في الوقت الذي أعلنت فيه السلطات الصِّينية أنَّها رصدت بؤرًا وبائيَّة جديدة لفيروس كورونا "كوفيد19" في منطقتين إضافيتين، إحداهما تضمُّ مدينة يبلغ عدد سكَّانها 31 مليون نسمة، رجَّح الرئيس الأميركي جو بايدن أن تصدر قريبًا في الولايات المتحدة توصيات أو تفرض قيود صحيَّة جديدة لمواجهة الوباء، مرحِّبًا في الوقت نفسه بعودة عجلة التطعيمات إلى الدوران بسرعة في الولايات المتحدة.
إنَّ ذَيْنك الحدثين يؤكِّدان أنَّ فيروس كورونا لا يزال يواصل الانتشار والتحوُّر حاصدًا مزيدًا من الضحايا (مصابين ومتوفين)، وأنَّ هذا الفيروس لا يزال هو الأقوى والأكثر شراسة، فليس هناك ما يردعه ويحدُّ من انتشاره، وبالتَّالي السَّاحات أمامه مفتوحة، والفرص متاحة لكي يزداد قوَّة وشراسة، ويفتك بالمزيد، فلم يَعد هذا الفيروس مكتفيًا بما سجَّلته الإحصائيات حتى اليوم، وينظر إلى ما يزيد على أربعة ملايين حالة وفاة ومئات الملايين من حالات الإصابة على أنَّها أرقام لا تتناسب مع شراسته وسرعة انتشاره وكثرة تحوُّراته وتناسُل سلالاته.
إنَّ متحوِّر "دلتا" أصبح هو الشغل الشاغل لدى العديد من دول العالم؛ وذلك لسرعة انتشاره وقوَّة فتكه وشراسته، فقد أضحى يثير هذا المتحوِّر من فيروس كورونا قلَق الصين، حيث كشفت عن إصابات في مقاطعة فوجيان وبلدية تشونغتشينغ اللتين تضافان إلى المقاطعات الأربع والعاصمة بكين حيث أعلن عن إصابات بـ"دلتا" من قَبل. وأمرت سلطات نانجينغ شرق الصين، كُلَّ المواقع السياحية والأماكن الثقافية بعدم فتح أبوابها، بسبب زيادة معدَّلات انتقال العدوى على المستوى الوطني. وفي مؤشر إلى قلق السلطات في بلد تمكَّن من السيطرة إلى حدٍّ كبير على الوباء، أصبح مئات الآلاف من الأشخاص يخضعون للعزل في مقاطعة جيانغسو وعاصمتها نانجينغ، بينما أجبر سكَّان المدينة البالغ عددهم 9,2 مليون نسمة على إجراء فحصين. في حين قالت البيانات التي جمعتها مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها إنَّ متحوِّر "دلتا" يمكن أنْ يؤدي إلى إيقاع إصابات خطيرة بالأشخاص الذين لم يتلقوا اللقاح، بدرجة تفوق جميع المتحوِّرات المعروفة، مثل "ألفا" و"بيتا"، على ما أوردت صحيفة "واشنطن". وذكرت الصحيفة أنها اطلعت على البيانات التي كانت جزءًا من تقرير داخلي أعدَّته المراكز الأميركية، وأظهرت أنَّ "دلتا" شديد العدوى إلى درجة توازي فيروس الجدري، المعروف بشدَّة عدواه، الأمر الذي رجَّح الرئيس بايدن أنْ تتخذ بلاده إجراءات صارمة وملزمة.
يُرجع خبراء الصحَّة إلى أنَّ سبب الانتشار السريع وتحوُّر الفيروس هو الأفراد غير المطعَّمين وتجمُّعاتهم، على عكس الذين تلقوا التطعيم، وهو ما دفع الرئيس الأميركي إلى أنْ يحثَّ المواطنين الأميركيين إلى أخذ التطعيم، والإعلان عن إجراءات أشد وملزمة.
لذلك من الأهمية بمكان باتت مسارعة النَّاس إلى أخذ التحصين، والوعي بأنَّ اللقاحات أحد الأسباب المهمَّة والكفيلة للحدِّ من انتشار الوباء، وتناسُل سلالاته، وكذلك إحدى الوسائل المهمَّة لتخفيف شدَّة الإصابة به. وهنا في السلطنة تتواصل الحملة الوطنية للتحصين من مرض فيروس كورونا، وتمضي الجهود وفق ما هو مخطط لها، حيث يستمرُّ تطعيم من هم في سن 18 فما فوق من المواطنين والمُقيمين مع فتح باب التسجيل لأخذ الجرعة الثانية من اللقاح. لذا الاستجابة لنداء الوطن، والحرص على إنجاح الحملة الوطنية للتحصين من فيروس "كوفيد19" أمر في غاية الأهميَّة للحدِّ من تفشِّي الوباء، وللحدِّ من آثاره على جميع المستويات، فالوعي والالتزام مُهمَّان في هذه المرحلة، والفيروس لم ينتهِ.