من المؤكَّد أنَّ الجميع ينتظر اليوم الإحصائيَّات التي اعتادت وزارة الصحَّة إعلانها خلال أيَّام الأسبوع الرسميَّة؛ أيْ من الأحد إلى الخميس، ومعرفة أعداد حالات الإصابة الوفاة والمنوَّمين في المستشفيات، والمنوَّمين في غُرف العناية المركَّزة، بعد الالتزام بقرارات اللجنة العُليا المكلَّفة ببحث آليَّة التَّعامل مع التطوُّرات النَّاتجة عن انتشار فيروس كورونا "كوفيد19" والتي قضت بتمديد فترة الإغلاق المسائي للأنشطة التجارية، ومنْع الحركة للأفراد والمَرْكبات لتبدأ من الساعة الخامسة مساءً وتنتهي في الساعة الرابعة صباحًا، إلى صباح يوم السبت 31 يوليو الجاري، فيما عدا الأيَّام الأربعة لعيد الأضحى المبارك التي قرَّرت اللجنة أنْ يستمرَّ فيها الإغلاق للأنشطة التجارية والمنع التَّام لحركة الأفراد والمَرْكبات طَوال اليوم. وكذلك قرار اللجنة عدم إقامة صلاة عيد الأضحى المُبارك وأسواق العيد التقليدية (الهبطات)، ومنْع التجمُّعات بكافَّة أنواعها في مختلف المواقع في جميع محافظات السلطنة، وتشمل تجمُّعات العوائل، وتجمُّعات المعايدة والاحتفالات الجماعية بالعيد.

لا رَيْب أنَّ أيَّ قرار أو إجراء من شأنه الحفاظ على حياة أفراد المجتمع والمُقِيمين وعلى صحَّتهم وسلامتهم، ويهدف إلى تحقيق السَّلامة والسَّكينة العامَّة، وإفشاء مظاهر الطمأنينة والاستقرار النَّفْسي لَنْ يخرج عن مساره ولَنْ يحيد عن هدفه، وهذه حقيقة مُسلَّم بها، وكيف لا؟ وخصوصًا نحن نعيش وضعًا استثنائيًّا فرضه علينا فيروس لا يُرى بالعَيْن المُجرَّدة نتيجة تحوُّراته المتناسلة وسُرعة تفشِّي سُلالاته وشدَّة فتكها بالأرواح.

وبعيدًا عن المبالغة واستنادًا إلى الواقع المُعاش، فالسلطنة ليست استثناءً من الموجات الشَّرسة التي لا يزال يشهدها الكثير من دول العالم، ذلك أنَّ هذه الموجة التي تشهدها البلاد تُعدُّ هي الأشرس والأقوى والأطول مُدَّة منذ تسجيل الجهات المعنيَّة أولى حالات الإصابة بالفيروس؛ أيْ منذ العام الماضي. وليس أدلَّ على ذلك من أعداد حالات الإصابة اليوميَّة التي تجاوزت الألفَيْن وناهزت الثلاثة آلاف إصابة، ومن أعداد حالات الوفاة اليوميَّة التي تراوحت بين مئة ونصف المئة وما دون ذلك. ولا شك أنَّ هذه الأعداد لها تَبعاتها الصعبة والكارثية والمؤلمة والقاسية على جميع المستويات، سواء على مستوى المجتمع والأُسَر والوضع الاجتماعي، أو على مستوى الدولة وما تتكبَّده من أعباء ماليَّة وغيره، أو على مستوى القطاع الصحِّي الذي نُكنُّ له كُلَّ التَّقدير والامتنان والشكر على ما يقدِّمه من تضحيات جسيمة من أجْل إنقاذ مريض وإسعاده وإسعاد أُسْرته ومجتمعه، لذلك لا يمكن أنْ يستمرَّ الوضع بهذه الصورة القاسية والمُؤلمة والكارثية دون اتِّخاذ ما يلزم من قرارات وإجراءات تتناسب مع هذا الوضع، حيث ترى اللجنة العُليا أنَّ الإغلاق ومنْع حركة المَرْكبات والأفراد والتجمُّعات بمختلف صُوَرها وسيلة للحدِّ من انتشار الوباء، وتقليل أعداد حالات الإصابة والوفاة، ووسيلة للتخفيف من وطأة الأعباء على القطاع الصحِّي.
صحيح أنْ ليس كُلُّ القرارات كاملة، فالكمال لله وحدَه، فتثير في النَّفْس مشاعر مختلطة؛ لكنَّها قرارات مؤقَّتة تزول بزوال أسبابها ومُسبِّباتها، وكما يقال: الصَّبر ساعة خير من وجع دائم.. وبإذن الله سنتجاوز هذه الموجة الأشرس والأطول مدَّة، وسنبدأ بتسجيل انخفاض مُتوالٍ في أعداد حالات الإصابة والوفاة.. وهي النتيجة المنتظرة من امتحان الوعْي المجتمعي.. حفظ الله الجميع من كُلِّ سُوء ومَكْرُوه.