دمشق ــ «الوطن»:
صدر حديثا عن دار المتوسط في إيطاليا رواية جديدة للأديبة والروائية السورية مها حسن حملت عنوان (قريناتي) ، تغوص الرواية التي جاءت في 304 صفحات من القطع المتوسط، في العوالم الروحانية للنساء، وتقاطع الأمزجة والتكوينات النفسية لدى نساءٍ من مختلف الانتماءات الجغرافية والإثنية، بحسب وصف الكاتبة. وتتحدث (قريناتي) عن ثلاث نساءٍ على الأقلّ، هكذا توهِمنا الكاتبة في البداية، في حين تتداخلُ خيوطُ الحكاية كما أسماء أصحابها، بحبكةٍ غرائبيةٍ تجعلُ من كلِّ قصةٍ قرينةً لقصَّةٍ أخرى، ولنجدَ أنفسَنا على تماسٍ حقيقي مع مجاهيل السرد التي نقادُ إليها بشكل سوريالي، فما من حلم إلَّا وأمسى كابوساً، وما من امرأة إلَّا وصارت أخرى، أو قرينتها بعبارة أدق. ولتمضي الكاتبةُ في دوامة رواية داخل رواية، كأنها فعل مستقِل يرسمُ مصيرَه ومصيرَ أبطالهِ بأناملِ كاتبةٍ تُتقنُ فنَّ التخفِّي وراءَ أشباحِ بطلاتِها، وتسمحُ لأناملها بأنْ تضربَ على لوحةِ المفاتيحِ فتتطايرُ الكلماتُ والحكاياتُ والأحداثُ والأسماء، ويتبخَّر هذا الكتاب. وكعادتها ..لم تغفل الروائية مها حسن في رواية (قريناتي) الحديث حتى عن أصغر التفاصيل المحيطة بعوالم الأنثى، ليست عن ثلاث نساء أو أكثر.. ليست فقط عن (إزيس) و(لمعان) و(ألماز)؛ إنها عن ذاكرة تتناسخُ فيها الأرواحُ وهي تروي حكاياتها عن القطة النوبية وبيت الغولة ومنزل (القرينات)، وأيضاً عن الخيانة والقتل والموت والحرّية والفنّ.. وأشياء كثيرة أخرى من الرواية ومنا (من شرفة الطابق الستِّين، رأت إيزيس جسدها يهوي سريعاً قبل أن يحطَّ وسط الشارع ويتحطَّم، مرتطمة بإسفلت الطريق، رأت ظلا أو شبحاا أو كائنا شفافا يخرج من جسدها المتكسر على الأرض، ويعرُج ليلتصق بالحائط، فتصير قطة. كانت القطة التي تنظر إلى الجسد المحطَّم، بينما سيارة الإسعاف تعوي قادمة من بعيد، راحت تموء بألم خفيف، ثمَّ أفاقت وهي تسمع مُواءها ذاته، الذي يُوقِظها من مناماتها منذ سنوات. أما لمعان، التي كانت تعيش في مكان بعيد وشبه مجهول، فقد أفاقت في تلك اللحظة وهي تسمع عُواءها.