خميس بن عبيد القطيطي:
تحية عظيمة نرفعها إلى فصائل المقاومة الفلسطينية التي حققت النصر، تحية عظيمة نقدمها إلى رجال المقاومة الذين أحيوا في الأمة مشروع التحرير، تحية عظيمة نبعثها إلى كتائب القسام وسرايا القدس وكتائب الأقصى وألوية الناصر صلاح الدين وكتائب أبو علي مصطفى وكتائب المقاومة الوطنية وجميع لجان وفصائل ووحدات المقاومة الفلسطينية الباسلة، تحية لكل أبناء قطاع غزة والضفة وأراضي الـ٤٨ وعموم فلسطين الأبطال الذين رسموا السعادة على خريطة الجغرافيا العربية والإسلامية فشفى الله صدور قوم مؤمنين، تحية لكل صاروخ انطلق من قطاع غزة شعاره "ما أخذ بالقوة لن يسترد إلا بالقوة"، وكتب شهادة النصر، ورفع راية التحرير.
ما بعد سيف القدس ليس كما قبلها، فقد حققت المعركة نتائج استراتيجية نوعية متعددة، منها أنها أثبتت حقيقة الردع الصاروخي والطائرات المسيرة والمعلومات الاستخبارية الدقيقة في عمق الأراضي المحتلة، والدقة المتناهية في اختيار الأهداف، وأنه بات الرهان عليها في تحقيق النصر العظيم لعموم فلسطين من النهر إلى البحر، كما حققت المعركة حالة مهمة جدا بمشاركة جميع أبناء فلسطين التاريخية في المعركة، ومنحت المقاومة زخما إضافيا وألهمتها مزيدا من الثقة، وأعادت الأمل للأمة العربية والإسلامية في مشروع التحرير العظيم، كذلك من نتائج سيف القدس أنها أعلنت فشل كل المشاريع الصهيو ـ أميركية المرسومة في فلسطين وما جاورها، ووجهت إنذارا وضربة قاصمة لاتفاقات التطبيع مع العدو، كذلك من النتائج المهمة أن هذه المعركة أكدت حقيقة أمنية وهي وجود كيان الاحتلال الإسرائيلي بين كماشتين إحداهما في الشمال الفلسطيني على مرمى صواريخ المقاومة اللبنانية، والآخر في جنوبها المقاوم على يد رجال المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وبالتالي وضعت كامل الأراضي الفلسطينية تحت مرمى صواريخ المقاومة من الجليل الأعلى إلى النقب. ومن النتائج المبشرة أيضا أنها أحييت القضية في قلوب الملايين من أبناء الأمة، ووحدت أبناء الأمة بمختلف فئاتها خلفها، هذه الجماهير التي تفاعلت معها منذ بداية اندلاع الأحداث وحتى إعلان النصر، كما أثبتت الجماهير العربية في دول الطوق قاطبة مصر والأردن وسوريا ولبنان أنها مستعدة للتضحية والشهادة من أجل فلسطين ومقدساتها، وخرج أبناء الأمة العربية والإسلامية في مسيرات داعمة للمقاومة. ولا شك أن معركة سيف القدس نشرت الفرحة والطمأنينة والثقة بين جماهير الأمة بأن الوعد الإلهي قد اقترب، وأن الاحتلال إلى زوال وهذه من سنن الطبيعة دائما، كما أحيت هذا الحلم مجددا في مشاعر الملايين من أبناء الأمة.
ما بعد سيف القدس ليس كما قبله، فالمقاومة اليوم تقرر بقوة الردع ما تشاء في الزمان والمكان، والعدو يذل ويتقهقر، وبالتالي فالسلام مقابل استعادة الحقوق الوطنية الفلسطينية، ولن يتحقق السلام في تجاهل هذه الحقوق بعد أن فقد الكيان ومستوطنوه الأمن والأمان طوال فترة المعركة. ولا شك أن عودة الحقوق هو ما يكفل السلام والأمن، ومن حسن حظ الصهاينة المواجهة هذه المرة انتهت خلال أيام قليلة، وقد شلت فيها مفاصل الحياة تماما فيما يسمى دولة الاحتلال، وكبدت العدو خسائر مؤلمة، وهو ما لم يتحقق من قبل، بل مرَّغت هيبته أمام العالم، وهذه رسالة أخرى للأشقاء العرب. وأخيرا، فإن المقاومة فرضت شروطها بعد انجلاء غبار المعركة ووقف إطلاق النار فجاءت الوساطة المصرية وفق إرادة فصائل المقاومة الفلسطينية، علما أن المقاومة كانت تنوي توجيه ضربه قاصمة مفاجئة وموجعة للعدو خلال اليوم الأخير قبل وقف إطلاق النار، ورسالة المقاومة للعدو أنه في حال تجاوز الخطوط الحمراء فالمواجهة ستكون مؤلمة.
اليوم حققت المقاومة الفلسطينية الباسلة ما لم يتحقق منذ زمن طويل؛ أي منذ بداية الانتداب والاحتلال الصهيوني، واليوم استشعرت الأمة أن مشروع تحرير فلسطين من النهر إلى البحر قد بدأ، وأن الوعد الإلهي قد اقترب، وما قدمه الأوائل من تضحيات وشهداء حان قطاف ثماره على يد هذا الجيل، وقد أراد الله أن تلوح بوادر التحرير والنصر المؤزر بعون الله.
المقاومة الفلسطينية بما تشكله من معادلات عسكرية وسياسية أصبحت هي أمل التحرير الذي يبرز بقوة على المشهد العربي والفلسطيني، وبالتالي يجب الحفاظ عليها والعَضُّ عليها بالنواجذ؛ لأنها البقية الباقية من هذا المشروع العظيم، فهذه المقاومة الباسلة وما تملكه من قدرات وإمكانات تُعد هي الخطر الداهم على كيان الاحتلال والهدف الأول لديه، وبالتالي فإن العدو يرسم المخططات للقضاء على هذه المقاومة، ولن تكون المواجهة هذه المرة كغيرها من المواجهات العسكرية التقليدية السابقة بعد معركة سيف القدس، فأصبحت المقاومة الفلسطينية أبرز خطر يهدد وجود الاحتلال، وما توصلت إليه فصائل المقاومة من تطور نوعي خطير فرض على كيان الاحتلال حسابات جديدة معقدة تحتم البحث عن بدائل أخرى في المواجهة، وهذه رسالة أخرى تدركها جيدا قيادات المقاومة وعليها الانتباه وتشديد الجانب الأمني أكثر مما مضى، والتجارب السابقة مع الاحتلال كانت كفيلة بأخذ جميع المحاذير على محمل الجد، لا سيما أن حرب العملاء والاختراقات الأمنية هي الطريقة الوحيدة للوصول إلى معاقل المقاومة. ولا شك أن قيادات المقاومة عركت تجارب أمنية سابقة متعددة، ولديها من الحس الأمني ما يكفي وهذا ما مكنها من الوصول إلى هذا المستوى العظيم المشرف الذي نفاخر به دائما. حفظ الله هذه الفئة القليلة التي شرفت الأمة وضربت موعدا قريبا مع التحرير، وإن غدا لناظره قريب، عاشت فلسطين حرة أبية من النهر إلى البحر، الله أكبر صدق وعده ونصر جنده وهزم الأحزاب وحده، الله أكبر والعزة لله ولرسوله وللمؤمنين.

[email protected]