[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
ونعود الى العقوبات الأميركية التي باتت سيفا من خشب .. هكذا أضحكت تشي جيفارا الذي ما زالت صوره تقدمه الساخر من تلك القوة العظمى، وهكذا ستضحك بوتين وعلي خامنئي .. من موجبات السخرية تلك ان العالم يرى الولايات المتحدة تضع رأسها في الرمال، هكذا صارت، وكانت، ولن تتغير.
لم تولد فكرة إضافة الحصار على الحصار على كل من إيران وروسيا من فراغ .. عندما اشتبكت الأفكار حول مستقبل إيران النووي، وأنها ذاهبة بلا هوادة لكسب الجولات، نظرا لقدراتها في الصبر والمصابرة على تحقيق أهدافها، كان لابد من خبطة أقوى تهز الجمهورية الإسلامية ومن معها، فكانت أسعار النفط التي وصلت حدها الأدنى، مستوى 60 دولارا للبرميل، في الوقت الذي بلغ التآمر على الروبل الروسي ذروته إلى جانب أسعار النفط المتدنية ايضا.
صورة العقوبات هي صورة أميركا التي لاتعرض الانظمة لمساوئ ما تفعله، بل الشعوب أيضا وهي أكثر المتحدثين عن حقوق الإنسان .. الشعوب التي تضرس حين تأكل الدول الحصرم، والشعوب هي من تسأل عن تلك القوة المهيمنة التي تمنع الرغيف كما تمنع أشكال الحياة. أرادت الولايات المتحدة معاقبة كاسترو زعيم كوبا، فإذا به كل الشعب الكوبي محاصر ومعاقب ومتألم لولا فكرة الشعب العنيد الذي صبر فظفر، وأعاد بهجة الحياة إليه في لعبة تمركز حاجاته الوطنية بيده.
وماذا عن العقوبات الأميركية بالنسبة للقضية الفلسطينية وأميركا تدلل إسرائيل، تعطيها مالم تعط في تاريخها، تقدم لها أكثر ما تطلبه وتفكر به، وخصوصا السلاح، ومعناه أن أقتلوا أبناء المنطقة، لاتتركوا أثرا للفسطينيين ولا للبنانيين، ولا للسوريين، فكروا بمستوى القنابل الذكية كي ينجح تاريخكم، الذي سيظل أسود مثل تاريخها.
لم تنل فلسطين من الولايات المتحدة سوى العقوبات أيضا بطريقة غير مباشرة، المستوطنات وحصارها للفلسطينيين، أن غض النظر عن فعل المجرم جريمة أيضا، بل سماح له بارتكاب ما هو أفظع .. من عام النكبة 1948 ارتكبت الولايات المتحدة بإعطاء الإسرائيلي مالا وسلاحا جميعه سخر بقتل العرب والفلسطينين في طليعتهم، فيما هي ترسل وزراء خارجيتها لتعطيل أي فكرة فلسطينية يراد لها ان ترفع مستوى الفلسطيني بتحقيق غاياته التاريخية.
ستطول أزمة النفط باعتبارها عقوبة كبرى لإيران وروسيا وفنزويلا والجزائر، وهي إضافة على عقوبات قائمة سيتخلص منها الرئيس بوتين بعد سنتين كما قال، أما إيران فمن يعرف استعداداتها لحصار الحصار سيدهش .. المؤامرة تمر، لكن القدرة على نجاحها مشكوك بأمرها .. من يتزعم مشروعا ممانعا عنوانه المقاومات يعرف سلفا ما سيواجهه من تحديات، وكذا حال إيران وروسيا.
شبع العالم عقوبات لم تؤثر ولم تبدل أو تغير، يكتشف الأميركي بعد طول زمن أنه كان ينشر عقوباته في الهواء وخصوصا إزاء دول كبرى، وأنه لم يحرم قادة بل شعوب من أجناس مختلفة، وان لدى تلك الشعوب ميزات الصبر لأنها عرفت حقها، وتعرف صحته، فبدل ان تتأوه أعطت قيادتها مددا من هذا الصبر كان حكيما الى ابعد الحديود.
لم يعد لهذه العقوبات من تأثير طالما أن الدول التي أصابتها عرفت الحيطة والحذر قبل ذلك بكثير.