ناصر بن محمد الزيدي :
إن الـمـنـافـق مـن نـطـق بالـشـهـادة بـاللـسـان ولـم تسـتـقـر في الجـنـان، ولـم يعـمـل بالأركـان، فـهـو مـنـافـق حـقـًّا، ومـن شـهـد ولـم يـعـمـل واعـتـقـد فـهـو فـاسـق ومـن أخـل بالـشـهـادة فـهـو كافـر.
وذكـر بـعـضـهـم رأي الـطـائـفـة الـرابـعـة مقـتـصـرًا عـلـيه فـقـال قـيـل في مـعـنـاه: تصـديـق بالـجـنـان وإقـرار باللـسان وعـمـل بالأركان، أمـا ابن حـجـر فـقـد اقـتـصـر عـلى قـول الـطـائـفـة الأولى عـنـدما قـرر أن الإيـمـان هـو تصـديـق الـرسـول (صلى الله عـلـيـه وسـلـم) فـيـمـا جـاء بـه عـن ربـه.
وقال الـكـفـوي: الإيـمـان عـرفـا هـو الاعـتـقـاد الـزائـد عـلى الـعـلـم، وشـرعًـا: هـو إمـا فـعـل الـقـلـب فـقـط أو اللـسان فـقـط أو فـعـلـهـمـا جـمـيـعـًا أو هـمـا مـع سـائـر الجـوارح.
وجـاء في حـديـث جـبريـل الـمشـهـور بـيـان لأصـل الإيـمـان: الـذي هـو الـتصـديـق الـبـاطـن، وفـيه تـفـصـيـل لـمـا يـجـب أن نـؤمـن بـه كـمـا جـاء جـوابـًا عـن قـولـه (عـلـيه الصلاة والسـلام) قال: فـأخـبرني عـن الإيـمـان؟، قال: أن تـؤمـن بالله ومـلائكـتـه وكـتـبـه ورسـلـه والـيـوم الآخــر، وتـؤمـن بالـقـدر خـيره وشـره، قال: صـدقـت، فـقـسـم الـرسـول (صلى الله عـلـيه وسـلـم) الإيـمان بحسـب مـا يـؤمـن بـه إلى سـتـة أقـسـام: الإيـمـان بالله تعالى، والإيـمـان بالـمـلائـكـة والإيـمـان بـكـتـب الله والإيـمـان بالـرســل والإيـمـان بالـيـوم الآخـر والإيـمان بالـقـدر خـيره وشـره.
ويـقـول بـعض الـعـلـمـاء: فـيـمـا يتـعـلـق بالأصـنـاف الأربـعـة، الأولى: الـمسـلـم يـؤمـن بالله تعالى بمـعـنى الله يـصـدق بـوجـود الله تـبـارك وتعـالى وأنـه فـاطـر الـسـمـاوات والأرض، عـالـم الـغـيـب والـشهـادة خـالـق كل شـيء ومـلـيـكـه، لا إلـه هـو ولا رب سـواه، وأنـه ـ جـلَّ وعـلا ـ مـوصـوف بـكل كـمـال، مـنـزه عـن كل نـقـص، ويـؤمـن بـألـوهـيـته لـجـمـيـع الـعـالـمين، كـمـا أنـه يـؤمـن بـأنـه لا إلـه ولا مـعـبـود بـحـق سـواه.
والـمسـلـم يـؤمـن أيـضًـا بـما لله مـن الأسـمـاء الحسـنى، والصـفـات الـعـلـيـا، ولا يـشـرك غـيره فـيـهـا، ولا يتـأو لـهـا فـيـعـطـلهـا، ولا يـشـبـهـهـا بـصـفـات الـمـلـحـديـن فـيـكـيـفـهـا أو يـمـثـلـهـا، فـهـو يـثـبـت لله تعالى مـا أثـبـتـه تعالى لـنـفـسـه، وأثـبـتـه لـه رسـول الله (صـلى الله عـلـيـه وسـلـم) مـن الأسـمـاء والـصـفـات، ويـنـفي عـنـه تعالى مـا نـفـاه عـن نفـسه ونـفـاه عـنـه رسـولـه (صلى الله عـلـيـه وسـلـم) مــن عـيـب ونـقـص إجـمـالًا وتـفـصـيـلًا، فـيصـفـه بالـكـمـال الـمـطـلـق.
ويـؤمـن الـمسـلـم بمـلائكـة الله تعالى وأنـهـم خـلـق مـن أشـرف خـلـقـه، وعـبـاد مـكـرمـون مـن عـبـاده، خـلـقـهـم مـن نـور، كـمـا خـلـق الإنـسان مـن صـلـصال كالـفـخـار، وخـلـق الـجـان مـن مـارج مـن نـار، وأنـه تعالى وكلـهـم بـوظـائـف: فـمـنـهـم الـحـفـظـة عـلى الـعـبـاد، والـكـاتـبـون لأعـمـالـهـم وأقـوالـهـم، ومـنـهـم الـمـوكـلـون بالجـنـة ونـعـيـمـهـا، ومـنـهـم الـمـوكـلـون بالـنـار وعـذابـهـا، ومـنـهـم يـسـبـحـون الله باللـيـل والـنـهـار لا يـفـتـرون، وأنـه تعالى فـاضـل بـيـنـهـم فـمـنـهـم الـمـلائكـة الـمـقـربـون: كـجـبريـل ومـيـكائيـل وإسـرافـيـل ومـنـهـم دون ذلك.
ويـؤمـن الـمسـلـم بجـمـيـع مـا أنـزل الله تعالى مـن كـتـاب، ومـا آتى بـعـض رسـلـه مـن صحـف، وأنـهـا كـلام الله أوحـاه الله إلى رسـلـه لـيـبـلـغـوا عـنـه شـرعـه وديـنـه، وأن أعـظـم هـذه الـكـتـب الأربـعـة الـمـنـزلـة:(الـقـرآن الـكـريـم) الـمـنـزل عـلى نـبـيـنـا محـمـد (صلى الله عـلـيـه وسـلـم):(الـتـوراة الـمـنـزل عـلى نـبي الله مـوسـى (عـلـيه الـسـلام) والـزبـور الـمـنـزل عـلى نـبي الله داود (عـلـيـه الـسلام)، والإنـجـيـل الـمـنـزل عـلى نبي الله عـبـده ورسـولـه عـيـسى (عـلـيه الـسلام)، وأن الـقـرآن الـكـريـم هـو أعـظـم هـذه الـكـتـب والـمهـيـمـن عـلـيـهـا، والـناسخ لـجـمـيـع شـرائـعـهـا وأحـكامها.