[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/adelsaad.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]عادل سعد[/author]
كيف لنا أن نودع عام 2014 عربيًّا دون أن يرافقنا عسر هضم عام نحمله إرثًا للعام الجديد 2015 في أكثر من ميدان واحد لعل أكثره ثقلًا ما يجري اقتصاديًّا في عدم وجود أية مؤشرات يمكن أن توفر لنا بعض الأمل في نمو متوازن على صعيد عدة بلدان عربية نتيجة التذبذب الحاصل في التنمية والنقص المتواصل في إرادة الاكتفاء الذاتي من خلال الاعتماد على واردات تصل إلى حد 75% من مجمل الحاجات والمستهلكات الأساسية مع نمو هزيل في الهامش الإنتاجي يتراوح أدناه إلى أقل من نصف 1%، وفي أحسن الأحوال إلى ارتفاع لا يتجاوز 2 إلى 3% مع زيادة واضحة في معدلات البطالة لدى أكثر البلدان العربية سكانًا.
وكيف لا تكون هناك غصة في هذا الميدان وما زالت التجارة العربية العربية البينية لم تغادر 6 إلى 7% من عموم التجارة العربية، في حين تكثف أغلب بلدان العالم توجهاتها التكتليه لتحسين أداء الشراكة والتعاون بينها من أجل المساعدة على تقاسم الهموم والتحديات والفوائد.
وكيف لا يكون إرثنا في الميدان السياسي بمعدلات مشابهة للإرث الاقتصادي، ونحن نتقاسم صكوك الاتهامات والتخوين ومحاولات إقصاء الآخر وإعلان الحرب على كل ما من شأنه أن يكون مجالًا ملائمًا لكسب فرص الحوار، ومن ثم السلام الضائع الآن تحت طاولات جامعة الدول العربية التي هي الآن بمثابة متحف لذاكرة الحوار دون أن يتمكن أحد من إعادة قراءة الملفات المتراكمة، سواء كان ذلك في مجالات العمل المشترك الإقليمي أو في إطار علاقة العرب مع المجتمع الدولي، ولولا بعض النسيج السياسي المتماسك جزئيًّا إزاء القضية الفلسطينية لتم إعلان وفاة العمل العربي المشترك إلا في بعض المواقع والتكتلات التي لم تسلم هي الأخرى من منغصات وهموم وشكوك وشكاوى.
وكيف لنا أن لا نحمل عسر الهضم في الأمن والسلام ونحن نرث من عام 2014 قائمة طويلة من الخنادق، والتحصن بالعنف المغلق، والنزوع إلى القتل والاختطاف والتنكيل والتدمير ومحاولة إلغاء الآخر وإقصائه من المشهد الحياتي إلى حد دخول الأطفال قائمة المساومات ضمن عمليات قتل وخطف وتغيير في الهويات وإخفاق، إنه واضح في المشاهد العراقية والسورية والليبية وجزئيًّا في لبنان ومصر، وإذا أردنا تفصيلًا أكثر في هذا المضمار فيكفي أن نشير إلى أن حركة النزوح والتهجير والمتاجرة بالبشر صارت عناوين يومية دون أي خجل أو رأفة أو مراجعة.
وكيف لنا أن لا نرث عسر الهضم للعام الجديد وقد تحولت أغلب وسائل الإعلام من شبكات تلفاز وبث إذاعي وصحف ومواقع إلكترونية إلى ساحات للشتم وتخوين الآخر وادعاء القدسية والإخفاء المتعمد لأي نقاط يمكن أن تكون نواة للحلول، في حين تكاثر علينا (الممثلون) الدوليون لإصلاح ما بنا على غرار ما يفعله (المعلمون) في مدارس التربية الأساسية المختصة بمعالجة أوضاع التلاميذ ذوي العاهات، وكيف له أن لا يكون عسرًا حقيقيًّا للهضم ومؤسساتنا التعليمية العليا تخوض في جهود أغلبها نظري، في حين أن العالم يتجه إلى التعليم التطبيقي الذي يأخذ بالحاجة إلى التنمية التقنية التي من شأنها أن تقلل حجم الاندثار والتلف.
نحن عربيًّا أصحاب مواقف كبيرة في عقد الولائم وكتابة أحسن الخطب والتعبير عن أكثر الآمال والأماني تطلعًا، ولكن حين يأتي الأمر إلى التنفيذ تتقاسمنا هموم الريب والشكوك، نحن الآن بحاجة ماسة إلى زرقاء يمامة تعيد الاعتبار للبصر والبصيرة، وكذلك نحن بحاجة إلى من يصدّق بها لا أن ينقل لها مرض قصر النظر.