كييف ـ عواصم ـ وكالات: استؤنفت أمس في مينسك مفاوضات السلام بين كييف والمتمردين الانفصاليين الموالين لروسيا بعد اربعة اشهر تقريبا من توقفها ومع ارتفاع حصيلة ضحايا النزاع إلى أكثر من 4700 قتيل.
وبعد اكثر من أسبوعين من التشكيك قرر الاطراف الجلوس على طاولة المفاوضات ، كما قال دنيس بوشيلين مفاوض جمهورية دونيتسك الانفصالية المعلنة من جانب واحد.
وكان الرئيس الاوكراني بترو بوروشنكو اعلن الاثنين عن استئناف مفاوضات السلام في مينسك بعد اكثر من اسبوعين من التشكيك بموعدها.
وأعلنت منظمة الامن والتعاون في اوروبا والمتمردون وسلطات بيلاروس امس انعقاد اللقاء بين ممثلي اوكرانيا والانفصاليين وروسيا والمنظمة.
ومثل روسيا سفيرها في اوكرانيا ميخائيل زورابوف واوكرانيا بالرئيس السابق ليونيد كوتشما. اما الجمهورييتان الانفصاليتان فسيمثل كل منها موفد خاص. وفي حال تحقق تقدم سينضم "رئيسا الجمهوريتين" الى المفاوضات.
وتهدف المحادثات الجديدة الى احياء عملية السلام التي بدأت مطلع سبتمبر الماضي وادت الى اتفاقات تهدف خصوصا الى رسم حدود فاصلة بين المعسكرين. كما ادت الى اتفاق اول لوقف اطلاق النار في اوكرانيا صمد قليلا لكنه انهار بعد ذلك.
وكان بوروشنكو اكد مطلع ديسمبر ان اتفاقات مينسك التي وقعت في الخامس من ديسمبر ستشكل "اساس تسوية سلمية" للنزاع.
وقالت ممثلة منظمة الامن والتعاون في اوروبا هايدي تيليافيني في تصريحات نقلتها وكالة الانباء انترفاكس-اوكرانيا ان اربعة ملفات ستناقش في مينسك هي وقف كامل لاطلاق النار وسحب الاسلحة الثقيلة وتبادل كل الاسرى وتسليم مساعدات انسانية الى المنطقة الخاضعة لسيطرة المتمردين.
ونقلت الوكالة عن ممثل المتمردين الانفصاليين دنيس بوشيلين ان المتمردين يأملون في بحث مسألة "رفع الحصار الاقتصادي" عن هذه الاراضي التي قطعت كييف تمويلها منذ منتصف نوفمبر، وتطبيق قوانين اوكرانية تنص على مزيد من الاستقلال للمنطقة والعفو عن بعض المقاتلين المتمردين.
من جانبه اتهم الجيش الأوكراني في منطقة دونباس الانفصاليين المواليين لروسيا بانتهاك الهدنة هناك، وذلك قبل وقت قصير من بدء المباحثات.
وقال الجيش إنه تم إطلاق النيران بالمدافع وقذائف الهاون25 مرة على مواقع للقوات الأوكرانية في إقليمي دونتسك ولوهانسك.
ورفضت كييف بشكل قاطع حتى الآن تجديد تمويل المناطق المتمردة وتطالب من جهتها بالغاء التصويت الانفصالي الذي جرى الشهر الماضي في "الجمهوريتين" الانفصاليتين المعلنتين من جانب واحد.
وقال ايغور بلونيتسكي احد قادة المتمردين في تصريحات نقلها مكتبه الاعلامي انه اذا تم التوصل الى اتفاق بين الاطراف، فستوقع الوثائق الرسمية في الاجتماع المقبل الجمعة.
وتأتي هذه الدورة الجديدة من محادثات السلام بالتزامن مع توتر جديد بين موسكو وكييف.
فقد تبنى البرلمان الاوكراني الذي يهيمن عليه الموالون للغرب باغلبية كبيرة مشروع قرار ينص على تخلي اوكرانيا عن وضع الدولة غير المنحازة، الذي كان يبعدها على غرار سويسرا عن الانضمام الى التحالفات العسكرية وبالتالي لا تلعب اي دور في الحروب.
وأصبحت اوكرانيا دولة غير منحازة في عهد الرئيس فكتور يانوكوفيتش في 2010.
ورحب بوروشنكو الذي يفترض ان يوقع النص، بالتصويت. وقال في تغريدة على موقع تويتر "اخيرا صححنا هذا الخطأ". واضاف ان "التكامل الاوروبي والاورو-اطلسي طريق لا بديل له لاوكرانيا".
وكان بوروشنكو اكد ضرورة تبني هذا النص بسبب "العدوان" العسكري الروسي على اوكرانيا.
وقالت ملاحظة كتبت على مشروع القانون انه في مواجهة "الضم غير الشرعي" من قبل موسكو لشبه جزيرة القرم الاوكرانية و"التدخل العسكري" الروسي في شرق اوكرانيا، على الدولة "البحث عن ضمانات اكثر فاعلية للامن والسيادة".
وتعليقا على هذا القرار، قال وزير الخارجية الروسي في تصريحات بثها التلفزيون الحكومي الروسي ان القانون "سيؤتي نتائج عكسية ويوحي بأنه سيسمح بتسوية الأزمة الداخلية العميقة التي تمر بها اوكرانيا".
وأكد لافروف انه "يجب وقف تأجيج أجواء المواجهة"، مؤكدا انه "سيكون من الاجدى لاوكرانيا ان تبدأ اخيرا حوارا مع قسم من شعبها تم تجاهله بالكامل" في الشرق الموالي لروسيا.
من جهته قال رئيس الوزراء ديمتري مدفيديف ان "التقدم بطلب لعضوية الحلف الاطلسي سيحول اوكرانيا الى خصم عسكري محتمل لروسيا".
وحذر من ان تخلي اوكرانيا عن الحياد والقرار الذي وقعه الرئيس الاميركي باراك اوباما الجمعة بفرض عقوبات جديدة على روسيا "سيكون لهما انعكاسات سلبية للغاية". وكتب على صفحته على فيسبوك "سيتعين على بلادنا الرد على ذلك".
وانتقدت روسيا خطط أوكرانيا الرامية للانضمام لحلف شمال الأطلسي "ناتو" معتبرة إياها "غير بناءة".
ومشيرا لذلك قال نائب وزير الدفاع الروسي أناتولي أنتونوف أمس في موسكو إن قرار البرلمان الأوكراني بشأن إنهاء صفة عدم الانحياز يوتر الوضع و لا يصب في مصالح أوكرانيا.
واتهم المسئول الروسي حلف الناتو بأنه ألح على أوكرانيا لاتخاذ هذه الخطوة لجعل أوكرانيا "رأس جسر في المواجهة مع روسيا" وقال في تصريح لوكالة أنباء انترفاكس الروسية إن روسيا ستأخذ ذلك في الاعتبار في سياستها المستقبلية.
وكان البرلمان الأوكراني قد اعتمد بالأغلبية قانونا لإنهاء حالة الحياد في خطوة تهدف القيادة الأوكرانية الموالية للغرب من ورائها لتمهيد الطريق للانضمام للناتو وهو ما تراه روسيا تهديدا لأمنها القومي.