مسقط -العمانية:
صدر مؤخرا للكاتب الدكتور ناصر بن محمد العوفي كتاب (فرح لم يكتمل) عن دار إبداع للنشر والتوزيع وهو عبارة عن مجموعة مختارة من المقالات دوّنها الكاتب من واقع تجاربه في الحياة ومع الناس من خلال سرد قصص بعض الشخوص في المجتمع ممن لم يكتمل مشهد الفرح لديهم لسبب أو لآخر ولم تستطع قلوبهم الصافية ملامسة البهجة حتى عند دنوّها منهم. الكتاب يقع في ١٣٥صفحة من القطع المتوسط ومن الموضوعات التي سلط عليها الكاتب الضوء في كتابه فلسفة الحياة والموت والأثر الذي يترك غياب البشر عن أحبابهم والغياب الذي تمارسه الحياة على البشر ممن افتقدوا الفرح في قلوبهم. يسأل العوفي في مقدمة كتابه: هل يكتمل الفرح؟ سؤال حاولت الإجابة عنه من بين سطور هذا الكتاب من خلال سرد قصص بعض الشخوص في المجتمع ممن لم يكتمل مشهد الفرح لديهم لسبب أو لآخر الكاتب تعمق حتى وصل إلى قاع المجتمع وسبر أغوار أطيافه المختلفة غنيّهم وفقيرهم مريضهم وعليلهم عالمهم وجاهلهم، فتلمس الفرح داخل كل فرد من هؤلاء ورأى من اكتمل فرحه ومن اكتمل حزنه ومن هو بين هذا وذاك وعلم أن أسوأ هؤلاء حظا هو من لم يكتمل فرحه بعد. وضع العوفي في هذا الكتاب ثمانية وعشرين عنوانا لمقالات عن قصص لا تنتهي، بدأها بموضوع حمل عنوان (الأرواح الطيبة، عبير يفوح بين حنايا القلب) تناول فيه شخصية المرحومة زوينة بنت حمد العوفية تلك الشخصية القيادية الوقورة التي عرفها المجتمع في ولاية بهلا عامة وقرية بسياء خاصة فيما حمل العنوان الثاني (الموت يغيب الوجوه لكن يبقى الأثر) حيث نجد الكاتب قد خصص هذا الموضوع للحديث عن عدد من

الشخصيات التي وافاها الأجل وفي مقدمتها شخصية المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه وتناول موضوع الغياب الذي تمارسه الحياة رحلة العمانيين قبل النهضة للبحث عن العيش والكسب الحلال. العوفي يمنح في هذا الكتاب جانب الإعاقة نصيبا وافرا مثل عنوان (الإعاقة قدرا
وليس ذنبا) تطرق الكاتب فيه إلى دور المجتمع في تقبل المعوق ومساعدته لكي يعيش حياة سعيدة ضاربا مثلا بالدور الذي قام به أحد الأهالي عندما رزق بابن معوق سماه سليمان من فئة متلازمة داون حيث بذل كل ما في وسعه من أجله وأصبح معروفا لدى المجتمع من خلال ما قام به واصطحاب ابنه إلى الفعاليات والمناسبات كافة، كما تطرق العوفي إلى الطلاب ذوي الإعاقة العقلية وأفرد للموضوع عنوان (الطلاب ذوو الإعاقة العقلية إلى أين؟) إضافة إلى عنوان (نماذج مشرفة لذوي الإعاقة البصرية). وفي الجانب المجتمعي الآخر ناقش الدكتور ناصر العوفي بعض المشاهد الواقعية في الحياة حيث تناول قصصا لا تنتهي مثل قصة ذلك الشاب اليتيم الذي عاش في ظروف أسرية صعبة إلا أنه كافح حتى حقق مبتغاه و(الطيور التي لا ترجع الى أعشاشها) و(إلى أين المسير). الكتاب في مجمله حديقة متنوعة يمكن أن يتعلم منها الإنسان وهي تحوي أحداثا واقعية يستطيع أن يحدد مكانه منها، نذكر منها موضوع الذئاب الجائعة، وطفولة لم تكتمل، والحقوق والواجبات كيف تكون؟، وإلى أين المسير، وأنسنيات، ولنراجع مراجعة الذات، وفرح لم يكتمل، ومحطات مجتمعية، وأيهما تختار الزواج أم التعليم، والعلاقات

الإنسانية بين القدرية والاختيارية، والحس الاجتماعي للمفردات، والكذب مرض اجتماعي، والجفاف الاجتماعي المنظور الحديث لشكل العلاقات بين أفراد المجتمع، والإرادة طريق نحو السعادة والأحلام الضائعة، والمتغيرات الاجتماعية وآثارها على القيم، وصور مجتمعية يجب مناقشتها، ولابد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر، ناقشت جميعها الكثير من الظواهر المجتمعية وتعمد الكاتب أن تكون عناوين كتابه ناطقة بشخوصها أو معايشة للواقع. يذكر أن كتاب (فرح لم يكتمل) هو الإصدار الأول للدكتور ناصر العوفي وهو تربوي حاصل على الدكتوراه والماجستير في العلوم الاجتماعية وعضو بجمعية الاجتماعيين.