دونيتسك (أوكرانيا) ـ عواصم ـ وكالات: أعلن زعيم الانفصاليين دينيس بوشيلين امس أن مجموعة الاتصال الخاصة بالأزمة الأوكرانية تعتزم استئناف مباحثات السلام في العاصمة البيلاروسية مينسك اليوم الجمعة، وفقا لوسائل إعلام.
وقال بوشيلين إن المباحثات التي تم إجراؤها بشأن الأزمة الأوكرانية اتسمت بـ "الطابع التحضيري" للمباحثات. وأضاف أن نتائج هذه المباحثات الأولى يمكن أن تظهر عند استئناف الاجتماع في مينسك. تجدر الإشارة إلى أن هذه المباحثات التي بدأت أمس والتي سيتم استئنافها غدا، تعد أول مباحثات لمجموعة الاتصال بعد مرور نحو ثلاثة أشهر على آخر مفاوضات سلام تم إجراؤها في مينسك أيضا في سبتمبر الماضي.
ويسعى الانفصاليون الموالون لروسيا في هذه المباحثات إلى إلغاء الحكومة الأوكرانية للحصار الاقتصادي الذي تفرضه على منطقة النزاع في دونباس. وتطرق مباحثات مينسك أيضا لمناقشة تعزيز الهدنة الهشة التي تم الاتفاق عليها منذ شهور في شرق أوكرانيا وكذلك لمناقشة موضوع تبادل السجناء. وعلى الجانب الآخر ترغب الحكومة الأوكرانية في إعادة فرض سيطرتها على منطقتي دونيتسك ولوهانسك اللتان تسعيان للاستقلال. جدير بالذكر أن مجموعة الاتصال الخاصة بالأزمة الأوكرانية تضم ممثلين من أطراف النزاع ومن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا وكذلك من روسيا. وقال دينيس بوشيلين موفد "جمهورية دونيتسك الشعبية" المعلنة من جانب واحد شرق اوكرانيا لموقع الكتروني للانفصاليين بعد هذه المحادثات "كان لقاء تمهيديا صعبا وموعد اللقاء المقبل لم يحدد بعد". وكرر موفد "جمهورية" لوجانسك الانفصالية فلاديسلاف دينيجو ايضا الامر نفسه. لكن رئيس "جمهورية دونيتسك" الكسندر زاخارتشنكو ذكر بان "هناك دورة ثانية (من المفاوضات) مقررة" بدون ان يضيف اي تفاصيل. وكان يفترض ان يعقد لقاء الجمعة بحضور رئيسي الجمهوريتين الانفصاليتين في حال نجاح الاجتماع. وشارك في المفاوضات الرئيس الاوكراني الاسبق ليونيد كوتشما والسفير الروسي في اوكرانيا ميخائيل زورابوف وممثلة منظمة الامن والتعاون في اوروبا هايدي تاليافيني وممثلي الانفصاليين.
وكان المستشار الدبلوماسي للرئاسة الاوكرانية فاليري تشالي صرح انه لا يتوقع التوصل الى نتائج. وقال ان "العمل سيبدأ ليعطي نتيجة ملموسة مساء الجمعة". من جهته، قال ايغور بلونيتسكي احد قادة المتمردين في تصريحات نقلها مكتبه الاعلامي قبل الاجتماع انه اذا تم التوصل الى اتفاق بين الاطراف، فستوقع الوثائق الرسمية في الاجتماع المقبل الجمعة.
وكان الرئيس الاوكراني بترو بوروشنكو اعلن الاثنين عن استئناف مفاوضات السلام في مينسك بعد اكثر من اسبوعين من التشكيك بموعدها.
وتهدف المحادثات الى احياء عملية السلام التي بدأت مطلع سبتمبر الماضي وادت الى اتفاقات تهدف خصوصا الى رسم حدود فاصلة بين المعسكرين. كما اسفرت عن اتفاق اول لوقف اطلاق النار في اوكرانيا صمد قليلا لكنه انهار بعد ذلك. واكد بوروشنكو مطلع ديسمبر ان اتفاقات مينسك التي وقعت في الخامس من ديسمبر ستشكل "اساس تسوية سلمية" للنزاع.
وقالت ممثلة منظمة الامن والتعاون في اوروبا في تصريحات نقلتها وكالة انباء انترفاكس-اوكرانيا ان اربعة ملفات ستناقش في مينسك هي وقف كامل لاطلاق النار وسحب الاسلحة الثقيلة وتبادل كل الاسرى وتسليم مساعدات انسانية الى المنطقة الخاضعة لسيطرة المتمردين. ونقلت الوكالة عن ممثل الانفصاليين دنيس بوشيلين ان المتمردين يأملون في بحث مسألة "رفع الحصار الاقتصادي" عن هذه الاراضي التي قطعت كييف التمويل عنها منذ منتصف نوفمبر، وتطبيق قوانين اوكرانية تنص على مزيد من الاستقلال للمنطقة والعفو عن بعض المقاتلين المتمردين. ورفضت كييف بشكل قاطع حتى الآن اعادة تمويل المناطق المتمردة وتطالب من جهتها بالغاء التصويت الانفصالي الذي جرى الشهر الماضي في "الجمهوريتين" الانفصاليتين المعلنتين من جانب واحد. وتأتي هذه الدورة الجديدة من محادثات السلام بالتزامن مع توتر جديد بين موسكو وكييف بعد تبني البرلمان الاوكراني الذي يهيمن عليه الموالون للغرب بأغلبية كبيرة مشروع قرار ينص على تخلي اوكرانيا عن وضع الدولة غير المنحازة، الذي كان يبعدها على غرار سويسرا عن الانضمام الى التحالفات العسكرية وبالتالي لا تلعب اي دور في الحروب. وتعليقا على هذا القرار، قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في تصريحات بثها التلفزيون الحكومي الروسي ان هذا القانون "سيؤدي الى نتائج عكسية" والى "تأجيج اجواء المواجهة". وفي سياق منفصل شهدت منطقة القرم أمس انقطاعا كبيرا في التيار الكهربائي بعد ان اوقفت اوكرانيا امدادات الكهرباء للمنطقة بشكل مفاجئ، ما ادى الى حدوث فوضى في الشوارع واغلاق المستشفيات وانتشار الذعر في شبه الجزيرة التي انضمت الى روسيا في مارس. وتوقفت محطات القطار والشركات والمطار عن العمل، كما انطفأت اشارات المرور ما تسبب في فوضى في حركة السيارات في مدينة سيمفيروبول الرئيسية، وعلق العديد من الناس في المصاعد. وقال وزير الطاقة في القرم سيرغي يغوروف ان وصول التيار الكهربائي من اوكرانيا توقف، علما بان شبه الجزيرة تحصل على اكثر من 80% من امداداتها من الطاقة من اوكرانيا. ونظرا لان انقطاع التيار جاء دون سابق انذار، فلم تكن المحطات الاحتياطية العاملة بالغاز مستعدة للعمل، بحسب الوزير. واكد وزير الطاقة الاوكراني فولوديمير ديمشيشين ان كييف قطعت التيار الكهربائي عن القرم، وقال ان استهلاك تلك المنطقة من الكهرباء زاد عن الحد المتفق عليه في العقد، في الوقت الذي تضطر فيه اوكرانيا نفسها الى الترشيد في استهلاك الكهرباء. وعاد التيار الكهربائي بعد ثلاث ساعات. وقال ديمشيشين ان اوكرانيا تقتصد في استهلاك الطاقة بعد ان اوقفت روسيا تسليمها شحنات الفحم، مضيفا انه يجري محادثات مع نظيره الروسي بشان استيراد الفحم والكهرباء. وقال رئيس وزراء اوكرانيا ارسيني ياتسينيوك ان سوق الطاقة الاوكراني "في حالة طوارئ" خلال الاشهر الثلاث الماضية، واضطرت كييف الى قطع الكهرباء على العديد من المناطق ومن بينها تلك الواقعة تحت سيطرة روسيا. واضاف في اجتماع للحكومة "اذا كانت لا توجد انارة في اوكرانيا فان المناطق التي تسيطر عليها روسيا مؤقتا لن يكون فيها انارة كذلك".
وكانت موسكو ضمت القرم في مارس بعد ان اجرت استفتاء مثيرا للجدل لم تعترف به كييف والغرب.
وترتبط شبه الجزيرة بروسيا لكنها تحصل على الكهرباء والماء والغاز ومعظم الامدادات الاخرى من اوكرانيا.