علي بدوان:
بالرغم من كل الإجراءات المتتالية التي اتخذها مجلس (كابينيت كورونا) في "إسرئيل"، تواصل جائحة كورونا، انتشارها في دولة الاحتلال الإسرائيلي، لتصيب اليهود والعرب، مع وصول "الجيل" الجديد من طفرات كورونا إلى فلسطين المحتلة كما أفادت مصادر دولة الاحتلال، نتيجة حركة القدوم والمغادرة، دون تدقيقٍ مطلوب من قبل سلطات الاحتلال، منعًا لانتشار الجيل الجديد المتحوِّر من طفرة كورونا، والتي انطلقت من بريطانيا وبعض الدول الأوروبية الغربية قبل عام تقريبًا، ولاحقًا من الهند، ويبدو أنها بدأت بالانتشار في أكثر من بلدٍ في العالم، ولو بحدودٍ معيَّنة. بالرغم من انتشار إنتاج أنواع مختلفة من اللقاح، الذي يحمل أسماء مختلفة في أكثر من بلدٍ في العالم، وخصوصًا روسيا والصين والولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا... وأخيرًا جمهورية مصر العربية التي كشفت عن هذا الأمر وزارة الصحة المصرية قبل أيامٍ قليلة.
وتُعد "إسرائيل" من أكثر الدول في العالم مُصابة بجائحة كورونا في بداياتها، وقبل نزول اللقاح وإجبار الجميع من سكان "إسرائيل" على أخذه. فكانت "إسرائيل" قبل ذلك من أكثر الدول من حيث استهداف جائحة كورونا الناس بإصاباتٍ قاتلة، أو شبه قاتلة، بالرغم من تواضع مساحتها ـــ مساحة دولة الاحتلال ـــ فوق الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1948، وتواضع أعداد السكان قياسًا للدول الكبرى في العالم التي ابتليت بجائحة كورونا. ومرد ذلك يعود لعدَّة أسباب، يقف على رأسها، أولًا: تواضع الخدمات الصحية والطبية المُقدمة للمصابين بالرغم من تفوقها على دول مجاورة وصرفها ميزانيات كبيرة في مكافحتها وشراء اللقاحات. وثانيها: وجود أزمات مالية وتوقف دولاب العمل في المعامل والمصانع ومواقع الإنتاج، مما تسبب في تراجع السيولة النقدية اللازمة لمكافحة الجائحة. وثالثها: فشل الحكومة في تطبيق الإغلاق الشامل، ومحاولة نتنياهو ومن تلاه حتى الآن في استرضاء الأحزاب التوراتية الحريدية إلى جانبه، خصوصًا مع معارك استحقاقات الانتخابات المعادة وخصوصًا في المرَّة الرابعة للكنيست في آذار/مارس 2021. وقد سجَّلت "وزارة الصحة الإسرائيلية" (34%) من إصابات جائحة كورونا الجديدة بالمجتمع الحريدي التوراتي في مختلف مناطق انتشار اليهود الحريديين المتدينين، خصوصًا في مناطق القدس، في حي (بني براك)، و(ميتا شعاريم)... وفق ما تم نشره إعلاميًّا في "إسرائيل" يوم 12/1/2021، وفي الفترات التي تلت وصولًا لفترة لتشكيل الحكومة الجديدة، التي تواجه تلك المهمة الصعبة جراء وباء جائحة كورونا المتحوِّرة وغير المتحوِّرة.
فالمؤسسات التعليمية في المجتمع الحريدي الديني "الإسرائيلي" ومدارسها التلمودية، واصلت الدوام المدرسي كالمعتاد فترة وجود نتنياهو على هرم السلطة، في أوج انتشار الجائحة، خلافًا لتعليمات الإغلاق المُشدد لمكافحة انتشار فيروس كورونا. كذلك مؤسسات العمل، حيث لا تستخدم "الشرطة الإسرائيلية" صلاحياتها لدفع الجميع لتنفيذ تعليمات الإغلاق بسبب جائحة كورونا، ولا تمنع فتح مدارس الحريديين، الحلفاء الدائمين والأقرب لنتنياهو وحزب الليكود في الفترة التي كان يقود فيها الحكومة اليمينية.
وتُشير المعطيات "الإسرائيلية" إلى أن أكثر من (3200) شخص شُخصت إصابتهم بفيروس كورونا، هم من اليهود الحريديين، بنسبة تقترب من (20.6%)، بينما هذه النسبة تقارب (7.6%) في أنحاء "إسرائيل" بما في ذلك في الوسط العربي في الداخل المحتل عام 1948. كما أن مُعدل معامل تناقل العدوى (R) في المجتمع الحريدي تبلغ نحو (1.33)، بينما المعدل العام (1.19). ورغم الانتشار الواسع للفيروس بين الحريديين، إلا أن نسبة الذين تلقوا التطعيم بلقاح كورونا منخفضة جدًّا في هذا الوسط عن النسبة العامة، وخصوصًا بين أبناء 60 عامًا فما فوق وفق المعطيات "الإسرائيلية" المنشورة يوم 12/1/2021 وفي الفترات التي تلت.
ووفقًا لما نشرته "وزارة الصحة الإسرائيلية" حول المصابين بجائحة كورونا، بين من دخل "إسرائيل" من اليهود، فإنه خلال الفترات الأخيرة عاد (175) شخصًا حاملين الفيروس، و(54) منهم (32%) عادوا من دبي، و(25) مصابًا بجائحة كورونا عادوا من تركيا، و(18) مصابًا عادوا من أوكرانيا، و(13) مصابًا عادوا من الولايات المتحدة الأميركية.
أما المجتمع العربي الفلسطيني في الداخل، في "إسرائيل"، فهو غير بعيد عن تلك الإصابات التي نشرها ونقلها للناس، وبشكلٍ رئيسي اليهود الحريديون الحاملون لفيروس كورونا. فالمعلومات المنشورة "إسرائيليًّا (والتي نقلها موقع عرب 48 الإلكتروني) تحدثت عن إصابات في الوسط العربي تبلغ (2,342) إصابة جديدة، وعشر وفيات منذ بدايات العام الجديد 2021. بينما بلغ عدد الإصابات بفيروس كورونا في البلدات العربية، وهذا لا يشمل المدن المختلطة (يهود وعرب) بلغ (86,164) مصابًا بالجائحة، لغاية صباح 12/1/2021، وازداد الرقم مع مرور الوقت وحتى الآن بالرغم من أخذ الجميع تقريبًا للقاح، فيما تجاوز عدد الإصابات في عموم "إسرائيل" حاجز النصف مليون وبلغ (504,429) مصابًا بالجائحة. ومع الارتفاع في عدد الإصابات في المجتمع اليهودي انخفضت نسبة الإصابات في البلدات العربية من إجمالي عدد الإصابات في "إسرائيل" إلى (17.1%)، حسب معطيات نشرتها الهيئة العربية للطوارئ يوم 14/1/2021، وارتفع عدد الإصابات في البلدات العربية منذ بداية العام الجديد 2021، بنحو (2,342) إصابة جديدة بالجائحة.
وفي المقابل، على مستوى دولة الاحتلال الإسرائيلي، بلغ عدد المصابين الجدد لذات الفترة (16,961)، وبهذا عادت نسبة الإصابات الجديدة في البلدات العربية إلى الارتفاع من جديد وبلغت نحو (13.8%) من مجمل المصابين الجُدد في الداخل.
وعليه، إن "إسرائيل" ما زالت أكثر دول المنطقة تعرضًا لجائحة كورونا، ويخشى من مصادر القرار فيها (كابينيت كورونا) من تمددها، مع احتمال دخول جائحة كورونا المتحوِّرة، والتي تُعد أكثر شراسة وفتكًا من فيروس جائحة كورونا في سلسلة (DNA) البشرية عند إصابتها بالجائحة المتحوِّرة، خصوصًا عند كبار السِّن من الرجال والنساء على حدٍّ سواء.