإصابة والوفاة بمرض فيروس كورونا "كوفيد19" إلا بأنَّها أرقام صادمة ومقلقة، سواء كانت أرقام حالات الإصابة أو حالات الوفاة، حيث يأخذنا المنحنى إلى صعود متسارع بدل أنْ يأخذنا إلى نزول، خصوصًا بعد بدء حملات التطعيم واستمرارها، وكذلك حملات التنبيه والتحذير من أن السلالات الجديدة المتحوِّرة هي أشدُّ فتكًا وأسرع انتشارًا، ما يستوجب الالتزام بالإرشادات والتعليمات الصحِّية، والتقيُّد بالإجراءات الاحترازية.
فبعد أنْ كنَّا نرى أنَّ الرقم عشرة لأعداد حالات الوفاة كبير جدًّا، وأنَّه مبعث كبير للقلق الشديد، أخذنا نصحو على مضاعفات الرقم عشرة كل يوم، فلم يعد الرقم عشرة عنوان القلق والفزع، مع ما يزيد على الرقم ثلاثين أو أربعين حالة وفاة، وحسب وزارة الصحة أمس الأول، سُجِّلت (41) إحدى وأربعون حالة وفاة جديدة بفيروس كورونا في السلطنة و(2037) وألفان وسبع وثلاثون حالة إصابة، في حين نمسي كلَّ يوم على أرقام تتجاوز (200) مئتي حالة إصابة في المؤسَّسات الصحِّية وغرف العناية المركَّزة خلال أربع وعشرين ساعة فقط.
وحين نُمعن النظر في هذه الأرقام أو الإحصائيات نجد أنَّ لها انعكاساتها الوخيمة والقاسية والمؤلمة على جميع المستويات، فحالات الوفاة التي تنوف على أربعين حالة تعني أنَّ ثمة زيادة في أعداد البيوت التي يَزفُّ إليها فيروس "كوفيد19" الأحزان والآلام، وتعني أنَّ هناك زيادة في أعداد الأُسر التي تفقد ضناها وفلذات أكبادها، وزيادة في أعداد الأُسر التي تفقد عائلها، وتصبح في وضع حياتي ومعيشي صعب وقاسٍ، لا سيَّما حين تكون هذه الأُسر لديها أطفال بحاجة إلى حنان الأبويْنِ وعطفهما، وإلى رعاية خاصَّة ومتابعة لصيقة في البيت وخارجه وفي المدرسة لكي ينشأوا تنشئة سليمة.
والمأساة ذاتها تنسحب على القطاع الصحِّي، حيث تتضاعف الأعباء والضغوط النفسية، وحجم المخاطر لدى الكوادر الطبية والكوادر الصحِّية المساعدة والعاملين الصحِّيين، ومع هذا الارتفاع المخيف والصادم يصبح وضع القطاع الصحِّي على المحك، والخشية من وصوله إلى الانهيار أو إلى حافته. كما أنَّ بلوغ المستشفيات أقصى طاقتها الاستيعابية لدرجة إغلاق مراكز صحِّية للاستعانة بالكوادر الطبية والكوادر الصحِّية المساعدة العاملة بهذه المراكز في المستشفيات المرجعية له معانيه ودلالاته التي لا تخفى على أحد، فضلًا عن ما يترتب على ذلك من توقُّف خدمة العلاج أمام المراجعين لهذه المراكز الصحية، وهذا بدوره يتسبَّب في مضاعفة المعاناة لدى كلِّ مَنْ يشكو من مرض ما وقد أُغلقت أمامه المراكز الصحِّية.
على الجانب الآخر، إنَّ ازدياد الأعباء على القطاع الصحِّي نتيجة ارتفاع حالات الإصابة بمرض فيروس "كوفيد19" سيرهق كاهل الدولة لتأمين العلاج وتوفير الأسرَّة اللازمة والكوادر الصحية وغير ذلك، وبالتالي حتى لا ندفع اللجنة العليا المكلَّفة ببحث آلية التعامل مع التطوُّرات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا "كوفيد19" إلى اتخاذ قرارات لا تخدم الوضع الذي يسعى إليه الجميع "مواطنون ومقيمون" والحكومة أيضًا، خصوصًا وأنَّ الجميع قد أصابهم الإعياء والإحباط من استمرار الجائحة، واستمرار تفشِّيها.
لذلك لكي نجنب أنفسنا ويلات هذه الموجة التي تشهدها السلطنة ودول العالم، والحفاظ على حياتنا، ومساعدة الحكومة، ومساعدة أنفسنا فيما يحقق مصالحنا، ويلبِّي تطلعاتنا، ويخفف عنَّا الأعباء، ويرفع عنَّا الآلام والأحزان، أنْ نتحلَّى بالوعي، وأنْ نلتزم بالإرشادات والتعليمات الصحِّية ونتقيَّد بالإجراءات الاحترازية، وأنْ نرفض كلَّ عمل أو مظهر من شأنه أنْ يمثِّل بيئة أو يعطي سببًا لانتشار الفيروس.