هيثم العايدي:
حتى كتابة هذه السطور كانت الصين متربعة على عرش أولمبياد (طوكيو 2020) برصيد من الذهب يبلغ 21 ميدالية ذهبية ومتفوقة على اليابان صاحبة الاستضافة بـ5 ميداليات، وعلى الولايات المتحدة ـ التي كانت حتى سنوات قليلة الحاصد الأكبر للذهب في الأولمبياد حيث بلغ رصيد أميركا 16 ميدالية ذهبية ـ في قفزة أولمبية حققتها الصين بفضل نموذجها الخاص بصناعة الأبطال الأولمبيين.
وقبل نحو أسبوع من إسدال الستار على الأولمبياد فإن الصين مرشحة لتخطِّي الرقم الذي حققته في النسخة السابقة (ريو 2016) حينما حلت ثالثة بـ26 ميدالية ذهبية بعد بريطانيا (27 ذهبية) والولايات المتحدة (46 ميدالية) مقتحمة المزيد من الألعاب التي لم تكن تحقق فيها إنجازات سابقا محققة أرقاما قياسية كالسباحة والغطس وغيرها من الألعاب.
وإضافة إلى التركيز على المنافسات التي تعطي الكثير من الميداليات، تولي الصين اهتمامها في الإنفاق على الأكاديميات الرياضية واكتشاف المواهب منذ الصغر وتدريبهم، مستمرة في هذا النهج التصاعدي منذ منافسات أولمبياد 1988 والتي فازت فيها بخمس ميداليات ذهبية فقط قبل أن تضع في عام 1992 برنامجًا طويل الأمد لمدة 15 عامًا دخل من خلاله العديد من الرياضيين الصغار المميزين نظامًا حقق نتائج جيدة في الألعاب التالية، وهو ما بلغ ذروته في أولمبياد بكين 2008 حيث حققت فيه الصين 51 ذهبية مقابل 36 للولايات لامتحدة.
ومن خلال هذا البرنامج يتدرب مئات الآلاف من الرياضيين في عشرات المعسكرات الرياضية الراقية والآلاف من مراكز التدريب المحلية الأصغر وأكثر من 3000 مدرسة رياضية تديرها الحكومة و20 برنامجًا رئيسًا و200 برنامج فرعي.
ووفق الإحصاءات التي نشرتها تقارير صحفية سابقة، فإن واحدا من بين كل ثمانية من طلاب المدارس الرياضية يصل إلى فريق المقاطعة، ومن بين هؤلاء يصل ثلثهم في النهاية إلى المنتخب الوطني ونحو خمسة أعضاء الفريق الوطني يصلون للتدريب في الفرق الأولمبية، لكن واحدًا من كل ثمانية منهم فقط يقوم بالمشاركة النهائية في الأولمبياد، في عملية انتقائية تحرص على انتخاب أكفأ العناصر والمواهب الرياضية لتحقيق إنجازات في المنافسات عالية المستوى.
وعلى الرغم مما يقال من شدة التدريبات في مراكز الإعداد والتي يشبهونها في كثير من الأحيان بالمعسكرات، إلا أن الحافز المادي الذي تقدمه الحكومة للرياضيين يسهم في إقبال الأهالي على إرسال أبنائهم، الأمر الذي يعمل مع طول فترة الإعداد على إيجاد قاعدة عريضة من الأبطال في كافة اللعبات، وهو ما تفتقده المشاركات العربية التي في أحيان كثيرة يعجز المتسابقون فيها عن تحقيق أرقامهم السابقة أو الأرقام التي يحققونها خلال فترات التدريب التي تسبق إقامة الأولمبياد بشهور معدودة، وهو خلل في الإعداد الفني والبدني.