د.أحمد بن علي المعشني:
كنت أسعد كثيرًا بزيارات أستاذي البروفيسور عبدالله النافع ـ أستاذ علم النفس بجامعة الملك سعود بالمملكة العربية السعودية الذي يحب السلطنة وصارت ضمن قائمة المناطق السياحية التي يحبها، وكان في كل زيارة يجدد التعبير عن إعجابه الكبير بأخلاق العمانيين ونظافة وجمال السلطنة.

ولم يبق اعجابه حكرًا على منطقة دون أخرى، بل يشمل جميع المناطق التي زارها كمسقط والرستاق والمنطقة الداخلية ثم ظفار.
استمرت زياراته تتكرر إلى ظفار وخاصة في منتصف شهر سبتمبر، كنا نرتاد الجبال والصحاري والسهول وأحيانًا المدن الساحلية والجبلية، وكان يشيد بذوق السكان وحفاظهم على هويتهم ونظافة بلادهم بمستوى لا يقل جودة عن الدول المتقدمة التي زارها شرقًا وغربًا.

كان يدهش عندما كنا نقصد بعض الأشجار الكبيرة التي يتعاقب عليها الناس طلبًا للفسحة والظل ولا يغادرونها إلا بعد تنظيفها وإزالة المخلفات وما يخدش الذوق العام.
أخبرته بأن التنمية في السلطنة تعتمد كثيرًا على النهوض بوعي المواطن العماني وهناك مسابقات للنظافة على مستوى المناطق والولايات والمدارس ومختلف القطاعات للحفاظ على النظافة، فضلًا عن ذلك فإن الإنسان العماني يحرص من تلقاء نفسه على نظافة بيته ومنطقته، كما أن الشرطة لا توافق على تجديد رخصة ملكية أي مركبة ما لم تكن نظيفة وتجسد الذوق المتعارف عليه، والمظهر العام في أبهى صورة.

كان الدكتور عبدالله يحرص طيلة فترة زيارته على اصطحاب أكياس جمع المخلفات وكنا نقوم بذلك في اللحظة التي نغادر فيها المكان ثم نلقيها في الأماكن المخصصة لذلك المتوفرة في أغلب الأماكن والمرافق.
صارت النظافة ثقافة عمانية صميمة يحرص عليها الكبار والصغار ويشيد بها كل من يوزر السلطنة، وهذا ما جعل السلطنة تصبح محمية طبيعية كبيرة يحظر فيها صيد الطيور والحيوانات البرية أو اقتلاع الأشجار أو الاحتطاب الجائر.
وكثيرًا ما يشاهد من يمارس رياضة المشي الطويل قطعانًا من الغزلان والوعول والطيور النادرة وهي ترعى في الجبال والأودية والصحاري، فضلًا عن الطيور الجبلية كالحمام والحجل العربي..
وغيرها من مكونات الحياة الفطرية.

لقد كرست الممارسة اليومية النظافة والحفاظ على البيئة من علامات الرجولة وحسن المروءة، وبما أن السنوات الأخيرة التي اختلط فيها المواطنون ببعض السياح القادمين من خارج السلطنة صاروا يحتاجون إلى التوعية والتذكير الأمر الذي دفع كثيرًا من الشباب في الآونة الأخيرة إلى تكوين فرق تطوعية في الولايات والنيابات يقدم من خلالها كثير من الشباب جهودًا خيّرة لتنظيف الطبيعة واقتلاع الأشجار والحشائش الضارة وإعادة زراعة بعض الأشجار التي تتعرض للانقراض الجمعي نتيجة الرعي الجائر والآفات الحشرية المختلفة، وانتشار الطرق العشوائية والإهمال غير المتعمد، وبالرغم من هذه الجهود الأهلية التطوعية المقدرة فإنّ هناك الكثير من الجهود الإيجابية التي يمكن أن تقوم بها الجهات المختصة متمثلة في البلدية والبيئة وصون الطبيعة والزراعة والشرطة ومكاتب الولاة والنيابات الجبلية والصحراوية وشيوخ القبائل وأعضاء مجالس الشورى ولجان البلدية ومؤسسات التعليم لتحقيق مزيد من التعاون وتآزر الجهود؛ لتبقى عُمان متنزهًا طبيعيًا جميلًا ومتنوعًا من مسندم إلى ظفار.

* رئيس مكتب النجاح للتنمية البشرية ـ مؤسس العلاج بالاستنارة (الطاقة الروحية والنفسية)