بحضور دولي واهتمام أدبي محلي

كتب ـ خميس السلطي
انطلق أمس بمقر النادي الثقافي المؤتمر العربي السادس للترجمة "المعرفة والترجمة والتنمية" الذي تستمر فعالياته ليوم غد الأربعاء وبمشاركة عمانية عربية واسعة، تمثلت في المنظمة العربية للترجمة، واتحاد المترجمين العرب، والنادي الثقافي في السلطنة ونخبة من رجال الفكر والترجمة في الوطن العربي، ومعهد بوليغلوت عمان.
تضمن الحفل كلمة رئيس اتحاد المترجمين العرب الشيخ محمد الحارثي، والذي تحدث فيها قائلا: لقد شهد العالم في الآونة الأخيرة ثورة معرفية كبيرة، وما نسعى إليه في مؤتمرنا هذا هو توظيف المعرفة والترجمة للإسهام في التنمية الاقتصادية خاصة وأن الأهداف الحقيقية للمؤتمر تتمحور في دراسة وادراك العلاقة النظرية والتطبيقية للترجمة مع التكنولوجيا والاتصالات والاقتصاد والمعرفة. ويهدف مؤتمرنا كذلك الى وضع آلية لإعداد جيل من المترجمين المحترفين بإمكانهم إحداث ثورة علمية تؤثر في النهضة الاقتصادية والتنموية ، لكونها تؤسس لمعارف علمية واجتماعية ولغوية يمكنها التواصل مع التطور التكنولوجي والاتصالات، وتعميق تلك القابلية في الجيل القادر على أن يجمع بين تقانة التكنولوجيا والمعرفة والترجمة على حد سواء.
وأضاف الحارثي في كلمته: إننا نعيش في عصر تتسارع فيه التطورات التكنولوجية وثورة الاتصالات وما يتبعها من تأثيرات عميقة لا تنحصر تأثيراتها في ثقافتنا وهويتنا، بل تمتد مباشرة الى التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
إن هذه التطورات تمثل تحديات تستدعى الوقوف عندها موقف المبادر المؤثر لا موقف المتلقي المستهلك ، خاصة أن تقارير التنمية الإنسانية العربية التي صدرت عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أكدت على أن المعرفة هي عماد التنمية في عصر العولمة ، وأن تأسيس مجتمع يقوم على المعرفة يتطلب وجود استراتيجية عامة ترتكز على إيجاد فرص عمل في القطاعات المرتفعة المهارة والعالية الإنتاج كما أنها أكدت على إعادة صياغة أشكال التدخل الحكومي في أسواق العمل وإصلاح قوانينه وإعادة هيكلة القطاع العام وتقليص حجمه، ومن ذلك: إنشاء شركات صغيرة، توفير التمويل ، خدمات التشغيل الجزئي للأشغال الفردية والصغيرة، تحديث الأسواق الحرة والتنافسية ، اعتماد نظام الحوافز، تطوير مشاركة المرأة في سوق العمل، زيادة المشاركة السياسية والاقتصادية ، مكافحة الفقر، توفير شبكات الأمان الاجتماعي، وتشجيع التكامل الاقليمي في أسواق العمل.
كما ألقى مدير عام المنظمة العربية للترجمة الدكتور هيثم الناهي كلمة بالمناسبة، تطرق فيها إلى أهمية هذا المؤتمر العربي الذي يضم كوكبة من المهتمين بقضايا الترجمة في الوطن العربي، وما يقدمه من خدمات جليلة للنهوض بالواقع المعرفي في كل مناحي الحياة، كما أشار إلى النقاط ذات الأهمية الكبرى التي تخدم الحراك الواعي لدى كافة الأطراف المهتمة بالترجمة عموما.
أما كلمة رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الدكتور بسام بركة فقد تطرقت إلى أن اتحاد المترجمين العرب يعمل منذ تأسيسه في العام 2002 على تعزيز التواصل بين مختلف المؤسسات والمراكز العاملة في مجال الترجمة. ولا يخفى عليكم أن الاتحاد وُلد في كنف المنظمة العربية للترجمة ويعمل جاهداً لتعزيزها صناعةً وثقافةً وجسراً معرفياً، منذ تأسيسه بالتعاون معها، وخصوصاً بعد أن تولّى الدكتور هيثم الناهي منصب المدير العام فيها.
وأضاف في كلمته إن اتحاد المترجمين العرب يفخر بتذكيركم بأن العام 2014 شهد ولادة هيئة إدارية جديدة يترأسها محمد الحارثي الذي كان منذ ولادة الاتحاد يواكب أعماله ويشجع نشاطاته ويُسهم في تعزيز وجوده في العالم العربي.
وأضاف أيضا بقوله: إن أحد أهداف الاتحاد هو تحفيز التواصل بين المترجمين العرب أفراداً ومؤسساتٍ، وذلك عبر عقد المؤتمرات والندوات، وغني عن التذكير أن اتحادكم الفتيّ نظّم حتى الآن عدداً كبيراً من المؤتمرات، وشارك في العديد من اللقاءات العلمية على مستوى العالم العربي والعالم في بيروت، وطرابلس، والإسكندرية، وتونس، وعمّان، والرياض ومسقط ودمشق وباريس وغيرها كثير.
فيما ألقى الكاتب يعقوب الخنبشي كلمة النادي الثقافي بهذه المناسبة قال فيها: إن للترجمة أهمية قصوى في نقل التراث الفكري بين الشعوب والحضارات، ولها أثر كبير في نمو المعرفة الإنسانية، حيث أصبحت ضرورة ملحة تحشد لها كافة الطاقات وتوظف في سبيلها كافة الإمكانيات من أجل نقل التجارب الإنسانية والبناء المعرفي الإنساني مما يمكّن الشعوب من قراءة ثقافة الآخر. وأضاف الخنبشي: لقد اهتم العرب القدامى بالترجمة وتفهموا ما يمكن أن تحدثه في الفكر الإنساني إلا أنها ما زالت تبحث عن موطئ قدم في مسيرة الثقافة والعلوم في البلدان المتقدمة.
بعدها قدم المحور الأول في هذا المؤتمر الذي جاء بعنوان "اللغة العربیة ودورها في صناعة المعرفة" حيث قدم في هذا المحور ثلاث أوراق عمل، الأولى بعنوان "التخطيط اللغوي قاعدة للارتقاء باللغة نحو مجتمع المعرفة والتنمية الاقتصادية" قدمها عبد الغني أبو العزم، أما ورقة العمل الثانية فكانت بعنوان "إعادة النظر في مفهوم التكافؤ"، قدمها الدكتور خالد البلوشي، أما ورقة العمل الثالثة فحملت بعنوان "المعجم اللغوي التاريخي .. إدارة رئيسة من أدوات المعرفة والتنمية والترجمة" قدمها مهدي عرار، وقد ركزت أوراق عمل في هذا المحور على المفاهیم، وسبل إغناء اللغة العربیة ومصطلحاتها ویشمل اللغة وأدواتها واستخداماتها ومعالجتها للمفاهیم والأسس المعرفیة والعلاقة ما بین اللغة العربیة والمعرفة المكتسبة والمعرفة الموظفة والمعرفة الغائبة، كما یشمل الترجمة وما یستجد فیها من مصطلحات لغویة جدیدة وكیفیة تعامل الترجمة مع الكلمات القاموسیة في اللغة وتداولها وتوحید مصطلحاتها وعلاقة جودة الترجمة باللغة وكیفیة صیاغتها بما یتلاءم مع سیاقات اللغة العربیة.
فعاليات اليوم
وتتواصل اليوم أعمال المؤتمر العربي السادس للترجمة "المعرفة والترجمة والتنمية" بالنادي الثقافي في تمام الساعة التاسعة صباحا، وذلك من خلال محورين رئيسين، الأول بعنوان "إسهامات الترجمة في صناعة المعرفة وأثر استخدام اللغة في تطویرها" وسيتناول ثلاث أوراق عمل الأولى بعنوان "الترجمة العربية .. إنتاج للمعرفة أم استهلاك لإنتاجها" يقدمها سلام بزي حمزة، والورقة الثانية بعنوان "إسهامات الترجمة في صناعة المعرفة، وتقدمها جيهان بن علي، أم الورقة الثالثة من هذا المحور فستكون بعنوان "تجربة المنظمة العربية للترجمة في بناء المعرفة، ويقدمها هيثم الناهي. وبعد التعقيب على أوراق العمل واستراحة قصيرة ، تنطلق فعاليات المحور الأخير في هذه اليوم تحت عنوان "دور الترجمة في التنمیة الاقتصادیة" ويتضمن ثلاث أوراق عمل، الأولى بعنوان "ترجمة المصطلح وصقل المترجم فعليا" يقدمها علي نجيب إبراهيم، والثانية بعنوان "ترجمة المصطلحات البنكية إلى اللغة العربية .. بين الاقتراض والتوليد والحرفية" تقدمها سعيدة كحيل، أما الورقة الثالثة والأخيرة من هذا المحور فستكون بعنوان "إشكالية الاستعمال في المصطلح العلمي العربي وتأثيرها في نشر المعرفة بالعربية" وتقدمها نصيرة إدير.
الجدير بالذكر أن الأهداف الحقیقیة للمؤتمر تصب في دراسة العلاقة النظریة والتطبیقیة بین عملیة الترجمة وبین تطور المعرفة في اللغة التي یُترجَم إلیها، وتنمیة القدرات البشریة، الثقافیة منها والاقتصادیة والتكنولوجیة، في المجتمع الذي یتلقى الترجمة. كما أنه یهدف إلى وضع آلیة لتأسیس جیلٍ واعٍ من المترجمین المحترفین الذین إذا ارتفعوا بعملهم إلى أعلى المستویات العلمیة والفكریة كان بإمكانهم إحداث ثورة علمیة تؤثر في النهضة الفكریة والتنمویة لكونها ستجلب معارف علمیة واجتماعیة ولغویة یمكنها التكامل مع التطور المعرفي والتكنولوجي المعاصر. لذا یهدف هذا المؤتمر الى أن یعمّق تلك المسائل النظریة، وأن یعزز القابلیة عند الجیل الجدید من المترجمین والباحثین لاستیعاب الفكر الآخر (المعرفة عبر الترجمة) وبین تمثل الفكر المعاصر الذي یجمع بین تدبّر المعارف الجدیدة والتجذر في التراث والتقالید.