د. سعدون بن حسين الحمداني:
تُعد مفاهيم فن الدبلوماسية من المرتكزات الحديثة في إدارة العلاقات العامة والعكس هو الصحيح؛ لأن العلاقات العامة ونظرياتها تُعد من أهم سمات كاريزما الدبلوماسي المتميز في مجال عمله، وحتى الإنسان البسيط يحتاج إلى أبسط نظريات العلاقات العامة لينجح في حياته اليومية.
نظريات العلاقات العامة ومفاهيم الدبلوماسية تستند إلى كثير من المفردات أهمها: مهارات الاتصال والتواصل، إتيكيت لغة الجسد، إتيكيت نبرة الصوت، إتيكيت فن ولباقة الحديث، علم النفس الاجتماعي، الثقافة والتحصيل الدراسي واللغات، القيادة الرشيقة، التواضع والمصداقية بالطرح.
فليس من سمات التفوق في العلاقات العامة ومفاهيم الدبلوماسية، أن يجلس الدبلوماسي في مقر بعثته ومتقوقعًا في غرفته ومنهمكًا في أعمال إدارية بحتة وروتينية، تاركًا المجال الأهم في عمله، ومهما تكن درجته ووظيفته في البعثة (سواء كسفير أو الدرجات الدبلوماسية الأخرى) لأن من أهم أهداف البعثة هو ليس جلب الاستثمارات الاقتصادية فقط للبلد، بل استقطاب جميع الكفاءات العلمية في مختلف المجالات منها: (الصناعية، الزراعية، الدوائية، الطبية، العلوم الانسانية، الهندسية.. وغيرها من العلوم المطلوبة في حياتنا اليومية)، حيث تُعد الدول المتقدمة هؤلاء (فاكهة وثمارًا جاهزة) عليها الاستفادة من خبراتهم. وأقرب مثال على ذلك بعد احتلال العراق عام 2003 فتحت دول أوروبا الغربية أبوابها لأغلب الكفاءات الطبية والهندسية والأكاديمية العراقية، وكذلك قسم من دول الجوار؛ لما لديهم خبرات علمية رصينة، كل في مجال اختصاصه، بل ذهب بعض أعضاء السفارات الغربية بالاتصال المباشر معهم لغرض استقطابهم لبلدهم قبل أن تأخذهم دول أخرى.
ويأتي هذا من خلال اللقاءات المباشرة وغير المباشرة وجني ثمار العلاقات العامة من المجتمع والتعرف على أفضل الكفاءات والقامات واستقطابهم للبلد، وهذا لا يتم إلا بنظريات ومفاهيم الدبلوماسية والعلاقات العامة. وعلى الدبلوماسي أن يتسلح بأفضل المعلومات عن البلد الذي يعمل فيه، بالإضافة إلى لباقة الحديث وفنونه والمجاملات في أرقى مراحلها لغرض تحقيق أفضل النتائج لبلده بعيدًا عن العمل الروتيني.
تُعد الدبلوماسية بكل تفرعاتها، وإدارة العلاقات العامة، مجالين من أهم مجالات الحياة، العلاقات العامة وتطبيق مفاهيم الدبلوماسية بالحياة اليومية هي من أبرز سمات الكاريزما النموذجية المتحضرة والمطلوبة في يومنا هذا؛ لأنها تحقق أفضل النتائج بأقل المفردات المطروحة، وتكون سمات القيادة الرشيقة هي أبرزها، فالاثنان يشكلان قمة النجاح في الحياة اليومية، سواء في سعادة أفراد العائلة أو على المستوى الاجتماعي بين العائلات، مرورًا بالدوائر، ووصولًا إلى سلطة الدولة العليا في التعامل مع المحيط الخارجي.
وتحاول أغلب المدارس الدبلوماسية صياغة وتدوين النظريات والمفاهيم المتطورة والحديثة لفن إدارة العلاقات العامة مع التطور التكنولوجي في وسائل التواصل الاجتماعي الحاصل بالعالم.
إن أداة مفاهيم الدبلوماسية هي كيفية إدارة دفة العلاقات العامة ومدى تأثيرها في تحقيق الأهداف المخطط لها من حيث تواصلها والنتائج المتوخاة من حاجة المجتمع لها في عالمنا اليوم، حيث أصبحت اليوم ضرورية؛ لأن هذا النشاط أو الإدارة يعتمد ويدرس سلوك وحاجة واحتياج الأفراد والجماعات والحكومات. ويعتمد فن الدبلوماسية إلى درجة كبيرة على إدارة العلاقات العامة لتشابك النظريات والأهداف معًا في أغلب وجهات المجتمع، سواء الفردية أو الرسمية، خصوصًا في مجال التنمية وعجلة الاقتصاد والمجالات الأخرى.
العلاقات العامة ومرتكزاتها الحديثة هي في غاية الأهمية، هدفها الاستراتيجي هو التواصل والاتصال المنفعي الصادق والأمين لغرض الوصول إلى الهدف، معتمدة على عدة مؤهلات وأهمها: سمات الشخص أو القائد في عمله، جمع المعلومات، إدارة المناقشة، نظرية ترتيب الأولويات، نظرية التأثير المباشر (قصير المدى)، ونظرية التأثير التراكمي (طويل المدى)، كما أنها تُسهم إسهامًا فعالًا في مد الجسور لإقامة أقوى الروابط بين المؤسسة وجمهورها، والإسهام الجاد في رسم الصورة اللائقة عن نشاطات وسياسات هذه المؤسسة. وبذلك فإن للدبلوماسية دورًا كبيرًا في التأثير إيجابيًّا أو سلبيًّا في أجندة العلاقات العامة من حيث إنها تستند إلى المعلومات الأساسية التي تمرر من قبل البعثات الدبلوماسية المنتشرة في مختلف بقاع العالم لغرض إيصال ما هو مفيد للبلد.
فإنَّ العلاقات العامة تُبنى بشكل جوهري على العنصر البشري والقيادة في المؤسسات والمؤهلات الشخصية للأفراد العاملين، التي تُعد حجر الأساس في التقدم والتفوق على الآخرين. ومن هذه المؤهلات المطلوبة هي: (التخاطب، الاستماع، الكتابة، لباقة الكلمة، حسن المظهر، البساطة، التواضع، الثقافة، الحماسة، الكياسة، التنظيم في قدرة هيكلة العمل، التواصل والمتابعة، القدرة على التعامل مع المفاهيم الإدارية، إمكانية صنع واتخاذ القرار في الأوقات الحرجة، مواكبة التطور والمناهج الحديثة، وأخيرًا الاهتمام بموضوع الإتيكيت، خصوصًا احترام الوقت).

دبلوماسي سابق