يعكس البيان المشترك بين المملكة العربيَّة السعوديَّة والسلطنة والذي صدَر في ختام زيارة "الدولة" الكريمة التي قام بها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ إلى المملكة بدعوة كريمة من أخيه خادم الحرمَيْنِ الشريفَيْنِ الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، مدى ما ذهبت إليه العلاقة الأخويَّة والتاريخيَّة الوثيقة بين السلطنة والمملكة العربيَّة السعوديَّة من قوَّة وتميُّز، وتوافق كبير في الرُّؤى والأفكار فيما يخدم البلدَيْنِ الشقيقَيْنِ.
لقد عبَّر البيان المشترك بحقٍّ ـ عبر ما اشتمل عليه من مضامين ـ عن حاجة البلدَيْنِ الشقيقَيْنِ إلى بعضهما بعضًا، من حيثُ التَّنسيق والتَّشاور والتَّعاون، والاستفادة من الخبرات والإمكانات والمُقوِّمات، واستثمار ذلك فيما يُحقِّق تطلُّعات المملكة والسلطنة وشعبَيْهما الشقيقَيْنِ، حيث سيمثِّل مجلس التَّنسيق العماني ـ السعودي، الذي رحَّب البلدان الشَّقيقان بالتوقيع على مذكرة التَّفاهم في شأن تأسيسه برئاسة وزيرَيْ خارجية البلدَيْنِ، نقطة الانطلاق الحقيقي لمرحلة مُتجدِّدة نحْو آفاق التَّعاون والتَّكامل والتَّعاضد والتَّكاتف، وسيُمثِّل الأساس المشترك الذي تنطلق منه التَّفاهمات والأدوار التي تخدم البلدَيْنِ وشعبَيْهما الشقيقَيْنِ، وتتعزَّز من خلاله العلاقات الثنائيَّة في شتَّى المجالات. وما سيَتْبع ذلك من مجالات عمل وأنشطة تجارية وصناعية وسياحية واتفاقيَّات تتعلَّق بذلك وبغيره، سيُعطي لهذا المجلس مكانته ودَوْره، وسيُعزِّز العلاقات ويُثريها، حيثُ ترنو الأنظار اليوم وتتلهَّف القُلوب إلى مَزيدٍ من علامات التَّقارب وعلاقات الأُخوَّة والمَحبَّة والصَّفاء والنَّقاء لها مفاعيلها وثمارها على الأرض، وهذا ما توجَّهت إليه سياسة الحِكمة وبُعد النَّظر والرُّؤية المُستنيرة والنَّهج الحكيم لدى القيادتَيْنِ الحكيمتَيْنِ في السلطنة والمملكة، وكان محلَّ اهتمامٍ بالغ خلال جلسة المباحثات الرسمية واللقاء الأخوي اللذين جمَعَا جلالة السلطان هيثم بن طارق وأخاه خادم الحرمَيْنِ الشريفَيْنِ الملك سلمان بن عبدالعزيز في قصر نيوم، حيثُ اتَّفق الجانبان العماني والسعودي على تَوْجيه الجهات المعنيَّة للإسراع في افتتاح الطريق البرِّي المباشر والمَنْفذ الحُدودي الذي سيُسهم في سلاسة تنقُّل مواطني البلدَيْنِ وتكامُل سلاسل الإمداد في سبيل تحقيق التَّكامل الاقتصادي المَنشود بين البلدَيْنِ الشقيقَيْنِ، والعمل على إبرام عددٍ من الاتفاقيَّات ومذكرات التَّفاهم بين البلدَيْنِ الشقيقَيْنِ للتَّعاون في مختلف المجالات الاقتصاديَّة والتجاريَّة والاستثماريَّة والأمنيَّة والثقافيَّة والدبلوماسيَّة والتعليميَّة، وفي كُلِّ ما من شأنه أنْ يُعزِّز المنافع والمصالح المشتركة، ويعود على شعبَيْ البلدَيْنِ بالخير والنَّماء، وكذلك رفع وتيرة التَّعاون الاقتصادي بَيْن البلدَيْنِ من خلال تحفيز القطاعَيْنِ الحكومي والخاص للوصول إلى تبادُلات تجارية واستثمارية نوعية تُحقِّق طموحات الشعبَيْنِ وتُسهم في تحقيق مستهدفات رؤية "المملكة ۲۰۳۰" ورؤية "عُمان ٢٠٤٠"، وعبر إطلاق مجموعة من المبادرات المشتركة والتي تشمل مجالات تعاون رئيسية منها الاستثمارات في منطقة الدقم، والتَّعاون في مجال الطَّاقة، إضافةً إلى الشَّراكة في مجال الأمن الغذائي، والتَّعاون في الأنشطة الثقافيَّة والرياضيَّة والسياحيَّة المختلفة.
إنَّ المملكة العربيَّة السعوديَّة تمتلك ثراءً اقتصاديًّا وصناعيًّا، فهي عُضو في مجموعة العشرين، واقتصادها متطوِّر ونامٍ، وقد حقَّقت قفزات كبيرة في مجالات الاقتصاد والصناعة والتقنية والسياحة والزراعة وغيرها، وتمكَّنت بفضل ما تملكه من موارد بشَريَّة مُؤهَّلة وخِبرة عالية في تلك المجالات أنْ تبلغ مرتبةً متقدِّمة؛ لذلك التَّكامل معها والاستفادة من خبراتها، وفتح السلطنة فرص الاستثمار أمام المملكة في غاية الأهمية، وسينعكس ذلك على جميع المستويات والقطاعات بالسلطنة بفضل ما تمتلكه البلاد من إمكانات ومُقوِّمات وافرة وواعدة وفرص مغرية أمام القطاع الخاص السعودي والشَّركات السعوديَّة الكبرى، وأمام رجال الأعمال والمستثمرين السعوديِّين؛ لذلك من شأن الاتفاقيَّات المزمعة وفتح الطريق البرِّي والمَنْفذ الحُدودي بَيْن السلطنة والمملكة سيُعزِّز مكانة السعوديَّة والسلطنة اقتصاديًّا، وسيدفع بالعلاقات قُدمًا، ويجعلها مثالًا يحتذى، وسيُعزِّز مناخ الازدهار والاستقرار لشعبَيْ السلطنة والمملكة ولشعوب دول مجلس التعاون الخليجي والإقليم.