أحمد صبري:
بإيجاز ودقَّة متناهيتين، جال الدبلوماسي والسياسي نديم أحمد الياسين على أبرز محطات علاقته بالرئيس الراحل صدام حسين طيلة أربعة عقود كانت مليئة بالتحديات والأزمات والمواقف والحوادث والإنجازات، هي من أشد فترات الإثارة في تاريخ العراق الحديث والمنطقة عموما، اختزنها في ذاكرته بعَيْن الراصد والمتابع، حيث كان قريبا من مصدر القرار السياسي ليقدمها للرأي العام من شاهد عيان عاش تفاصيلها كردٍّ على حملة الأكاذيب والافتراءات التي حاولت الإساءة للقيادة العراقية في تلك الفترة،
وتوقف الدكتور نديم أحمد الياسين مؤلف كتاب (40 عاما مع صدام حسين) الذي صدر في عمَّان مؤخرا عن بداية علاقته بصدام حسين عام 1964 أيام النضال السري على شكل محطات أبرزها (كيف تعرف عليه والقمم العربية، وأيام الزمن الصعب وأكذوبة شبيه صدام)، وهي مثابات عاش تفاصيلها واستلهم معانيها عبر رؤية الشاهد الذي كان يدون ويختزن ما جرى خلال تلك السنين، لا سيما قربه من صانع القرار وموجِّه الأحداث وخواتيمها.
وجولة الياسين منذ انخراطه بالعمل السياسي والصحفي والدبلوماسي والعمل في رئاسة الجمهورية مديرا لدائرة المراسم فيها، وهو المنصب الأهم الذي منحه الاقتراب من صدام حسين وترتيب اجتماعاته ولقاءاته مع الملوك والرؤساء والشخصيات العربية والدولية التي كانت تزور العراق وكيف واجه التحديات والأزمات عربية كانت أم دولية والضغوط التي حاولت النيل من العراق وما حققه من إنجازات أثارت غضب أعدائه.
وفي معرض سرده لوقائع بعض الأزمات التي عاشها، لا سيما الاجتياح العراقي للكويت وحرب الخليج الثانية عام 1991 وأزمات أخرى وكيف أدارها وواجهها، ورفض الإملاءات الخارجية التي كانت تستهدف العراق ومستقبله.. على حد وصف المؤلف.
ولم يغفل الياسين اللحظات والمواقف العاطفية والإنسانية التي كان يتمتع بها صدام حسين مع رفاقه والدائرة القريبة منه حتى في وقت الأزمات والتحديات ليعطي للجميع شحنة من الأمل والصبر والقوة في مواجهة الأزمات التي كان يواجهها العراق والثبات على المواقف.
والياسين منذ نعومة أظفاره ارتبط بحزب البعث العربي الاشتراكي، وتعرف مبكرا على (سامي) الاسم الحركي لصدام حسين في تلك الفترة في بواكير ارتباطه بالحزب، وتنقل بين مناصب ومهام متعددة؛ مدير عام في وزارة الإعلام، ومستشار صحفي في بيروت، وسفير في المغرب والسنغال ومواقع أخرى شغلها طيلة مشواره خلال 40 عاما، دوَّن أبرزها في كتابه الجديد الذي يُعد وثيقة وشهادة يقدمها للأجيال التي لم تعِشْ تلك الأحداث.
شهادة الياسين التي دوَّنها في كتابه الجديد تحكي قصة شعب اكتوى بنيران الحروب والحصار والأزمات وبقي صامدا في مواجهتها، عرض تفاصيلها الياسين وموجبات محركاتها عندما كان قريبا من مصدر القرار السياسي مدوِّنا لحظات عاشها كشاهد عيان؛ لينور الرأي العام العراقي والعربي بحقائق تلك الأحداث بحلوها ومرها التي لم يطوِها النسيان.